رئيس التحرير
عصام كامل

عاطف فاروق يكتب: طلب عزل وزير التعليم أمام منازعات رئاسة الجمهورية.. طارق شوقي «حنث» باليمين الدستورية ولم يحترم الدستور والقانون.. فقد الأهلية لشغل المنصب.. وانتهاكاته توجب إقالته

فيتو

طلب الدكتور محمد إبراهيم أحمد، المحامي بالنقض و4 محامين آخرين من لجنة فض منازعات رئاسة الجمهورية بقصر عابدين، عزل الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم من منصبه لافتقاده شروط تولي الوزارة والاستمرار بها بعد ثبوت أنه دأب على الـ (حنث) باليمين الدستورية التي أداها مرتين أمام رئيس الجمهورية..


تضمنت المذكرة التي قدمها الدكتور محمد إبراهيم أحمد، المحامي بالنقض وزملاؤه محمود صلاح وأحمد عبد الحميد وأحمد عبد الرحمن وأحمد بهاء أن الوزراء والمحافظين دائما وفور تعيينهم، وهم يؤدون اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية قبل مباشرة مهام مناصبهم الوزارية، وتذاع مراسم تأدية القسم الدستوري، على الجمهور من خلال التليفزيون، حتى يكون الكافة شهودا على قسم الوزير بأن يحترم الدستور والقانون

قَسم لم يُبر
وتابعت: إن الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم أدى اليمين الدستورية للمرة الأولى في الخميس 16 فبراير 2017 ــ وأدى اليمين الدستورية للمرة الثانية في الخميس 14 يونيو 2018، أمام رئيس الجمهورية بحضور رئيس الوزراء، حيث قال نصًا (أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصًا على النظام الجمهوري، وأن أحترم الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن أحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه)..

ورغم ذلك دأب الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم "المطعون ضده الثالث" على "الحنث" بالقسم الدستوري الذي أقسمه مرتين أمام رئيس الجمهورية حيث امتنع عمدًا عن تنفيذ أحكام القضاء الإداري واجبة النفاذ وأمر بتعطيلها رغم اتصال علمه اليقيني بها.

العقوبة المقررة
وقال المحامون إن الدستور أو القانون لم يحدد عقوبة، لمن يحنث باليمين الدستورية ولا يلتزم بها، رغم أن الشهود في القضايا الجنائية يقسمون يمينًا قانونية كي تسمع شهاداتهم وإذا ثبت للمحكمة أن الشاهد أدلى بأقوال غير حقيقية عمدًا أصدرت حكمًا بحبسه 3 شهور وتصل العقوبة إلى السجن 15عامًا إذا أدت شهادة الزور إلى إعدام متهم.

بدأت وقائع النزاع في 29 /8/ 2017 حيث صدر الحكم في الدعوى رقم 46260 لسنة 71 قضاء إداري (بقبول الدعوى شكلًا وبوقف تنفيذ قرار طارق شوقي رقم 97 لسنة 2017 فيما تضمنه من ندب محمد سعد محمد حسن لشغل وظيفة مدير مديرية التربية والتعليم بالبحيرة مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها عودته إلى وظيفته الأصلية، رئيسًا للإدارة المركزية للتعليم الثانوي والخاص والرسمي لغات بديوان عام الوزارة، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.

تسليم الحكم
وبتاريخ 13 /9 /2017 إستلم الصادر لصالحه الحكم صورة طبق الأصل من الحكم المنوه عنه وتم تذييله بالصيغة التنفيذية وبتاريخ 10 /10/ 2017 تم تسليم الإدارة القانونية بوزارة التربية التعليم صورة معلنة من الحكم لتنفيذه. 

واستمر امتناع الوزير عن تنفيذ الحكم حتى 21 يناير 2018.. وأمر بإحالة الحكم إلى إدارة فتوى التعليم بمجلس الدولة لإبداء الرأي القانوني في كيفية تنفيذه، وإن كان ذلك على سبيل المماطلة في تنفيذ الحكم إلا إنه مقبول لبيان مدى إمكانية تنفيذ الحكم من عدمه ولاستبيان الرأى حول هذا الموضوع.

رد أغضب الوزير
وفي 24 فبراير 2018 أصدرت إدارة الفتوى لوزارة التربية والتعليم بمجلس الدولة فتواها بالملف رقم 18 / 21 /655 والتي جاء بها "أن مقتضى تنفيذ هذا الحكم يكون بإعادة المعروض حالته إلى وظيفته القيادية التي كان يشغلها كرئيس للإدارة المركزية للتعليم الثانوي والخاص والرسمي واللغات.

