100 مليار جنيه.. أجور وسفريات السكك الحديدية.. الهيئة تنفق المبلغ في ١١ سنة رغم أن ميزانيتها 50 مليارا فقط.. القروض تجاوزت الـ88 مليارا.. ومخاوف من الحجز على الهيئة
مبالغ لا يكاد يصدقها عقل، أنفقتها الهيئة القومية للسكك الحديدية في غير مواضعها، فبدلًا من الإسراع بعمليات التحديث والتطوير، وتحسين البنية الأساسية، تم صرف عشرات الملايين على المرتبات والأجور وسفريات الفنيين والمهندسين بحجة التدريب.
وهكذا صار شعار مسئولى السكك الحديدية في مصر علاج العرض، وليس اجتثاث المرض من جذوره.. ولهذا يعمل كافة قياداتها لتحقيق هدف واحد فقط، هو إبقاء الهيئة على قيد الحياة وليس جعلها قوية، وهنا تكمن نظريات التطوير التي تقوم بها السكك الحديدية والتي تصل لحد التجارة بالمرض أو التجارة بتدهور أحوالها.
100 مليار
مصدر مطلع بالهيئة قال لـ”فيتو” إنه بداية من 2007 وحتى العام الحالى، أنفقت الهيئة القومية للسكك الحديدية مليارات وصلت لما يقرب من 100 مليار جنيه منها نحو 50 مليارًا تم إنفاقها على رواتب العاملين وعلى سفر فنيى وقيادات السكك الحديدية للخارج للتدريب على أحدث نظم تشغيل السكك الحديدية في العالم.
ففى عام 2007 وقعت الهيئة القومية للسكك الحديدية عقدا مع الحكومة الإيطالية لتطوير السكك الحديدية بتكلفة 600 مليون يورو ما يعادل 13.6 مليار جنيه بحساب العملة في الوقت الحالي.
وحصلت الهيئة على قروض في الفترة منذ 2007 وحتى الآن من بنك الإعمار الأوروبي ومن الاتحاد الأوروبي ومن البنك الدولى، بضمان بنك الاستثمار القومى وصلت قيمتها لأكثر من 88 مليار جنيه تقريبا، وهى المبالغ التي كاد البنك الوطنى للاستثمار ينفذ الحجز على السكك الحديدية للوفاء بهذه الديون.
كما حصلت السكك الحديدية على قروض أخرى من العديد من البنوك الوطنية والمحلية والدولية بحجة التطوير. من ناحية أخرى، بلغت ميزانيات السكك الحديدية التي تخصصها الحكومة للهيئة سنويا من عام 2007 وحتى الآن ما يقرب من 50 مليار جنيه تقريبا.
ومع هذه المبالغ التي تزيد على 100 مليار جنيه بكثير تظل نفس النغمة التي ترددها السكك الحديدية على مدى سنوات، وهى عدم وجود أموال للتطوير.
ميكنة الإشارات
من ناحية أخرى، أنفقت الهيئة القومية مبالغ كبيرة على مشروعات ميكنة الإشارات في الوجهين البحرى والقبلي، ولكنها لم تنفق مليمًا واحدًا على البنية التحتية لازدواج الخطوط المفردة والتوسع في خطوط السكك الحديدية بدلا من المسافات بالشبكة الحالية، والتي تصل إلى 2000 كيلو متر تحتاج لازدواج وبشكل عاجل.
جدير بالذكر أن الهيئة القومية للسكك الحديدية لم تقم بإنشاء أية خطوط جديدة منذ أكثر من نصف قرن، كما لم تقم بتطوير وسائل الجر الخاصة بالجر بالديزل منذ إنشائها وحتى الآن.
ويرى الدكتور حسن مهدى، أستاذ النقل بهندسة عين شمس، أن تطوير السكك الحديدية يحتاج إلى مخطط واضح المعالم للتطوير يشمل تطوير وسائل الجر من الجر بالديزل إلى الجر المكهرب والعمل على مضاعفة الشبكة الحالية من 6000 كيلو متر إلى 10 آلاف كيلو متر، على أن تكون الخطوط الجديدة جميعها تحت إدارة شركات خاصة تتمكن من إدارتها بشكل احترافى.
وانتقد مهدى تشتيت الجهود في المشروعات المختلفة للتطوير ونظام اعتماد مشروع لتطوير الإشارات وأخرى لرفع الكفاءة، مؤكدًا ضرورة تحديد مشروع واحد يشمل كافة عمليات التطوير وبرنامجا زمنيا واضحا لمخطط التطوير، موضحا أنه بخلاف ذلك ستظل السكك الحديدية تستنزف ميزانية الدولة وتحصل على أموال دون أي حق.
وتوقع أن يتم تأجيل العديد من المشروعات الواعدة منها مشروع القطار المكهرب وغيرها من المشروعات لعدم جاهزية الاستثمار.
من جانبه، كشف المهندس محمود سامى، الرئيس الأسبق للسكك الحديدية، عن وجود مشكلة تفوق مشكلة التطوير، وهى كارثة التأخر في التطوير.
سبب الكوارث
وأكد أن التأخر في تطوير السكك الحديدية هو السبب الرئيسى في الكوارث الحالية، خاصة أن التأخير تسبب في انهيار مضاعف للهيئة، كما أن التأخير كان السبب الرئيسى في ارتفاع فاتورة التطوير.
وأوضح أنه في عام 2007 كانت السكك الحديدية تحتاج لتطويرها بالكامل ما يتراوح بين 25 و30 مليار جنيه، ومع التأخر في التطوير أصبحت فاتورة التطوير الآن مختلفة، حيث تحتاج السكك الحديدية حاليا لتطويرها من 60 إلى 100 مليار جنيه.
وأضاف محمد سامى أن التأخر في اتخاذ القرار مع ارتفاع الدولار وتراجع سعر صرف الجنيه جعل حمل السكك الحديدية أثقل كثيرا مما مضى.
"نقلا عن العدد الورقي"..