رئيس التحرير
عصام كامل

التحليل النفسى لكارهى الإسلام.. 6


اتصالا بما سبق، نخلص إلى مقولة نفيسة ورَقْرَاقَة لأبي حيان في كتابه "الإمتاع والمؤانسة": "إنَّ الشَّريعة متى فصلت من السِّياسة كانت ناقصة، والسِّياسة متى عريت منَ الشَّريعة كانت ناقصة".


المشكلة إذًا عند هؤلاءِ العلمانيين أنهم يجترّون ويتشربون ما يلفظه الغرب دون أن يميزوا بين ما يناسب ثقافتنا وما يتنافى معها أخذًا بمقولة "أرنولد توينبي": "إنَّ الحضارات تؤخذ كلها أو تترك كلها"، نجد هذا الطرح وهذا التوجيه في ضرورة أخذ الحضارة كلها منَ الغرب في فترة مُبَكِّرة من أطروحات المتغربين من أمثال طه حسين، وسلامة موسى، ثم الجيل الثاني مع الدكتور نجيب محمود وغيره، ثم الجيل التالى الذي تزعمه نصر حامد أبو زيد، ومحمد أركون، وعبدالله العروي.

عالم النفس الشهير الدكتور أحمد عكاشة انتقد بشدة أولئك الذين يناصبون الأديان العداء وينقلبون عليها ويهاجمونها، ويجعلونها أهدافا لأغراض باتت معلومة، عندما تحدث في محاضرته التي ألقاها في المؤتمر العالمي للجمعية العالمية للطب النفسي التي عقدت في "همبورج" أغسطس عام 1999 وتم فيها انتخابه رئيسا لهذه الجمعية قائلا: إن إغفال الروحانيات والإيمان بالدين والحب والسلام كبّد أوروبا في أثناء الحربين العالميتين الأولى والثانية ما لا يقل عن 70 مليون نسمة، وذلك لصراعات سياسية، مؤكدا أن " للإيمان والتدين جانبا إيجابيا من ناحية قبول الإنسان لذاته ضعفا وقوة، وكذلك التوكل على الله لا الاتكال والنكوص عن بذل الجهد الكافي".

وزاد: الإيمان يؤدي دورا مهما في تغيير كيميائية المخ من مهدئات وأفيونات، مما يعطي الطمأنينة والسلام والأمل ويخفف من حدة الآلام النفسية والجسدية، وأضاف: نتعجب عندما نعلم أنه توجد عقاقير ربانية لم نكتشف وجودها بالمخ إلا بعد سنوات من اكتشاف مرادفها، فقد تم اكتشاف المورفين والهيروين والكوديين قبل أن نعرف أن الله قد خلق مستقبلات أفيونية في المخ تفرز الأفيون الداخلي لتخفيف الألم، فالكلمة الطيبة تزيد من مهدئات المخ، والحب الصادق يزيد من مطمئنات المخ، والعمل الصالح يرفع من نسبة هذه المواد، بل ثبت أخيرا، كما قال عكاشة، أن الغضب والقلق والاكتئاب يقلل من عمل جهاز المناعة ويجعل الإنسان عرضة لأمراض المناعة من الروماتيزم والسكر وأمراض الشريان التاجي وجلطة القلب وسكتة المخ، كما أن الحالة النفسية لها علاقة واضحة بكل أجهزة الجسم.

عكاشة شدد على أن العودة إلى الإيمان هي" الملاذ الأمثل للصحة النفسية، والصحة النفسية هي إسباغ الجودة على الحياة"، وأكد أن طول الحياة، دون جودتها، هو مغنم أجوف، ولن يتمتع الإنسان المعاصر بالصحة النفسية إلا إذا عاد للإيمان بكل العقائد التي تحض على الفضيلة والتضحية والتمركز حول الآخرين والابتعاد عن التمركز حول الذات.

من كتابى "ضد الإسلام".. الطبعة الثانية..
الجريدة الرسمية