رئيس التحرير
عصام كامل

خمسة أنواع من الرجال!


رجل يعاني الانفصام، يعيش بشخصيتين، إحداهما ودودة ومنطلقة ومتحررة ومبتسمة طوال الوقت، تظهر خارج البيت، والثانية متجهمة، عدوانية متزمتة تلبسه بمجرد أن يدخل بيته، تشاهده في منتهى الرقة مع زميلاته في العمل وصديقاته، رومانسيا في محادثاته على فيس بوك، لكن الكلمات تخرج من فمه كالحجارة أو أشد قسوة أثناء حواره مع زوجته، يقضي الليل في دردشاته البريئة مع فتيات التواصل الاجتماعي، لكنه يغضب ويثور إذا وجد تعليقا من رجل خارج محيط الأسرة على صفحة زوجته، دون أن يفكر ولو لمرة أن زوجته قد يكون لها صفحة أخرى على الموقع نفسه، بل ربما يكتشف في النهاية أن صديقته "أميرة الليل" ليست سوى "أم العيال" أو "الحكومة"!


رجل أناني، يتصور دائما أنه محور الكون، وكل المحيطين به مجرد عبيد خلقهم الله لكي يبذلوا كل الجهد لخدمته، وإرضائه، وتنفيذ رغباته، والإيمان المطلق بتصوراته عن الحياة، لا يعترف بالفضل لأحد، لأنه يؤمن تماما أن ما يقدمه له الآخرون هو جزء من حقه عليهم، يمارس أنانيته في كل محيطه الاجتماعي، ويكون للأسرة بطبيعة الحال النصيب الأكبر، هذا النموذج يتعذب إذا كانت زوجته مريضة، لأنه سيضطر رغما عنه إلى الاستغناء مؤقتا عن خدماتها، ويزيد عذابه لأنه سيكون مجبرا على الابتسام في وجهها، بل وربما تقديم بعض المساعدات لها، وهو أمر لا يليق بالعظماء من أمثاله!

رجل يعيش أسيرا لمفاهيم أسرته عن الزوجة المثالية، تراه دائما يحاول أن يغير من شخصية الزوجة التي أسعدها الحظ بالارتباط به، بحيث ينحت منها تمثالا مطابقا لمواصفات أمه وأبيه، فيُقدمها لهما باعتبارها الزوجة المتفانية في خدمته، تغسل وتطبخ وتنظف المنزل، تسهر لتوقظه في موعد العمل، نظيفة إلى درجة الهستيريا، وأحيانا يروق الأمر للزوجة التي ترى في مبالغات زوجها نوعا من الحب والتقدير لشخصها، هذا الرجل يكفي لكي تدمر حياته أن تلتقط له صورة بمريلة المطبخ، وهو يغسل الأطباق، لأن ذلك يهدم كل الأساطير التي حاول من خلالها أن يثبت لأسرته، أنه رجل في بيته، كما تعني بالنسبة إليهم كلمة رجل!

رجل مدلل، فوجئ بمسئوليات الحياة، واكتشف حجم الورطة التي وضع نفسه فيها، وبدلا من أن يقاوم شخصيته التي اعتادت على السهل، ولم تعرف الجهد، ولم تدرك أن الحياة لا تخلو من تنازلات، يظل على سيرته الأولى، يمل من ضغوط الزواج ومسئولياته، يكره طلبات الأبناء، لا يعترف بمسئوليته عن آخرين أصبحوا جزءًا من حياته، باختياره وبقرار منه، فيصب عليهم لعناته، ولا يعرف أبدا متعة العطاء معهم، فهم بالنسبة إليه، ليسوا سوى عبء يحمله على كاهله دون ذنب!

رجل عنيف، يتكلم بكف يده، ويناقش بقدمه، يفعل ذلك مع شريكة حياته لأتفه الأسباب، أحيانا لاقتناعه بثقافة أن العنف هو السبيل الوحيد للسيطرة على المرأة، وأحيانا أخرى لأن العنف هو وسيلته لحسم أي خلاف، داخل بيته أو خارجه، مع زوجته أو أصدقائه أو زملائه أو جيرانه، وهذا النموذج هو الأكثر شيوعا، وأسباب العنف بشكل عام يصعب حصرها، وإن كان من أهمها شيوع العنف في المجتمع بشكل عام بوصفه وسيلة لفرض الرأي دون الحاجة لمشقة النقاش والإقناع، وهذا النموذج يستحق الشفقة، ليس فقط لأنه ضحية للمجتمع وظروفه الضاغطة، لكن لأنه لا يعرف أن اللحظة التي يضرب فيها الرجل زوجته، هي اللحظة نفسها التي تنتهي فيها علاقتهما بشكل فعلي، لكنه للأسف لا يدرك ذلك لأن الشخص العنيف يكون عادة من ذوي الذكاء المحدود!

هوامش:
ما سبق نماذج من رجال لا بد أن تنتهي حياتهم الزوجية إلى الطلاق، بل ويكون انتهاؤها أفضل من استمرارها!
هناك نماذج أخرى بلا شك، وهناك رجال قد يجمعون بين أكثر من نموذج في شخصية واحدة..
ارتفاع معدلات الطلاق بهذا الشكل في مصر قضية تستحق النقاش، والبحث عن أسبابها ليس ترفا!
الجريدة الرسمية