رئيس التحرير
عصام كامل

واقعة التهريب.. والدروس المستفادة


في واقعة "أطفال التهريب" الشهيرة التي أثارت جدلًا إعلاميًا ومجتمعيًا كبيرًا منذ أيام (وهو بالطبع مفيد للغاية بجميع إيجابياته وسلبياته) استوقفني عدد من العبارات التي وردت على لسان الطفل "محفوظ دياب" نظرًا لما تحمله هذه العبارات من دلالات شديدة الأهمية، أرى أنه من المجدى لنا تربويًا، وثقافيًا، واجتماعيًا، أن نستخلص منها "الدروس المستفادة" التي تعيننا على وضع الخطط الملائمة التي نستطيع بها تغيير بعض المفاهيم الخاطئة التي انتشرت للأسف في المجتمع في السنوات الأخيرة، وهى بعيدة كل البعد عن المفاهيم الصحيحة التي ينبغي أن تسود وتترسخ فيما بيننا..


حيث قال إن أسرته في حالة مادية متيسرة أبًا عن جد، لكنه يريد الاعتماد على نفسه في اكتساب الرزق، لافتًا إلى أنه لم يكن يهرب مخدرات أو آثار، ولكنه كان يقوم بتهريب الملابس فقط!!، وفى موضع آخر استنكر العمل في مجال "النظافة" لأنه من وجهة نظره يراه عملًا لا يليق به.

وهنا يجب أن نتوقف مليًا عند هذه العبارات وأن نربط بين مدلولاتها فائقة العوار، فقد اعتبر "محفوظ" أنه لا بأس من العمل في تهريب الملابس (على الرغم من كونه عملا غير مشروع يضر بمصالح الدولة الاقتصادية، وبمصالح التجار الشرفاء الذين يؤدون ما عليهم من حقوق وواجبات) لأنه يراه من وجهة نظره أفضل من العمل في مجال "النظافة" على الرغم من كونه (عمل مشروع) ويشكل أهمية شديدة لكل المجتمع، والسبب في ذلك بالطبع يعود إلى نظرة المجتمع الدونية تجاه بعض المهن والأعمال والحرف (التي لا نستطيع الاستغناء عنها ولو لساعة واحدة) ولكننا في نفس الوقت نبخس أصحابها حقهم الواجب في الشعور بالتقدير والاحترام والامتنان مثلما هو موجود في جميع دول العالم المتقدم (وألمانيا واليابان خير مثال).

لذا.. أرجو من الدولة أن يكون على رأس أولوياتها الآن أكثر من أي وقت مضى (خاصة وهي تعمل في الوقت الحالي على إعادة بناء منظومة القيم والأخلاق التي ننشدها جميعًا) أن تستخدم وتسخر جميع إمكانياتها التعليمية، والثقافية، والإعلامية لصالح تصحيح بعض المفاهيم المغلوطة والعنصرية التي ما زالت تعرقل حركة المجتمع عن الوصول إلى المستوى المأمول من التطور الفكري والثقافي والسلوكي الذي يضعنا في مصاف الأمم المتقدمة.
الجريدة الرسمية