محمود السعدني يكتب: رأس البر تستغيث
تحت عنوان «هذه هي رأس البر..إنها تستغيث» كتب الصحفى الساخر محمود السعدنى مقالا في مجلة "صباح الخير " عام 1968 قال فيه: يسأل الناس عن المصايف أيهما تختار، وأقول هذه هي رأس البر بمحافظة دمياط وما أدراك ما راس البر الناس هنا جميعا زلط ملط، بالفانلة جايز، باللباس جايز، بدون حاجة مفيش مانع طالما أنه ليس بين المصطافين خلاف، وليس هنا مساكن.. ولكن هنا عشش بعضها ممتاز وأغلبها لا يصلح عشش الفراخ. إذا كنت موظفا في المحافظة على النيل في التراوة، وسيارات المحافظة تتمخطر على الشاطئ طول النهار، وشعار الموظفين المرفوع إذا كان المصطافين غرباء فالمستوظفين هم الأصل.
واذا كنت مثل حالى مصيفا غلبانا فليس لك في رأس البر إلا الرصيف تسهر عليه تعد نجوم الليل إذا أردت تغازل القمر في السماء إذا شئت وتضرب الرمل والودع إذا كنت من مجاذيب الله الطيبين.
هذه رأس البر إذن محافظة لها مستوظفين وللمستوظفين مصيفين، وللمصيفين عشش وفى العشش عيال وللعيال شوارع فيها مجارى وناس ليس لهم بر لأن البر زفت وطين، لكن أهم اكتشاف واخطر اكتشاف هو مدينة دمياط والأهم أهلها الدمايطة، وأنا لم اذهب إلى دمياط أبدا، وكانت هذه أول مرة أزور فيها دمياط.أشهر شيء في دمياط العمل وأشهر شيء عن أهلها البخل، وعن أهل دمياط تحكى نكتا كثيرة... تشرب كوكاكولا ولا توسخ هدومك، تتعشى ولا تنام خفيف، وتنام هنا ولا تستريح في اللوكاندة.. وكلها نكت قيلت في دمياط وعن دمياط، حكايات وروايات أشهد أنها كلها كاذبة، وكلها ملفقة.. وكلها بنت ستين كلب، فالدمياطى كريم وشهم وأجدع من أي جدع في أي مكان في مصر.
أظن انها نكت اخترعها السادة أبناء المدن الأخرى لغيظهم الشديد من أهل دمياط. الدمياطى ناصح صحيح ولكن البخل ليس صفة فيه، والدمياطى ابن أصول ورجل فهلوى وشغال ويحب القرش ولكن ليصرفه من جديد.
والدمياطى كالأوروبي يعلم أن الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، دمياط كلها تعمل من الصباح حتى غروب الشمس ولذلك ليس في دمياط من بلعب الكوتشينة على المقهى، ولا ولد خايب بقصة يتلطع ويعاكس الستات. صحيح هو مهذب وخجول لكنه يحب التعامل بالأوراق حتى لا تخونه ذاكرته.
وأخيرا يا رأس البر.. كل شيء فيكى يهون من أجل دمياط وأهل دمياط. لكن امتى يهتم بيكى المسئولين لتعودى كما كنت أشهر المصايف.