أبرزها تدخل أردوغان في سياسة الصرف.. أسباب انهيار الليرة التركية
تصدر التدني السريع لقيمة العملة التركية التغطية الإعلامية الأمريكية في الآونة الأخيرة، لكن في المقابل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يحافظ على خطاب الادعاء بتماسك الاقتصاد التركي وزيادة الإنتاج والنمو المضطرد، مُلقيًا باللوم على أسباب خارجية وسياسية، حيث يتهم "شريحة مصالح الفائدة المصرفية، ووكالات التصنيف المالية، ومضاربي العملة".
وحركة السوق تُحمّل أردوغان مسئولية التردي الاقتصادي بإعلانه نية التدخل "في عمل المصرف المركزي بعد إعادة انتخابه"، وحذرت الشركة المصرفية الأمريكية الكبرى، جولدمان ساكس، من مواجهة المصارف التركية مصاعب تؤدي إلى استشراء الأزمة المالية (تدني سعر الصرف) إذا لم تتخذ الحكومة إجراءات وتدابير سريعة للحيلولة دون ذلك.
وسحب الاحتياط من المصارف الأمريكية هو "استجابة لدعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للتخلص من ضغط سعر العملات واستخدام الذهب ضد الدولار الذي تجلّى بسحب تركيا سنداتها المالية من الخزينة الأمريكية مما يعني أن أنقرة صفّرت حساباتها في أمريكا، وفق المحلل الاقتصادي التركي مصطفى سونماز.
القرار التركي لاستعادة الذهب كان ثمرة قلق أنقرة وخشيتها من "مصادرة السلطات الأمريكية احتياطها من الذهب في حال فرضت عليها عقوبات، بيد أن تركيا لم تكن الوحيدة التي سحبت أرصدتها، فقد استعادت ألمانيا نحو 374 طنًا من الذهب من فرنسا، بين أعوام 2013 – 2017؛ ونحو 300 طن من الولايات المتحدة، وفق بيانات البنك المركزي الألماني، فتركيا تحتل المرتبة العاشرة عالميًا بحجم احتياطيها من الذهب، 565 طنًا، وفق أحدث بيانات "مجلس الذهب العالمي."
أما المرتبة الأولى فهي للولايات المتحدة، 8.133.00 طنًا، والسعودية في المرتبة الرابعة عشر، 323 طنًا؛ ولبنان في المرتبة السابعة عشر بـ287 طنًا.
وحجم أرصدة الذهب التركية في المصارف الأمريكية بلغ 220 طنًا تمت استعادتها لتركيا بين 2016-2017، منها سحب نحو 29 طنًا من الذهب عام 2017 لصالح البنك المركزي التركي الذي "أعاد توجيه جزء كبير من الذهب المسحوب من المصارف الأمريكية إلى بنك إنجلترا وبنك التسويات الدولية،" وفق التقرير السنوي للبنك المركزي التركي على موقعه الرسمي.
التوجس الأمريكي من استدارة الرئيس التركي شرقًا يشاطره به دول حلف الناتو، فضلًا عن عدم رضى الطرفين من نزعة أردوغان للتفرد بالسلطة وميله للاستبداد، وكذلك لهروب عدد من ضباط القوات المسلحة التركية وطلب اللجوء السياسي في أوروبا نظرًا لعدم يقينهم بالسلامة الشخصية في عهد أردوغان.
كما أن علاقات تركيا مع اليونان تشهد ترديًا مستمرًا وتحرشات القوات الجوية التركية واختراقها الأجواء اليونانية أضحت ممارسة شبه ثابتة، يضاف إلى ذلك تباين الرؤى بين واشنطن وأنقرة فيما يخص التعامل مع الملف الكردي و"التحالف" المرحلي بين القوات الأمريكية والمسلحين الأكراد.
مواقف الكونجرس والإدارة الأمريكية تتسم بالتشدد حيال تركيا نتيجة الاعتقاد أن تقارب أنقرة المؤقت مع روسيا وإيران يأتي على حساب التضحية بعلاقتها مع حلف الناتو، وفي هذا السياق ترتفع الأصوات المطالبة بإعادة النظر في العلاقة الثنائية بين البلدين، مما يؤثر مباشرة على صفقة المقاتلات الأمريكية الحديثة، إف-35، وتجميد البت بها على المدى القريب.
واستعراض لوحة العلاقات الثنائية وتنامي معدلات التردي بين أنقرة وواشنطن يبشر بتفاقم الخلافات بينهما، في المدى المنظور، غير أن العلاقة الإستراتيجية بين البلدين ربما لا تتأثر بسبب طبيعة حاجة البلدين لبعضهما البعض، وحاجة واشنطن لاستثمار دور ونفوذ تركيا في الإقليم لأن تركيا تعتبر صمام الأمان للمصالح الحيوية للغرب في المنطقة.
ودور تركيا في إشعال وتفعيل الصراع في سوريا، واستقطابها لأعداد المسلحين، تبرز حاجة ورغبة واشنطن لاستخدام تركيا كمخلب قط في صراعها مع الصين تحديدًا، باستغلال علاقتها الوثيقة في تبني ورعاية "الحزب الإسلامي التركستاني،" وعماده مسلحون من الانفصاليين الإيجور – في الصين.