وجاء في الفتوى: أنه لا يغير من ذلك القول بتعذر عودة المعروض حالته للوظيفة القيادية التي كان يشغلها لانتهاء مدة شغلها لأنه ولأن كان صحيحًا أنه إذا استحال تنفيذ الحكم بإعادة صاحب الشأن إلى الخدمة بأن قابلت جهة الإدارة عقبات قانونية أو مادية تحول دون التنفيذ الفعلي كما في حالة وفاة المدعي أو بلوغه سن التقاعد المقرر قانونًا أو لغير ذلك من الأسباب التي تحول بين جهة الإدارة وتنفيذ الحكم بصورة فعلية.

الحالات المحددة
إلا أن ذلك مرهون بأمرين، أولهما: أن يكون عدم التنفيذ الفعلي راجعًا إلى صاحب الشأن الصادر لصالحه الحكم بصورة إرادية أو لا إرادية كأن يطرأ مانع قانوني كبلوغ سن الستين أو إصابته بعاهة مستديمة تجعله غير صالح لمباشرة العمل أو صدور حكم ضده بعقوبة جناية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة أو أن يتنازل صاحب الشأن عن تنفيذ الحكم وهو مايجيز لها أن تقدم ذلك قبل الحكم أو تقيم إشكالًا إذا كان ذلك بعد صدور الحكم، وثانيهما: ألا يكون التأخير في التنفيذ أو المماطلة فيه أو التقاعس مرده الجهة الإدارية وإلا كان ذلك إهدارًا لحجية الأحكام القضائية بخفض قيمتها القانونية وتحويلها بالمخالفة للدستور والقانون إلى رخصة لجهة الإدارة إن شاءت أعملتها وإن أرادت أغفلتها.

الاعتبارات الواقعية
وأردفت: لا يدخل في هذه الأسباب شغل الوظيفة فعليًا لشخصٍ آخر لأن هذا القول وفي هذا المجال يغفل الكثير من الاعتبارات الواقعية والقانونية كما لا يدخل فيها انتهاء المدة المقررة لشغل الوظيفة، وذلك لأن هذا القول يلغي حجية الأحكام بأن يجيز لجهة الإدارة الإبقاء على قراراتها الباطلة فعليًا بتنفيذ الأحكام حكميًا بإضافة المدة المقررة لشغل الوظيفة فعليًا إلى مدة الخدمة حكميًا بما يحيل التنفيذ إلى مجرد إضافة مدة خدمة اعتبارية وليس تنفيذًا لصحيح أحكام القانون احترامًا لحجية الأحكام القضائية التي تجد حدها أيضًا في عدم إفراغ حجيتها من المضمون ومن ثم فإن تنفيذ الأحكام يقتضي الإعادة إلى الخدمة ( فعليًا) من تاريخ تنفيذ الحكم ليكون قائمًا على سند صحيح من الواقع والقانون.

طبيعة الأحكام القضائية
وعليه يكون المعروض حالته الصادر لصالحه الحكم الحق في شغل المدة المتبقية له في الوظيفة القيادية عند صدور حكم محكمة القضاء الإداري وهو ما يتفق ومقصود الدستور والقانون من حجية الأحكام ولا ينطوي على خروج عليها ولا يعد إنشاءً لمركز قانوني جديد على خلاف طبيعة الحكم بل يتفق وطبيعة الأحكام القضائية من كونها كاشفة عن مركز قانوني قائم قانونًا عدلته أو ألغته جهة الإدارة بالمخالفة للقانون فتولى إلى صحيح القانون.

حتمية التنفيذ
الأمر الذي يتعين معه وجوب تنفيذ الحكم لا سيما أن هذا الرأي القضائي جاء بناءً وردًا على مخاطبة الوزير للفتوى حول كيفية تنفيذ هذا الحكم، إلا أن طارق شوقي، بوصفه وزيرًا للتربية والتعليم ما زال يتعمد تعطيل تنفيذ الحكم رغم علمه بأنه لا يجوز لأى مسئول أو جهة مهما علا شأنها، أن تعطل أو توقف تنفيذ حكم نهائي، رغم أن الوزير ومستشاره القانوني يعلمان جيدًا أن تلك الأحكام القضائية واجبة النفاذ، ويتعين تنفيذها، نزولًا على حجيتها وإعلاءً لشأنها، الأمر الذي لا يسوغ معه قانونًا –مع نهائية الحكم – إعادة مناقشته، أو الامتناع عن تنفيذه، وإنما يتعين التسليم بما قضى به باعتباره عنوانًا للحقيقة، لا سيما أن القانون قد رسم سُبلًا عدة للطعن في الأحكام ووقف تنفيذها، فإذا ما استُنفدت هذه السبل، أو لم يتم ولوجها، فلا مناص من المبادرة إلى هذا التنفيذ.

