رئيس التحرير
عصام كامل

صناعة الدواء تحذر السعودية من قيود على الواردات الألمانية

فيتو

تستشعر الصناعات الدوائية الألمانية الآثار المترتبة على الأزمة الدبلوماسية بين الرياض وبرلين، إذ حذرت من أن القيود القائمة عليها قد تضر بالمرضى السعوديين أولًا وتنال من فرص الاستثمار في المملكة في المستقبل.

في خطاب قوي اللهجة إلى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، اطلعت رويترز على نسخة منه، سلطت اتحادات الدواء الألمانية والأوروبية والأمريكية الضوء على مستوى القلق في ألمانيا وفي مناطق أخرى بشأن شروط التوريد الصارمة التي طبقتها الرياض ردًا على انتقادات لسياساتها.

وقال أوليفر أومز من غرفة التجارة والصناعة الألمانية في الرياض: "على مدى الأشهر الستة الأخيرة تجد شركات الرعاية الصحية الألمانية صعوبة في العمل في السعودية.. إنها ليست مقاطعة عامة لكن قطاع الرعاية الصحية يعاني بوضوح".

وفي حين سيطر الخلاف المتعلق بحقوق الإنسان بين السعودية وكندا على عناوين الأخبار في الأسابيع الأخيرة، كانت ألمانيا منخرطة في مشاحنة أخرى مع المملكة الغنية بالنفط منذ نوفمبر الماضي.

فقد شجب وزير خارجية ألمانيا آنذاك، زيغمار غابرييل، ما قال إنها "روح المغامرة" في الشرق الأوسط في تصريحات رأى البعض فيها هجومًا على سياسات بسط النفوذ التي تنتهجها السعودية على نحو متزايد. من جانبها استدعت الرياض سفيرها في ألمانيا بعد التصريحات "المشينة" على حد قولها.

منذ ذلك الحين حاولت المستشارة أنغيلا ميركل تخفيف التوترات حيث تحدثت مع الأمير محمد بالهاتف. لكن الخلاف استمر ويقول مسئولون ألمان إن شركات مثل سيمنس هيلثينيرز وباير وبوهرنغر إنغلهايم أصبحت مستبعدة من مناقصات الرعاية الصحية العامة في السعودية.

تداعيات سلبية كبيرة
خرجت أنباء إلى العلن في مايو مفادها أن السعودية تعاقب الشركات الألمانية، لكن وجود الرسالة، المكتوبة بتاريخ 12 حزيران/ يونيو الماضي والموجهة إلى الأمير محمد، لم ترد في أي تقارير من قبل.

يشار إلى أن رئيس لجنة الشئون الخارجية بمجلس الشيوخ السعودي زهير الحارثي لم يستبعد، في حوار خاص بـDW عربية في نوفمبر الماضي، أن تلجأ المملكة لكل الوسائل المشروعة لتحقيق مصالحها، ومنها “العقوبات الاقتصادية”.

يقول الخطاب المرسل من اتحادات الدواء الألمانية والأوروبية والأمريكية: "قد يكون لهذا الإجراء تداعيات سلبية كبيرة على الإمداد المستدام لأدوية مبتكرة وضرورية للغاية لمعالجة المرضى في المملكة العربية السعودية."

ويضيف أن قرارًا باستبعاد المنتجات ألمانية الصنع من عملية التوريد السعودية المركزية للمستلزمات الطبية "من المرجح أن ينال بدرجة كبيرة من نظرة الصناعة للسعودية كموقع للاستثمار في الأدوية المبتكرة في المستقبل".

وأحجمت الاتحادات عن التعليق لكن مسؤولين ألمانًا قالوا إنه لم يرد رد من السعوديين وإن الوضع لم يتحسن منذ إرسال الخطاب.

ولم ترد السلطات السعودية حتى الآن على طلب للتعقيب.

الجدير ذكره أن السعودية أكبر سوق أدوية في الشرق الأوسط وأفريقيا بمبيعات بلغت 7.6 مليار دولار العام الماضي وفقًا لشركة معلومات الرعاية الصحية إكفيا.

وفي ظل العبء المتزايد لأمراض مزمنة ترتبط بتنامي نمط الحياة الغربية، فإن سوق العقاقير السعودية تنمو عشرة بالمائة سنويًا في حين ينمو قطاع مناقصات التوريد نحو 30 بالمائة.

وتخلو قائمة أكبر عشرة موردي أدوية إلى المملكة من باير وبوهرنغر. وتتصدر تلك القائمة نوفارتس وفايزر وشركة تبوك السعودية وفقًا لبيانات إكفيا.

وتراجعت الصادرات الألمانية إلى السعودية خمسة بالمائة في النصف الأول من 2018. وبلغ مجموعها 6.6 مليار يورو في 2017 منها ما يقدر بنحو 15 بالمائة من قطاع الرعاية الصحية.

سيمنس تطلب مساعدة السلطات الأمريكية
امتنعت باير وبوهرنغر عن التعليق. لكن سيمنس هيلثينيرز التي تنتج أجهزة الأشعة السينية والرنين المغناطيسي فضلًا عن أدوات التشخيص، أقرت بأن نشاطها في السعودية تأثر وقالت إنها لجأت إلى السلطات الأمريكية طلبًا للمساعدة في إنهاء الأزمة.

وقال متحدث باسم وحدة سيمنس "قرار الحكومة السعودية يؤثر بالفعل على نشاطنا المحلي". ولا تذكر الوحدة أرقامًا منفصلة لحجم نشاطها السعودي. وأضاف "نعمل على التوصل إلى حل بالتعاون مع السلطات الأمريكية لتعبئة سلاسل توريداتنا العالمية من أجل التغلب على قيود وزارة الصحة السعودية"، لكنه لم يذكر تفاصيل.

خلاف "ضار"
ووصف يوهان فادبول، عضو البرلمان البارز من حزب ميركل الاتحاد الديمقراطي المسيحي، الخلاف مع السعودية بأنه "ضار جدًا". وقال في تصريحات لرويترز "هل ينبغي أن يكون هناك تضامن مع كندا؟ نعم.

لكن لا أعتقد أنه ينبغي أن يكون محور السياسة الخارجية الألمانية في المنطقة. وينبغي أن ينصب على تحسين العلاقات مع السعودية. لسوء الحظ، لم نحقق هذا حتى الآن".

خ.س/ع.غ (رويترز)

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل


الجريدة الرسمية