رئيس التحرير
عصام كامل

لكى نتزين بالأخلاق حقًا!


طالعتنا الصحف الصادرة منذ أيام أن الشيخ الجليل الدكتور على جمعة رئيس مجلس أمناء مؤسسة مصر الخير، ووزير الشباب والرياضة سيطلقان فعاليات حملة "تزينوا بالأخلاق"، التي تهدف لإحياء مجموعة القيم والأخلاق الكريمة في المجتمع المصرى، والتأكيد على الرقى الضرورى في المعاملات اليومية بين جميع أطراف المجتمع.


ومع كل التقدير والاحترام للأهداف النبيلة للحملة، إلا أنها ذكرتنى على الفور بمثيلاتها من الحملات المشابهة التي أطلقناها من قبل في عدة مجالات، دون تحقيق أية نتائج تذكر وذات تأثير حقيقى ودائم على الأرض، لأنها تفتقد بالطبع إلى الشروط المنهجية الصحيحة، وآليات العمل السليمة التي تضمن لها تحقيق التأثير الواسع والدائم الذي ينبغى لها أن تحققه، وخير برهان على ذلك الحملات الخاصة بأسابيع المرور، وأسابيع النظافة (التي أطلقناها مرارًا وتكرارًا) لأن كليهما ما زالا في اسوأ حال.

لذا.. أرجو أن يكون واضحًا وضوحًا تامًا لدى الدولة، ولدينا جميعًا أن إعادة بناء وإحياء منظومة القيم والأخلاق (والتي نحن في أشد الحاجة إليها) لا يمكن أن يتم أبدًا إذا اكتفينا بإطلاق الحملات، وتكرار الخطب والنداءات والشعارات، لأن الموضوع بالطبع أصعب وأعقد من هذا بكثير.

فإذا كنا جادين حقًا في أن نتزين بالأخلاق، فإنه ينبغى أن ندرك أن الطريق لتحقيق هذا الهدف السامى طويل وملىء بالتحديات العديدة المطلوب منا كحكومة ومواطنين التغلب عليها، فالحكومة مطالبة بالإصلاح الحقيقى والشامل لمنظومتى التعليم والثقافة، لأنهما الأساس المتين الذي ترتكز عليه منظومة القيم والأخلاق، وهى مطالبة كذلك بالقضاء التام على أوجه وأشكال الفساد المختلفة، لأنه كالسوس الدائم الذي يظل ينخر في عظام هذه المنظومة فيمنعها من إمكانية الشفاء والتداوى..

هذا بالإضافة إلى إعادة بناء منظومة الإعلام على أسس ومعايير سليمة يستطيع بها استعادة دوره التنويرى والتوعوى والتثقيفى بدلًا من (اللا إعلام) الموجود حاليًا الذي أصبح حاله يثير رثاء وشفقة جموع المواطنين.

أما عنا كمواطنين فمطلوب من كل منا أن يعمل بكل جد واجتهاد وإخلاص للارتقاء بالسمات الشخصية والقيم الإنسانية لنفسه، وأن نتحرى الحلال والحرام في جميع معاملاتنا، وأن نعلى فضائل الصدق والعدل والرحمة والتسامح والنبل والشهامة والإيثار فيما بيننا، وأن نحيى عادات وثقافة التحية والاعتذار والمجاملة الرقيقة والتوقير واحترام شعور الآخرين، والبعد عن الفحش والبذاءة في الكلام والتعليق، واستبداله بالحرص على استخدام أجمل وأرق الألفاظ والعبارات، وأرجو أن نتذكر دائمًا في هذا الشأن قول الله جل وعلا: "ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم.. جعلنى الله وإياكم من المتزينين بالأخلاق.
الجريدة الرسمية