رئيس التحرير
عصام كامل

«اتق شر الحليم إذا غضب».. حكاية مقتل شاب في المرج على يد جاره.. المتهم: 10 سنوات يتشاجر معي وأنا صابر على أذاه.. عاير شقيقتي بعنوستها وحاول ذبح أطفالي.. ودافعت عن عرضي فطعنته دون قصد

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

"اتق شر الحليم إذا غضب"، مقولة طالما سمعنا بها ولم ندرك خطورتها، ولم يتوقع أحد أن الحليم إذا غضب "قتل"، محمد شاب في منتصف العقد الثالث من العمر يعمل "أرزقي"، يعيش في منطقة المرج، صاحبة الصيت الأشهر في سجل الجرائم، يسكن بجواره شخص لا يكل ولا يمل من المشاجرات مع أبناء المنطقة، إلا أن محمد كان صبورا على ما ابتلاه الله، ولأكثر من 10 سنوات صبر على أذى هذا الجار، فكان لا يرد الإساءة، ويأمر أهل بيته بعدم الخوض معه في ملهاة، إلا أن محمد ذات يوم وبعد أن تعدى المجني عليه على شقيقته بالسب وعايرها بعنوستها، لم يتمالك نفسه وتشاجر معه وقتله.


دفاع الجاني
يقف "محمد.ع"، عامل، في القفص الحديدي بمحكمة شمال القاهرة بالعباسية، يحيط به من كل صوب وحدب حرس وأمن، يقف وتتصاعد أنفاسه مع تصاعد دخان سيجارته، وبصوت جهور نادى حاجب المحكمة عليه، وأمر القاضي الحرس إخراجه من قفصه، وسأله "إيه حكايتك، وليه قتلت جارك"، وبصوت مرتعش، وأقدام ترتعد من هول ما فيه وخوفا من نهاية مصيره، يقول يا سيادة القاضي، أنا رجل على باب الله، أعمل أرزقي يوم أكسب فيه بضع جنيهات ويوم آخر لا، هذه حياتى منذ أن شببت في هذه الدنيا، متزوج ولدي طفلان، وتعيش معي أختى لا تعمل، وقد فاتها سن الزواج، فمن يتقدم لأخت فقير يتزوجها، وعلى ماذا، فلا حسب ولا نسب يغري الشباب للتقدم لخطبتها، فأجلستها في بيتى معززة مكرمة، ولها منى ما لأبنائي من مصاريف وحياة كريمة، إلى أن يبعث الله لها نصيبها.

جار السوء
ولكن لي جار يدعى "محمد. ش"، رجل سليط اللسان، لا يكف عن أذيتي وأهل بيتى، إذا رأى أطفالي خارج البيت يفتعل مشاجرة بدعوى أن أصواتهم مرتفعة، ولا يستطيع النوم أثناء لعبهم، فأنهرهم وأدخلهم كرها البيت، أجبرنى سيادة القاضي على سجن أبنائي، فمنعتهم من رؤية الشارع أو اللعب مع أصدقائهم، تفاديا للمشكلات معه، إلا أن هذا الجار السوء، لم يمل ولم يصمت، إذا رآني أخرج للعمل، ينهال سبا وشتما دون أي سبب، فأرد عليه "ربنا يسامحك"، وأمضي في حال سبيلي أبحث عن رزقي وقوت يومي، وإذا رأي زوجتى أو شقيقتى ينهال عليهما سبًا.

تفاصيل الواقعة
وقبل يوم الواقعة، افتعل معي مشاجرة، وتعدي فيها على بالسب والضرب، ووقفت له دون أن أرفع يدي عليه، فخيركم من عفى وأصلح"، إلا أنه لم يبتعد عني وكان مصرا على نهايته، وفى يوم الواقعة، شاهد شقيقتى أثناء تسوقها وعودتها إلى المنزل، فصار يجرحها بالسباب والشتائم، وعايرها بعنوستها، وقال للمتواجدين في الشارع "هي بتروح السوق يمكن تعرف تشقط عريس"، وما أن سمعت زوجتى هذه الكلمات، حتى استشاطت غضبا، وردت عليه، فتهجم عليها وضربها، ثم تلقيت اتصالا من أحد جيراني يقول لي "الحق محمد بيضرب في مراتك وأختك وعايز يدبح ولادك"، فلم أشعر بنفسي، وهممت مسرعا إلى منزلي، فوجدته ممسكا بزوجتى من شعرها وقد قطع لها ملابسها وأصابها في وجهها، فلم أتمالك نفسي، واشتبكت معه دفاعا عن عرضي وأهل بيتي، وكان ممسكا سلاحا أبيض في يده يحاول ذبح أطفالي، وأثناء استخلاصهم منه، طعنته دون قصد، وكنت أظن أنه جرح بسيط وسيتعافي منه، إلا أنى فوجئت بعد القبض على بأنه توفي.

وبعد أن استمعت المحكمة لأقوال محمد، أمرت الحرس بإرجاعه مرة أخرى إلى السجن، وأكدت أن النيابة العامة قدمت الواقعة بتهمة القتل العمد، لكن لم تستظهر وجود نية القتل لدى المتهم وبما أن للمحكمة السلطة في تكييف الاتهام ووصف الدعوى وقيدها وأسباب القانون الصحيحة لها، تعد قتل خطأ، واستبعدت تهمة القتل العمد وعاقبت المتهم بأقصى عقوبة وهي السجن المشدد 15 سنة.

تقرير الطب الشرعي
وتبين من تقرير الطب الشرعي أن المجني عليه توفي نتيجة إصابته بجرح طعني في منطقة الصدر أدى إلى تمزق في الرئة والقلب، ونزيف داخلي شديد، أدى إلى إصابته بهبوط حاد في الدورة الدموية.

ولهذه الأسباب قضت بالسجن المشدد 15 سنة للمتهم، وصدر الحكم برئاسة المستشار أحمد محمود الدقن، وعضوية المستشارين عبد الجواد ياسين، ووليد الرحماني.

وتلقت مباحث قسم شرطة المرج بلاغا يفيد نشوب مشاجرة ووقوع قتيل، وعلى الفور انتقلت قوة من مباحث القسم وتبين قيام "محمد.ع" عاطل، بالتشاجر مع جاره "محمد.ش"، لخلافات الجيرة، ثم تعدى عليه بسلاح أبيض، وطعنه في الصدر فأسقطه قتيلا.

وعقب تقنين الإجراءات تم القبض على المتهم، تحرر المحضر اللازم وتولت النيابة التحقيق.
الجريدة الرسمية