سوهاج- القاهرة.. رحلة «حمدي الصعيدي» سنويا لبيع الأضاحي (فيديو)
يجلس مستلقيا على "دكة" مرتديا جلبابًا وتعلو رأسه "طاقية"، أسفل سقف من القش يحميه من أشعة الشمس الحارقة، التي تظهر آثارها على ملامح وجه لا ينتمي لسكان القاهرة، ينصت إلى أصوات المارة في سوق المواشي بمنطقة السيدة زينب، وبنبرة صعيدية ينادي على من حوله، ويتحدث إليهم منتظرًا أن يبعث الله إليه بـ"زبون" يشتري من عجوله وخرافه التي يجلبها معه من الجنوب، إنه حمدي الصعيدي، بائع أضاحي.
على مدار عشر سنوات، وقبيل موسم عيد الأضحى بنحو عشرين يوما، يبدأ حمدي الصعيدي مشواره السنوي، يقطع فيه ثماني ساعات من بلدته سوهاج إلى العاصمة القاهرة، على عربة نقل، مع ما يملك من عجول وخراف، أملًا في أن يتمكن من حجز مكان له بين الباعة الآخرين في سوق المواشي بـ"السيدة"، ولكي يضمن بيع خرافه وعجوله التي اشتراها وحملها من بلاده.
يقضي حمدى هذه الأيام التي تسبق "العيد الكبير" في القاهرة العامرة بالبشر حتى تنفذ حمولته، ومن بعدها يعيد أدراجه ويشد الرحال مرة أخرى إلى بلدته لقضاء أيام العيد بين أسرته، ولكن في أحيان أخرى تأتى الرياح بما لا تشتهي السفن، ويمر عليه العيد وهو بعيد عن بيته: "ساعات بنضطر نقعد في العيد وبعده لو مخلصناش".
يقول صاحب الـ40 عامًا: "عندنا في البلد الناس بتربي العجول والخرفان، وأنا ليا ناس باخد منهم كل سنة عشان الموسم"، رغم تواجد بيع العجول داخل بلاد الصعيد، وتضاعف تكلفة السفر من وإلى القاهرة، إلا أنه يفضل القدوم إلى القاهرة: «لما كلنا هنبقى في الصعيد، أمال مين إلى هييجي يبيع هنا».
لا يعرف حمدي مهنة أخرى لكسب رزقه سواها منذ أن كان في عمر ولده إمام، الذي يبلغ 11 عامًا، ومثلما ورثها عن جده ووالده فهو يصطحب ولديه مصطفى وإمام معه ليكملا المسيرة من بعده.
بخطوات خفيفة يتجه الطفلان إلى داخل العش ليطعما الخراف حاملين بأيديهما طعام الأضاحي، يلهون معهم لا يهابونهم، يمسك "إمام" بقرون أحد الخراف ليمنعه من الفرار، بينما يقترب مصطفى من غيره ليداعب فروته، وكأنه يلعب مع صديقه، يقول "إمام": «الخرفان دلوقتى بتبقى خايفة عشان حاسة إنها هتدبح فبنقعد نلعب معاهم».