رئيس التحرير
عصام كامل

«فيتو» في مسقط رأس «انتحاري كنيسة العذراء».. كيف وصل التطرف إلى «حارة مكة»؟

فيتو

حتى صباح السبت الماضي ، كانت الأوضاع داخل حارة مكة ، بمنطقة عين شمس ، تسير بشكل طبيعي ، لا يكدر صفوها شيء ، حتى تناقلت شاشات التلفاز خبر  نجاح قوات الأمن المسئولة عن تأمين كنيسة السيدة العذراء بمنطقة مسطرد في إحباط محاولة انتحاري تفجير نفسه بالقرب من الكنيسة. 

بعدها تبدلت أحوال الحارة الصغيرة ، وانتشرت قوات الأمن بكثافة في شوارعها الضيقة ، بعد التعرف على هوية الانتحاري (عمر محمد مصطفى) ، أحد سكان الحارة ، وسيطرت مشاعر الخوف والقلق على السكان الذين فوجئوا بتورط ابن منطقتهم في عمل إرهابي ، كان يستهدف آمنين داخل كنيستهم. 


حتى الآن ما زال أهالى حارة مكة في حالة ذهول مما حدث ، وهناك حالة سخط عامة تسود الحارة تسيطر على الأجواء  رغم مرور ما يزيد على الثلاثة أيام على الواقعة، فالجميع يتساءلون "كيف وصل التطرف إلى حارتهم الآمنة".
الحياة داخل مسقط رأس «المنتحر»، بعد محاولة تفجيره كنيسة العذراء بشبرا الخيمة، تبدو سوداء تماماً، فالجيران ينظرون لبعضهم في صمت مترقبين معرفة تفاصيل جديدة عن كيفية تجنيده من الجماعات المتطرفة.
أسئلة كثيرة بلا إجابات يطرحها سكان الحارة عن سبب إقبال عمر على تفجير نفسه فى كنيسة رغم حياته السعيدة التى يحياها مع زوجته وابنته بشهادة جميع جيرانه، وكل من يتعاملون معه.



أحد جيران الانتحاري كشف لـ"فيتو" تفاصيل خاصة عن حياة عمر: «إحنا مش مصدقين اللى حصل من عمر لحد دلوقتي، ومش عارفين عمل كده ليه، بس أكيد حصله غسيل مخ وملهاش تفسير تاني ، لم يكن يظهر نهائياً فى الشارع أو المنطقة سوى ساعة  الذهاب لعمله، والعودة فى وقت متأخر، ومحدش يعرف عنه حاجة ولا بيجي أمتى ولا شغال فى إيه، وعمرنا ما شفناه بيصلي فى المنطقة بعكس أخواته التلاتة، ومن شخصيته الانطوائية فالجميع يجهل عنه كل شيء».

يستكمل جار الانتحاري حديثه عن عائلته: " الشيخ مصطفى، شقيق «عمر»، صاحب «عربية الفول»، يعد الأكثر شهرة من شقيقه بالمنطقة، فالجميع يعرف عنه أنه صاحب الضحكة والابتسامة الدائمة، بخلاف «الدروس الدينية» التى يلقيها بالمساجد المحيطة بالمنطقة، لكن لا أحد يعرف مدى العلاقة بينهما كأسرة.

 وتابع:" الانتحاري عريس جديد بقى له سنتين ولسه مخلف بنوتة قمر من ثلاثة شهور، ومن يوم ما دخل الحارة محدش سمع صوته هو ومراته المنتقبه، والمفاجأة لما روحنا نباركله فى بداية زواجه عرفنا أنه مانع دخول التليفزيون البيت، مش عارفين إيه اللى وصله للحالة دي رغم إننا متربيين مع بعض من صغرنا فى الشارع، وعمرنا ما تصورنا أنه يوصل لحاجة زى كده".

أم محمد سيدة تخطت الستين من عمرها، وتعد من أقدم سكان الحارة تقول:«أنا عايشة هنا من سنين وأعرف أسرة عمر كويس ، وأيام ما كانت بيوتنا عشش، وأمه رفضت تسكن فى البيت بعد تجديده، وقالت نفسي أفرح بعمر قبل ما أموت، وبعد زواجه لم نراه إلا فى ساعات قليلة، وفى بعض الأوقات نشاهده ينشر الغسيل لزوجته، ويغسل السجاد وعمرنا ما كنا نتخيل أنه يموت نفسه».

 نقطة التحول وكلمة السر فى تغيير مسار حياة «عمر»، كانت مع بداية أيام الثورة وظهوره لفترة بارتداء «الجلابية القصيرة» يقول جيرانه: «لما شفنا عمر بالجلابية القصيرة استغربنا وقولنا له أوعي تروح فى السكة دي يا عمر أنت كويس وملكش فى حاجة أنت وأهلك، وكل ده بحكم إننا متربيين مع بعض، وأكلنا فى طبق واحد من صغرنا، عمر زمان كان روش، وبيلبس البنطلون المتسقط، واستغربنا لما لقيناه تعمق فى التشدد.

تغير واضح فى شخصية عمر لفت أنظار جيرانه ، حينما بدأ يتغيب عن حضورأفراح أولاد شقيقه «الشيخ مصطفى»، فى الشارع، ورفضه المشاركة فى الأفراح بدعوى الالتزام، مما أثار الشكوك حوله بدون أسباب.

حتى بعد وفاته لم يعرف سكان الحارة طبيعة عمل عمر ، يقول أحد جيرانه:" إحنا فوجئنا فى الفترة الأخيرة إنه اشترى توك توك لكن عمرنا ما شفناه شغال عليه، ولا نعرف أصلا هو كان بيشتغل فى إيه بالظبط ، عمر الفترة الأخيرة كان صامت زيادة ومبيتكلمش مع حد خالص».

قبيل تفجير نفسه  بأيام قليلة لاحظ جيرانه فى حارة مكة تغيرا فى طريقة تعامل عمر، يتحدث جار له فى المنزل :" رغم حرصه الشديد  على عدم الظهور إلا أنه ظهر فى الشارع ما يقرب من ثلاث مرات، إحداها أثناء شراء الفطار لأسرته، وهو يحمل مولودته على يديه «فى اليوم ده شوفنا عمر ثلاث مرات وكان بيبوس بنته وهو طالع ونازل مرة كان بيجيب الفطار ومرتين منعرفش كان بيعمل إيه بصراحة بس كان على غير العادة».

الجريدة الرسمية