مليون شخص استفادوا من مشروع «ترجمة الحرمين».. هل تفعلها مصر؟
قبل نحو شهر من الآن أجرت «فيتو» حوارًا مع الدكتور أنور مغيث، رئيس المجلس القومي للترجمة، وبحثت معه في كل الاتجاهات، كيف يمكن الاستثمار في الثقافة والترجمة، لنقل حضارة العالم إلى العقل المصري والعكس، ولكن يبدو أنه كان هناك من يريد تنفيذ التجربة ولكن في السعودية، التي نجحت في تنفيذ برنامج، استفاد منه مليون إنسان، حمل اسم «مشروع الترجمة في الحرمين الشريفين».
سعت المملكة لنشر ثقافتها القائمة على الدين في المقام الأول، من خلال المشروع العملاق، الذي أنشأته الرئاسة العامة لشئون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف عام، لترجمة خطب الجمعة في الحرمين الشريفين للمصلين غير الناطقين بالعربية، لتصل رسالة الخطبة إلى المسلمين بلغاتهم، مع التركيز على عدد من الجوانب المهمة، كالترجمة الفورية للخطب والدروس العلمية والعناية بنشر الكتب والرسائل والمطويات بشتى اللغات الحية وإيصال الرسائل التوعوية في آداب الحرمين وتوجيه رواده.
في خلال وقت وجيز، أصبح مشروع الترجمة في الحرمين الشريفين، من أهم المشروعات التي تفخر الرئاسة العامة لشئون المسجد الحرام والمسجد النبوي بالعمل عليها، لما تحمله من رسالة عظيمة تنقل إلى غير الناطقين بالعربية محتوى الخطب في الحرمين الشريفين بلغاتهم المختلفة، كما يعد إنجازًا كبيرًا ونقلة نوعية وإضافة مميزة للارتقاء بمنظومة الخدمات المقدمة في الحرمين الشريفين لا سيما فيما يتعلق باستفادة رواد الحرمين الشريفين من الخطب والدروس بألسنتهم ولغاتهم.
كان المشروع وضعت بذرته بناء على توجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، لتبادل الجهات المعنية على الفور، بالإعداد لهذا المشروع وعقد اللجان والدراسات المستفيضة حوله ليظهر المشروع على أحسن مستوى، بما يلبي المقاصد والأهداف المرجوة منه.
ومع نجاح المشروع، وقعت المملكة اتفاقية تعاون في مجال ترجمة الخطب مع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وقامت الجامعة بموجب هذه الاتفاقية بترجمة خطب الجمعة والعيدين التي تُلقى عن طريق خطباء المسجد الحرام والمسجد النبوي طوال أيام السنة إلى اللغة الإنجليزية، وإتاحتها على الموقع الإلكتروني للرئاسة.
ومع انطلاق المشروع، ونجاحه المدوي، بدأت المملكة تدخل عصر الترجمة الفورية، وتوزيعها على قاصدي بيت الله الحرام مع تخصيص موقع لهم بتوسعة الملك فهد بالمسجد الحرام وكذلك التعاقد مع مترجمين مؤهلين يتولون الترجمة الفورية للغتين الإنجليزية والأوردية، ليكون في النهاية نواة لإنشاء إدارة للترجمة الفورية لخطب الجمعة في الحرمين الشريفين.
نجاحات المشروع وإنجازاته، قادت إلى استحداث الترجمة لأغلب لغات العالم، من الروسية والبنغالية، والصينية، والفارسية والتركية وحتى لغة الهوسا، لتضاف هذه إلى اللغات السابقة التي بدأ بها المشروع، وهي «الإنجليزية والفرنسية والأوردية والمالاوية»، ثم تمددت الطموحات لتنفذ المملكة مشروعا لتقديم خدمة الترجمة بلغة الإشارة، لمن حرموا نعمة السمع من قاصدي بيت الله الحرام، وعملت على استقطاب كوادر متخصصة على درجة عالية من التأهيل والخبرة للتعامل مع هذه الفئة الغالية على القلوب.
الترجمة تشكل الوعي، وتقاوم العنف والتطرف بشكل ذاتي، وتقيم علاقة ثقافية ووجدانية بين البلدان والشعوب، والرسالة لازالت مفتوحة للمسئولين، لإعطاء الترجمة حقها الذي تنبهت إليه دول الجوار، بما سيجعلهم خلال سنوات قليلة في مكان بعيد بعقود ضوئية عن مصر، رائدة الفكر والحضارة والتنوير!