السيسى .. يكسب!
التصريحات التى أدلى بها الفريق أول عبدالفتاح السيسي – وزير الدفاع والإنتاج الحربي القائد العام للقوات المسلحة – يوم السبت الماضي وحسم فيها التكهنات حول عودة العسكر إلى السياسية والانقلاب على الرئيس محمد مرسي، بتأكيده أن الجيش لن ينزل مجددا إلى الشارع، وأن الجيش ليس حلاً، مشددا على أن الوقوف أمام صناديق الاقتراع 15 ساعة أفضل من تدمير البلاد، جاءت لتؤكد أن الرجل يدرك تماما مخطط جر القوات المسلحة إلى "فخ الصراع السياسي" بما قد يؤثر على تماسك الجيش وقدرته على الصمود قويا بعيدا عن المؤامرات التى تحاك ضده.
أدرك السيسي جيدا أن المرحلة الانتقالية التى حكم فيها العسكر البلاد بقيادة المشير حسين طنطاوى ألحقت بالجيش أضرارا بالغة، فالشائعات والاتهامات طالت كل شىء داخل المؤسسة العسكرية، وأثرت على الهيبة التى تمتع بها عبر عقود عديدة، لكن وزير الدفاع استطاع خلال أشهر قليلة أن يعيد إلى القوات المسلحة ما فقدته حتى صار البعض يطالب الجيش بالعودة للحكم والانقلاب على المسار الديمقراطي .
السيسي، الذى قال البعض: إنه ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين مع تعيينه وزيرا للدفاع، أثبت للجميع أنه شخصية وطنية بامتياز، لا ينتمى للجماعة وفى الوقت ذاته لا يسقط فى فخ مطالبات بعض المعارضين بعودة الجيش، وربما كانت عبارته: "لا تلعبوا مع الجيش" رسالة إلى أطراف عدة فى الداخل والخارج، تعكس الوعي التام بالمؤامرات التى تستهدف جيش مصر الباسل.
نجح السيسي فى كسب قضية الجيش أمام الشعب، كما نجح فى كسب ثقة الجميع، واستطاع فى خلال الأشهر المعدودة التى تولى فيها مسئولية القوات المسلحة أن يحقق ما لم يحققه غيره على صعيد إعادة الاعتبار للجيش بعد الإساءة التى لحقت به، والهجوم على قاداته وأبرزهم السيسى نفسه من جانب بعض "الصغار".
السيسي كان موفقا جدا وذكيا للغاية حين قال: "فيه ضباط متضايقين وزعلانين من الإساءة التى وجهت إلى القائد العام خلال الفترة الأخيرة، إذا كان يكفيهم أن أتقدم لهم بالاعتذار فأرجو أن يتقبلوا اعتذارى، ما فيش أى حاجة تنال من معنوياتنا، وشرف لنا جميعا أن نكون أذلاء لله ولهذا الشعب العظيم، ولن نتجبر أبدا"، هكذا كانت الرسالة واضحة تعكس وطنية هذا القائد وحنكته وحرصه على بلده وشعبه، ولكل هذا كسب السيسي قضيته.