رئيس التحرير
عصام كامل

الخبير المصري «محمد العريان» يشرح أزمة تركيا ومخاطرها

الخبير المصري محمد
الخبير المصري محمد العريان

في الوقت الذي تعاني فيه تركيا من أزمة اقتصادية حادة على خلفية انهيار الليرة، والعقوبات الأمريكية، وسط إجراءات إنقاذ اتخذها الرئيس رجب طيب أردوغان، وصفتها العديد من الدول باليائسة.


سلط الخبير الاقتصادي العالمي محمد العريان خلال مقال له نُشر على موقع "سيكننج ألفا" المعني بالاقتصاد والأسواق العالمية، الضوء على عدد من الأمور التي لا بد على الدول التركية أن تضعها في الاعتبار من أجل الخروج من أزمتها الراهنة، موضحا أن المغرس الذي وُضعت حكومة أردوغان فيه ناتج عن مشكلات قديمة باتت تظهر على الساحة وأدت لمخاطر جديدة قد تؤدي بالدولة الحديثة.
وذكر العريان أن انهيار العملة التركية دفع التجار والحكومة لمبادرة حاسمة، قد تحسن من الوضع في البلاد تضمنت كل الوزارات ودعوة المواطنين والتجار لجمع العملة الصعبة وإدخالها البنك المركزي، ولكن إذا لم تثبت كفاءتها ستؤدي لمزيد من اضطراب السوق التركية، وهو ما سيكون له تداعيات مالية واقتصادية أوسع.

وأكد أن هناك 7 أمور يجب على التجار والمستثمرين والحكومات والبنك المركزي في أنقرة وضعها في الاعتبار عند تنفيذ أي قرارات.. جاءت كالتالى:

أولا: عدم التركيز على النقد الأجنبي

ويوضح الخبير المصري، أن أزمة الليرة التركية تمتد لما هو أبعد من سوق الصرف الأجنبي، موضحا أنه لا يجب التركيز فقط على تدفق النقد الأجنبي، مشيرا إلى أن نقص العملة الأجنبية قد تكون مؤشرا على الأزمة ولكن ليس حلا لها.

ثانيا: خلل من الماضي

نوه العريان إلى أنه خلال تحفيز الاقتصاد التركي باستمرار من خلال الاقتراض الخارجى، جمعت تركيا بين العجز المزدوج الذي تسبب في خلل ميزانية القطاع العام والحساب الجاري لميزان المدفوعات، واستمرار اعتماد الحكومة على التمويل من الاقتراض الخارجي وتدفقات رأس المال أدى لتعزيز الاستثمار ونمو الاقتصاد داخليا لكن الدخل الناتج لم يكن كافيا لسداد الديون الخارجية.

ثالثا: السوق الخارجية غير المضيفة

أضاف الخبير الاقتصادي: على الرغم من أن حاجة الحكومة التركية إلى التمويل لا تزال كبيرة، حيث تواجه أنقرة الآن بيئة خارجية أكثر تحديا، وقد قلت التدفقات الخارجية وأصبحت أغلى، كما أن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة الأمريكية عززت من قيمة الدولار في مواجهة الليرة التركية، وهو ما قلل من قيمتها، بالإضافة إلى عدم وجود سيولة فنجد أن بعض البنوك توقفت عن ضخ مبالغ شهرية أو سنوية بسبب الأزمة المالية العالمية.

رابعا: سياسة أردوغان

الوضع في تركيا يزداد سوءا بحسب العريان؛ بسبب المخاوف وعدم الثقة في قدرة الحكومة على الخروج من الأزمة الراهنة، بالإضافة للإجراءات التي اتخذها الرئيس رجب طيب أردوغان، مؤخرا، بتعيين صهره وزيرا للمالية، وهى خطوة جعلت المستثمرين يحجمون عن السوق التركية.

خامسا: خيار غير مرجح

لفت العريان الانتباه إلى أن الحكومة التركية قد تترك الليرة تتعامل بمفردها بدون تحفيز، ولكن عليها تذكر أن الانخفاض الحاد في قيمة العملات أدى إلى تغذية التضخم وتفاقم الديون، وتضارب العملات، والضغوط على البنوك المحلية، وتقويض النمو، وهو ما يمهد الطريق للركود والتضخم وارتفاع حالات الإفلاس بالشركات والتخلف عن سداد الديون.

سادسا: الحاجة للبنك الدولي

حاجة تركيا مثلها مثل غيرها في الحصول على قروض من البنك الدولى، والخضوع لشروط وبرنامج معين ضرورة، ولكنها مترددة في تلك الخطوة بسبب خلافاتها مع أمريكا، حيث إن البنك سيحتاج للعديد من التعديلات في نظام السياسة التي يتبعها أردوغان وهو ما يرفضه الرئيس التركي.

سابعا: تقلبات قادمة

الخبير العالمي أشار إلى أن تركيا قد توجه انخفاض الإنفاق، وارتفاع أسعار الخدمات وزيادة الضرائب من أجل تعويض القرض الدولي التي تسعى لتجنبه، ومع عدم وجود بديل، فليس هناك مؤسسات أوروبية أو خليجية أو دولية قد تقدم مبادرة تسد حاجة أنقرة من الأموال، حتى أن تحسن العلاقات مع روسيا ليس من المرجح أن يدر بالكثير من التدفق النقدي بالسوق التركية.

في ظل الأنباء حول اتجاه تركيا لضبط رءوس الأموال والحد من التدفقات الخارجية ومواجهة الدولار، وهو ما سيزيد من انخراط القطاع الخاص في العمل، ولكن مع الاعتماد على العملة المحلية، وهنا سيواجه الاقتصاد التركى المزيد من الضغوط.
وأكد العريان أن أردوغان لديه مساحة محدودة للمناورة خاصة فيما يتعلق بصياغة القوانين وإصدار القرارات المالية، بسبب إجراءات التقشف وارتفاع الديون، منبها أن المستثمرين عليهم الاستعداد لمزيد من التقلبات بالليرة والسوق التركية.
الجريدة الرسمية