وزير التموين ورغيف الخبز
أصدر الدكتور على المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، قرارًا وزاريًّا جديدًا، يحمل رقم «156»، لسنة 2018، بشأن تواجد البطاقات التموينية لدى أصحاب المخابز والبقالين.. ونص القرار على أنه يحظر على البدالين التموينيين، والمخابز التموينية، الاحتفاظ بأي بطاقة تموينية بسبب أو بدون سبب بمحالهم، وأنه في حالة وجود أي بطاقة لدى المخبز أو البقالة، يتم تنفيذ العقوبات الواردة بالقرار الوزاري رقم «183» لسنة 2017، مع القرارات الوزارية المدنية لذلك مع توجيه إنذار نهائي للمنفذ، وفي حالة تكرار ذلك يتم سحب الترخيص نهائيًا.
كما نص القرار على أنه يتم إنذار المواطن صاحب البطاقة التموينية التي تم ضبطها لدى البدال أو المخبز، بإلغاء البطاقة، وفي حالة تكرار ضبط البطاقة يسقط حق صاحب البطاقة المضبوطة أو أحد المستفيدين بهما المطالبة بإعادة تشغيل البطاقة مرة أخرى، حيث يتم إلغاؤها ئهائيًا.. ومن المقرر تطبيق القرار، اعتبارًا من بداية شهر سبتمبر المقبل «1 - 9 - 2018».
ويحاول وزير التموين من خلال هذا القرار السيطرة على سرقة الدعم والتلاعب بالبطاقات التموينية، لكن هناك ما هو أجدى بالملاحظة والتدقيق والمتابعة، ومن ذلك رغيف الخبز الذي صار يصل نصفه فقط للمواطن البسيط بعد أن استطاع أصحاب المخابز - بواسطة من بعض مفتشي التموين المرتشين – أن يأكلوا نصفه الآخر، فبعد زيادة أسعار الوقود السابقة مباشرة..
ورغم إعلان الوزارة أنها تتحمل فارق السعر الناتج عن ارتفاع الوقود ليظل الرغيف على وزنه الثابت المقرر من الوزارة وهو 110 جرامات، لكن ما حدث أن معظم أصحاب المخابز لم يلتزموا بذلك في ظل غياب الرقابة، وإن وجدت فهي معظمها رقابة مرتشية، فصار وزن الرغيف حاليا وفى أحسن الأحوال 85 جرامًا..
وفي القرى مثل قرى المنوفية والشرقية والبحيرة لا يتعدى وزن الرغيف الـ65 جراما، وقد أحضر لي بعض الأصدقاء عينات من هذه الأرغفة لأزنها بنفسي فلم أصدق ما أراه من رداءة الرغيف وسرقة نصفه تقريبا – وهذه العينات عندي لمن أرادها من المسئولين، وعندي عناوين المخابز التي تخرجها- ورغم ذلك أكد لي البعض أن المخابز في القرى تقدم الرغيف في مدى ساعتين فقط ثم تغلق أبوابها بحجة عدم توافر الدقيق، وطبعا عادت طوابير الخبز بشدة في تلك القرى وصارت التقاتل سمة يومية من أجل الحصول على رغيف الخبز.
ويذكر لنا مسئولو التموين أن الوزارة تحدد وزنًا يقدر بـ110 جرامات لكل رغيف مدعم يخرج من الأفران التي تعمل في منظومة إنتاجه، وهى منظومة تختلف عن منظومة إنتاج الخبز السياحي، الذي أصبح تقدير وزنه وفقًا لمعايير تنافسية، بعد تحرير سعر الدقيق الداخل في إنتاجه، ولهذا تتولى الوزارة – كما يزعم المسئولون- الإشراف على تلك الأفران، من خلال حملات يومية، تعمل في إطار خطة، يتم اعتمادها شهريًّا، تتغير ملامحها بحيث تشمل مختلف أنحاء الجمهورية، وترصد كل أشكال المخالفات، سواء البيئية أو الصحية أو التلاعب في الأوزان.
وطبعا هذا كلام لا أساس له من الصحة أو الواقع، وأتحدى المسئولين في أن يقوموا بزيارة القرى وحتى المدن المختلفة ورؤية ما أصبح عليه الرغيف، وعودة طوابير الخبز ببشاعة ورداءة الرغيف، وأنا على أتم استعداد لمصاحبتهم في هذه الجولة وأتحمل أي مسئولية إن لم يثبت صحة ما أقول، لكن طبعا سيادتهم يعلمون الحقيقة ويكذبون.
ويبرر أصحاب المخابز سرقتهم بأنه لم تختلف تكلفة دعم صناعة الرغيف عن الأسعار المتفق عليها منذ ثلاث سنوات ونصف السنة، وهى 122 جنيها للجوال، وبدلًا من أن تراعى الدولة – كما يذكرون - التغيرات الكبيرة في الأسعار وجدنا حديثًا عن رفع الدعم عن الدقيق المقدم للمخابز.
وملايين الأسر لا تحصل الآن عما تستحقه من دعم في الخبز، فتلجأ إلى الخبز السياحي – الباب الخلفي لسرقة الدقيق، حيث يبيع أصحاب المخابز جزء من حصتهم لهذه المخابز السياحية، أو أصحاب محال الحلويات والأفران الإفرنجية، أو حتى لأصحاب بعض المستودعات الذين يقومون بنخيل الدقيق ورفع رتبته لبيعه بأسعار مرتفعة جدا – الذي يتم بيعه بأوزان مختلفة وبأسعار متباينة، فقد تراوحت تكلفة الرغيف السياحي في بعض المناطق بين 35 قرشًا و50 و75 و150 قرشا، بأوزان قدرت بين 50 و75 و90 و100 و115 جرامًا.
فهل سيأتي يوم نشهد فيه التزام المخابز بتقديم رغيف خبز أدمي للمصريين خاصة في القرى والنجوع؟ وأن تختفي الطوابير التي يتقاتل فيها الناس على الرغيف؟ وأن نجد الأفران تفتح أبوابها إلى الساعة الخامسة مساء في ظل ما بشرنا به وزير التموين من وجود مخزون ضخم من الأقماح وزراعة أراض شاسعة من ذلك المحصول الإستراتيجي؟