وشدد المحامون أنه بناء على ما تقدم فإن الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم يكون قد حنث باليمين الدستورية الأولى الذي أداه أمام رئيس الجمهورية في الخميس 16 فبراير 2017 استنادًا على أنه بتاريخ 29 أغسطس 2017 صدر الحكم في الدعوى رقم 46260 لسنة 71 قضاء إداري بوقف تنفيذ قرار طارق شوقي رقم 97 لسنة 2017 فيما تضمنه من ندب محمد سعد محمد لشغل وظيفة مدير مديرية التربية والتعليم بالبحيرة مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها عودته إلى وظيفته الأصلية، رئيسًا للإدارة المركزية للتعليم الثانوي والخاص والرسمي لغات بديوان عام الوزارة إلا أن الوزير طارق شوقي امتنع عمدًا عن تنفيذ الحكم.

الامتناع العمدي
كما أن طارق شوقي قد حنث باليمين الثاني الذي أداه أمام رئيس الجمهورية في الخميس 14 يونيو 2018 لأنه امتنع عمدًا عن تنفيذ الحكم الثاني للقضاء الإداري الصادر بتاريخ 28 /5/ 2018 في الدعوى رقم 29595 لسنة 72 والذي نص على وقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن تنفيذ الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 46260 لسنة 71 ق الصادر بتاريخ 29/ 8 /2017 رغم علمه اليقيني به. 

وشدد المحامون على أن الوزير بذلك يكون قد فقد أحد شروط توليه للمنصب الوزاري والاستمرار فيه وهو "حنثه" لليمين الدستورية الذي أداه أمام رئيس الجمهورية بحضور رئيس الوزراء على الرغم من أن صيغة اليمين هي "أقسمُ بالله العظيم أن أحافظ مخلصًا على النظام الجمهوري وأن أحترم الدستور والقانون وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن أحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه"، وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم "وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلًا إن الله يعلم ما تفعلون" صدق الله العظيم الآية (919 سورة النحل) ــ وأنه من مقتضيات تولي المناصب الوزارية وشروط الاستمرار في المنصب الوزاري احترام الدستور والقانون الذي خالفه الوزير طارق شوقي وامتنع عن تنفيذ الأحكام القضائية واجبة النفاذ والسابق ذكرها.

نماذج عملية
وفي هذا المقام نتذكر أنه إبان الحرب العالمية الثانية أن ناظرة مدرسة بريطانية أقامت دعوي أمام القضاء البريطاني تطالب بنقل مطار حربي قريب من المدرسة إلى مكان آخر لأن الطائرات عند إقلاعها وهبوطها تحدث صوتا يزعج الطلبة وفيه تعطيل للدراسة فضلا عن أن المطار الحربي يجعل من المنطقة هدفا للعدو لضربه بالقنابل مما قد يسبب خسائر في أرواح الطلبة الصغار ويصيبهم فقضت المحكمة البريطانية بنقل المطار الحربي إلى جهة أخرى بعيدة عن العمران مما أحرج السلطات البريطانية وبذلوا جهدا لإيقاف هذا الحكم دون جدوي.

وقاموا بعرض الأمر على رئيس الوزراء حينذاك "ونستون تشرشل" ليوقف تنفيذ الحكم بدعوى أن نقل المطار سيضعف الدفاع الجوي البريطاني عن أداء رسالته ضد العدو النازي، فرفض تشرشل هذا الطلب قائلًا: "خير لنا أن تخسر بريطانيا الحرب ولا أوقف تنفيذ حكم قضائي" إيمانا منه أن أحكام القضاء عنوان الحقيقة وإن القضاء العادل هو أساس الملك.


منع تراكم الأخطاء
وأكد المحامون أن الهدف من هذا الطلب أنهم يريدون من كل "وزير" أن يعي أن كلماته ستحسب عليه وألا يتفوه إلا بما يستطيع فعله حقًا، مؤكدًا على أهمية أن توضع مادة دستورية لمحاكمة من يقسم يمينًا دستوريًا ولم يلتزم بها أثناء ممارسته للسلطة، ليعلم الجميع أن العمل العام مغرم وليس مغنمًا، ولكي يعلو بناء الوطن لابد أن تكون المساءلة القانونية مقابلة لكل من يتولى منصبًا عامًا كي لا تتراكم الأخطاء وتصبح جرائم ويصبح الإصلاح مستعصي،ا ونصدق أن هؤلاء الوزراء بشر مثلنا وليسوا أشباه آلهة، يخطئون ويصيبون ويخضعون للقانون خاصة وقد اتفق المشرعون وأهل القانون على أن الإخلال بأي نص من النصوص الملزمة في مواد الدستور النافذ إنما هو إخلال بالتعهدات التي يلزم بها المسئول المعني باليمين الدستورية نفسه أمام الله وأمام رئيس الجمهورية والشعب، وهذا الإخلال إنما هو حنث باليمين يترتب عليه فقد الأهلية لشغل المنصب الذي أدى المعني بموجبه تلك اليمين، وهو أيضا انتهاك للدستور نفسه يوجب العزل أو الإعفاء، ولذلك يتعين "عزل" طارق شوقي من منصبه لفقده أحد شروط تولي المنصب الوزاري والاستمرار فيه. 
الجريدة الرسمية