رئيس التحرير
عصام كامل

حقوق المحبوس احتياطيًّا

صورة ارشيفيه
صورة ارشيفيه


أجمع فقهاء القانون على أن الحبس الاحتياطي ليس عقوبة واجبة النفاذ، وإنما هو إجراء قانوني احترازي يهدف إلى ضمان عدم هروب المتهم أو عدم تأثيره على إجراءات التقاضي من خلال إتلاف الأدلة أو وتغير أقوال الشهود، ويهدف أيضا إلى حماية المتهم نفسه من بطش أسرة المجنى عليه.. إذن فالمحبوس احتياطيا ليس مدانا ولم تصدر ضده عقوبة سالبة للحرية، ومن ثم فإنه يجب ألا يعامل معاملة "المحكومين" وله حقوق عديدة تختلف عن حقوق السجناء المدانين بأحكام قضائية.. ترى ما هذه الحقوق.. وهل يحصلون عليها بالفعل أم أنها مجرد بنود في القانون لا يلتفت أحد إليها؟ إجابة هذه التساؤلات وغيرها في السطور التالية.


في البداية أكد مصدر قضائى رفيع المستوى أن القانون فرق ما بين المحبوس احتياطيا على ذمة إحدى القضايا التي تنظرها جهات التحقيق سواء النيابة العامة أو المحكمة المختصة، وبين المسجون الصادر في حقه حكم قضائي سالب للحرية، كما حرص المشرع على توثيق حقوق المحتجز احتياطيا ونص عليها صراحة في القانون رقم 396 لسنة 1956 الخاص بتنظيم السجون المصرية، ومن بينها: يتم احتجاز المحبوسين احتياطيا في أماكن منفصلة عن غيرهم من المساجين الصادر ضدهم أحكام، ويتجوز إقامة المحبوسين احتياطيا في غرف مؤثثة مقابل مصاريف محددة، ولهم أيضا الحق في ارتداء ملابسهم العادية، ومن حقهم أيضا إحضار ما يناسبهم من طعام من خارج السجن أو شرائه من داخله بحرية، ولا يجوز تشغيل المحبوس احتياطيا في أي أعمال داخل مقر الاحتجاز إلا إذا طلب هو ذلك، وبالنسبة للزيارات فإن القانون منح المحبوسين احتياطيا الحق في زيارة واحدة أسبوعيا، ومدتها تختلف باختلاف السجن المحتجز به، فمدة الزيارة العادية في السجون العمومية 15 دقيقة، أما الزيارة الخاصة فتصل مدتها إلى 30 دقيقة ويجوز إطالتها بتصريح من مأمور السجن، وفى السجون المركزية تكون مدة الزيارة في جميع الأحوال نصف ساعة.. المصدر أضاف أن المحتجزين في السجون العمومية يمكن لأى عدد من ذويهم زيارتهم وفقا لتصريح النيابة في هذا الشأن، أما المحتجزون في "المركزية" فمسموح فقط باثنين ويجوز زيادة العدد الزائرين إلى 4 بقرار من مأمور السجن.

من جانبه علق ياسر سيد أحمد المحامى بالنقض والدستورية العليا، على تلك الحقوق قائلا: "بالفعل نص قانون تنظيم السجون المصرى على بعض الحقوق للمحبوسين احتياطيا باعتبارهم ما زالوا في طور التحقيقات أو المحاكمات، غير أن القانون الصادر منذ أكثر من 60 عاما لم يضع آليات محددة تضمن تلك الحقوق، فعلى سبيل المثال ربط حق المحتجز احتياطيا في الإقامة بعيدا عن المحكومين وفى غرف مؤثثة، بإمكانات السجن نفسه، وغالبا لا تتوافر تلك الأماكن في معظم السجون أي أنه لن يتمتع بهذا الحق.. وبالنسبة لحقه في ارتداء الملابس الخاصة به، فقد منح إدارة السجن التدخل في اختيارها حيث نص القانون على: "للمحبوسين احتياطيا الحق في ارتداء ملابسهم الخاصة ما لم تقرر إدارة السجن مراعاة للصحة والنظافة ولصالح الأمن، أن يرتدوا الملابس المقررة لغيرهم من المساجين.. وفيما يخص الزيارات فإن عددها ومدتها لا يتناسب مع كون المحبوس ما زال في طور التحقيقات والمحاكمات، ومن الأولى أن تزيد مدة الزيارة وعددها حتى تتاح له الفرصة للتحدث مع المحامى الخاص به، ولقاء أهله وذويه، كما أنها تنطوى على نوع من التفرقة خصوصا وأن مدة الزيارة تختلف من سجن لآخر، وليس ذنب المحتجز أن تم وضع في سجن مركزى، وهنا لا بد من توحيد مدة الزيارة، وعدم التقيد بعدد معين من الزيارات في أي تعديل تشريعى جديد".

وأشار المحامى إلى ضرورة إعداد وتجهيز أماكن خاصة بالمحبوسين احتياطيا، ومعاملتهم كمتهمين وفقا للمبدأ القانونى الشهير "المتهم بريء حتى تثبت إدانته"، غير أن ما يحدث هو أنه فور صدور قرار الحبس الاحتياطي، يتم احتجاز المتهم داخل قسم أو مركز الشرطة، والزج به إلى الحجز وما يستتبع ذلك من سوء معاملة، وفى بعض الأحيان يظل في "القسم" لفترات طويلة مع أن هذا الأمر مخالف للقانون، وفى حالة ترحيله لسجن مركزى أو عمومى، لا يتذكر أحد حقوقه كمحبوس احتياطيا، وتسرى عليه نفس القواعد التي تسرى على "المحكومين".. وأضاف: "ما يحدث من مخالفات لقواعد الحبس الاحتياطي سببه الأساسى غياب الرقابة من الجهات المختصة مثل النيابة العامة، والتي من المفترض أن تجرى تفتيشا مفاجئا على أقسام الشرطة للتأكد من عدم وجود محتجزين احتياطيا بها، وعلى السجون المختلفة ومراجعة ظروف احتجاز المتهمين في القضايا، والتأكد من عدم وجود أي مخالفات، أو إهدار لحقوق المحبوسين.
الجريدة الرسمية