«يا رايحين للنبي».. حلم الحاجة فاطمة يتحقق بعد السبعين (قصة مصورة)
"يا رايحين للنبي الغالي هنيالكم وعقبالي" هكذا عبرت الفنانة الراحلة ليلى مراد في أنشودتها الرائعة عن أشواق المصريين لرحلة العمر التي تأخذهم إلى البيت الحرام بمكة ومزار الرسول بالمدينة المنورة.. إنها رحلة الحج، ولقد كانت أشواق الحاجة فاطمة متقدة دومًا لتحقيق هذه الأمنية والسفر في هذه الرحلة المقدسة وكانت في قلبها دائمًا، خاصة أنها حلمت من قبل بأنها قد ذهبت لزيارة النبي صلى الله عليه وسلم، وعندما حصلت على فرصة أداء العمرة تذكرت هذا الحلم واعتقدت أنه قد تحقق، ولكنها مع ذلك كانت واثقة في أن الله يحمل لها مفاجأة الحج "الكبيرة " ولكنها لا تعلم متى أو كيف.
كانت أمنية الحج تراودها طوال سنوات عمرها ولكن منعها عنها اهتمامها بأطفالها وانشغالها بهم رغم أنه كان لديها ما يكفى من الأموال لأداء الفريضة حينها، حيث كانت أسعار الحج أقل مما هي عليه الآن، ولكن كانت تقع في خيار إنفاق الأموال من أجل الحج أو من أجل زواج أبنائها فكانت أمومتها تنتصر دائما على رغبتها العارمة في تحقيق أمنية العمر، ولكن تغير هذا الأمر بعد كبر السن وزواج أبنائها حيث شعرت بأن المسئوليات بدأت تسقط عن كاهلها وأنها أصبحت متفرغة أكثر من ذى قبل، فبدأت أمنية الحج تراودها من جديد لتسعى إلى تحقيقها.
وبينما كانت على وشك تحقيق رغبتها في السفر لأداء الفريضة، جاءت وفاة زوجها المفاجئة لتباعد بينها وبين تحويل زيارة بيت الله الحرام إلى حقيقة، حيث غرقت في أحزانها وغابت فكرة الحج عن ذهنها، ولكن لم تغب عن ذهن أحد أبنائها الذي أراد أن يرد بعض الجميل لها فقدم أوراقها إلى إحدى الشركات السياحية ليضمن لها فرصة أكبر في الحج بعيدا عن حج القرعة، ولكن لم يخبرها فقد كان يريدها مفاجأة سارة لها.
وحينما جاء موعد الكشف عن المفاجأة، أخبرها ابنها أن تأتى معه لنزهة ما دون أن يخبرها بالتفاصيل، وبعد وصولهما للمكان الموعود أخبرها أن هذه شركة السياحة وأنها حصلت على تأشيرة الحج، واستقبلت الحاجة فاطمة المفاجأة بفرحة كبيرة جعلتها تتوجه بالدعاء لكل المسلمين بأن ينالوا مثلها زيارة بيت الله الحرام.
بعد هذه المفاجأة السارة، عادت الحاجة فاطمة إلى منزلها ليلا، وبالرغم من ضيق الوقت إلا أن ذهابها للعمرة من قبل جعلها متأهبة للسفر وأكثر استعدادا، فهى لديها ملابس الإحرام منذ ذلك الحين كما أن زوجة ابنها أحضرت لها ملابس الإحرام الخاصة بها لأنها قد سبق لها زيارة الكعبة المشرفة من قبل.
وقالت: «خير ربنا كثير وإرادة الله فوق كل شيء، والنصيب جعل كل شيء يبدو سهلا ميسرا ربنا بيكون كاتبها من غير جرى أو زق، ده في واحدة من معارفي عملت عمرة 7 مرات، وكل ما تقدم على الحج مش بيجي وبعدها تروح عمرة».
وفى الأيام المعدودات التي تبقت لها للتأهب للسفر، جهزت الحاجة فاطمة حقيبتها بمساعدة ابنتها وزوجة ابنها، ووضعت كل المطلوب في الحقيبة من ملابس وهوية وبيانات، وبدأت في تجربة ارتداء ملابس الإحرام البيضاء التي كانت أول لون فاتح ترتديه بعدما قضت وقتًا طويلًا لا ترتدى سوى الأسود منذ وفاة زوجها.
الحاجة فاطمة لديها بعض المخاوف بسبب كبر سنها أثناء أداء فريضة الحج فقد ناهزت السبعين، وتحمل هم مشقتها هناك وسط الزحام، وتدعو الله بأن يعطيها القوة على تحمل مشاق الرحلة، خاصة أنها تسافر وحدها هذا العام دون رفقة من أحد معارفها، بينما كانت في العمرة بصحبة جيرانها وكانت أكثر عافية من الآن.
ورغم هذه المخاوف إلا أنها واثقة بأن الله يحمل لها الخير في ذلك ألوانا، وتذكرت حلمها الذي كانت تظنه في البداية تحقق بالعمرة، ولكن أراد الله لها أن تتأكد هذه الرؤيا بالحج أيضًا فأمنيتها كانت ميسرة ولم يكن مرتبا لها من قبل، وأعربت عن سعادتها بتلك الفرحة التي لم تشعرها من قبل رغم أنها سافرت لأداء العمرة.
ولم تنقطع الزيارات خلال هذه الأيام القليلة من المعارف والجيران والأقرباء لتوديع الحاجة فاطمة قبل سفرها، ولتوصيتها بالدعاء كل حسب حاجته، فمنهم من طلب منها الدعاء بالشفاء والرزق وإنجاب الأولاد، ومنهم من طلب الدعاء بزيارة النبى صلى الله عليه وسلم، وهناك من يطلب الدعاء مطلقا دون تحديد شيء معين، واستمرت هذه الزيارات حتى توديع الحاجة فاطمة على باب دارها قبيل أن تتجه نحو المطار في رحلتها المقدسة.