مصطفى أمين يكتب: لنحتفل بالحياة فقط
في كتابه (أفكار ممنوعة) نشر الكاتب الصحفى مصطفى أمين مجموعة مقالات رفضتها الرقابة الصحفية ومنها مقالا بعنوان (فلنحتفل بالحياة) قال فيه:
أنا لا أوافق على الاحتفال بالعظماء في الذكرى السنوية لوفاتهم، وأحسب أن هذه عادة مصرية قديمة، ورثناها عن قدماء المصريين الذين كانوا يحتفلون بالموت أكثر مما يحتفلون بالحياة.
في كل الدنيا يحتفلون بمولد الرسول أو العظيم أو الزعيم، يحتفلون بمولد النبى، وبمولد المسيح وبمولد جورج واشنطون محرر أمريكا.
لكننا في مصر نحتفل بذكرى وفاة مصطفى كامل وذكرى وفاة سعد زغلول، وذكرى وفاة جمال عبد الناصر بينما المفروض أن يكون الاحتفال بذكرى ميلاد الرجل فقط.. أما ذكرى الوفاة فهى مسألة شخصية تكتفى فيها الأسرة بزيارة القبر وقراءة الفاتحة.
وكان يؤخذ علينا دائما أننا نحب الأيام الحزينة ونقدسها ولا ننساها أبدا، ولا نذكر الأيام الحلوة كأن الأيام الجميلة لا تستحق الاحتفال.
وقد لا يعرف الكثيرون أن الاحتفال بعيد ميلاد الأفراد هو عادة جديدة دخلت مصر منذ نحو ثلاثين سنة تقريبا، ولم تكن معروفة قبل ذلك ونقلناها عن الأجانب الذين كانوا يقيمون بيننا.
ولا أذكر أن سعد زغلول مثلا احتفل في يوم من الأيام بعيد ميلاده أو أن أحدا احتفل بهذا اليوم بل أننى أذكر أنه هو نفسه لم يذكر لأحد هذا التاريخ بل إنه عندما مات اختلف الكتاب في تاريخ ميلاده، ولم يستطيعوا أن يجدوا له شهادة ميلاد وأخيرا وجدوا شهادة الليسانس التي حصل عليها من باريس.
لماذا لا نحاول أن نقلع عن عادة الاحتفال بذكرى وفاة الرجل ونحتفل بيوم مولده، فتكون الأيام السعيدة هي الأيام التى تستحق الاحتفال والتمجيد.
ولكننا بطبعنا نميل إلى الحزن والدموع وهذا يبدو بوضوح في أغانينا وأفلامنا وفى أحاديثنا الشخصية وليس أدل على ذلك من أن صفحة الوفيات في جرائدنا لا تزال أهم من صفحة البرقيات.. ويكفينا سبعة آلاف سنة من الدموع.