رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا يحارب الإسلاميون السلفية المدخلية؟.. ظهروا في ظروف عصيبة بعد حرب الكويت.. يمنعون التيارات الدينية من المنافسة على السلطة.. يرون ضرورة شرعية في عدم مزاحمة الحاكم.. وباحث: يسعون لاحتكار الدين

محمد سعيد رسلان احد
محمد سعيد رسلان احد مشايخ السلفية

قبل أيام، كانت مواقع التواصل الاجتماعي، على موعد مع معركة كبرى بين سلفيي التيار الإسلامي، بدأها الناشط السلفي الإخواني، عبد الله الشريف، الذي أنتج مادة مصورة أذاعها على حسابه بموقع اليوتيوب، وأهان فيها مشايخ السلفية المدخلية، واحتفت بها وسائل إعلام الإخوان؛ ليأتي الرد سريعا بفيديو آخر مدبلج، من تلاميذ القطب السلفي محمد سعيد رسلان، يفضح فيها توجهات الجماعة، ليطرح السؤال نفسه: من هم المداخلة، ولماذا يعاديهم أغلب أطياف التيار الديني بهذا الشكل؟ 


من هم المداخلة
بحسب التعريفات التي تكاد تكون متطابقة، في جميع المواقع الدينية، جاءت جذور «السلفية الجامية» من السعودية، وانتشرت بشدة بعد حرب الكويت، وأطلق عليهم هذا الاسم، بسبب توجهاتهم التي تميزهم من بين أطياف السلفية، وعلى رأسها التشدد في الموالاة لأي حاكم، واتخاذ موقف عنيف من معارضيه، وعدم ترددهم في إطلاق فتاوى التحريم والتكفير على أي شخص، أو جماعة تعطي لنفسها حق الخروج أو حتى مجرد التضييق على الحاكم.

ويعد المداخلة، امتدادا للحنابلة، والإمام الأوزاعي، وهي المدارس التي تمنح نفسها حق الحماية الدينية للحاكم، وكانت بداية نشأتهم بالمدينة النبوية، على يد الشيخ محمد بن أمان الجامي، مدرس العقيدة في الجامعة الإسلامية بالسعودية.

ورغم حرص التيارات الدينية على استرضاء المداخلة، للحصول على مثل هذا التطرف في تأييد الحاكم، وخصوصا إبان ثورات الربيع العربي، وصعود التيار الديني، وتوليه الحكم في معظم البلدان، إلا أنهم سرعان ما انقلبوا عليهم، بعدما سقط أغلبهم عن الحكم، وخصوصا في مصر، وتأييد الجاميون أنظمة الحكم الجديدة، بل ودعوتهم لقتال الإخوان إن حاولوا العودة مرة أخرى لمزاحمة الحكام الجدد.

المثير أن الجامية أو «المداخلة» يتعرضون للنقد الشديد، حتى من التيارات السلفية المؤيدة للسلطة، في ظل دعوات التأثيم والتكفير لأي تيار يقترب من الحاكم بأي نقد، سواء كان على وفاق مع التيار الديني أم معاديا له، وهو ما يجعل البعض يرى أن حالة الغضب من «الجامية» خلفها تخوفات كبرى من غلق المجال أمام أي تأييد عاقل للسلطة من التيارات الدينية.

احتكار المجال الديني
يقول عوض الحطاب، القيادي السابق بالجماعة الإسلامية، أن التيارات السلفية تعادي التيار المدخلي بسبب فتاويه، التي تسعى لاحتكار الحالة السلفية، وتفسيق أي تيار آخر، كما أنه يدعو دائما لإبعاد أي تيار ديني عن المنافسة في السياسة، ولا يقف الأمر معه على المعارضة، بل يطلق دعوات التكفير بحقهم، وغيرهم.

ويبرر بعض المقربين من التيار المدخلي، التوجهات المتشددة التي يتبعها، والتقرب الشديد من الحكام، ومنع أي محاولة للتنافس على السلطة، بسبب الظروف الصعبة التي نشأ فيها، إبان الأزمة الخليجية واحتلال الكويت، والفتاوى التي خرجت من الإخوان وغيرهم، وكادت أن تضيع الكويت والبلدان الخليجية؛ بسبب تحريمهم الاستعانة بالقوات الأجنبية في إنهاء الأزمة، وهو ما أثار بلبلة داخلية، وصراعات مأزومة داخل الأسر الحاكمة، كادت أن تنهي على الأخضر واليابس.

ينهي الحطاب حديثه، قائلا: تتباين اتجاهات الإسلاميين والسلفيين بشكل خاص من المداخلة، حسب اتجاه كل تيار، فالسلفية العلمية في مصر تكتفي برفض الأفكار، بينما يأخذ الجهاديون موقف معاد وعنيف من الجامية، ويعتبرونهم مجموعة من مشايخ السلطان، وبعض التيارات تعتبرهم خوارج، وحسب ظروف البلدان، وقوة كل فرقة تعادي الجامية، يكون الرد.
الجريدة الرسمية