رئيس التحرير
عصام كامل

معركة الحريات في تونس تكشف الوجه الإخواني لـ«النهضة».. قيادي يهاجم تقرير «المساواة» ويتهمه بمخالفة الشريعة.. مسئول الملف: تلون ومحاولة مكشوفة لفرض وصاية على الإسلام..وباحث: تنسق مع

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

رغم محاولات حركة النهضة التونسية ــ ذراع الإخوان ــ في التنظيم الدولي، والتي يرأسها الشيخ راشد الغنوشي، التخفي بعيدًا عن انتمائها القديم لجماعة الإخوان الإرهابية، بسبب تسونامي الجماعة، الذي جرفها إلى متاهات لا قبل لها بها، وجعلها منبوذة من العالم، إلا أن تصرفات قادة الحركة، وخصوصا في الآونة الأخيرة، فضح بشكل غير مسبوق اتجاهاتهم الإخوانية التي يحاولون جاهدين طمس معالمها.


تونس ترفض الجماعة
منذ اليوم الأول للثورة التونسية التي افتتحت المد الثوري بالمنطقة، والمجتمع التونسي الذي يتسم بالثقافة العالية، يلفظ الإخوان ممثلة في حركة النهضة حاولت الجماعة ابتزاز النخبة والمثقفين والسياسيين الرافضين لها وتخويفهم، وعندما فشلت جميع أساليبها لجأت هي إلى التخفي بعيدا عن أيديولوجيتها المعلنة، بل ولفظت تاريخها بأكمله القائم على العقيدة الإخوانية، وأصبحت تهدد بمقاضاة من يصفهم بالذراع التونسي للجماعة، حتى لو كان «سفير الاتحاد الأوروبي» في تونس.

معارك متواصلة
لم تنقطع المعارك بين النخبة والإخوان، كان آخرها الهجوم الشرس الذي شنته بشرى بلحاج، رئيسة لجنة الحريات الفردية والمساواة في تونس، على حركة النهضة، وأكدت أن معركة الحريات في تونس، كشفت الوجه الإخواني للحركة، التي لا زالت تتعامل مع التونسيين، وكأنها وصية على الإسلام.

«بلحاج» التي تنتمي إلى القوى المدنية، قالت في تصريح ناري للإذاعة التونسية، إن النهضة تدعى أنها حزبا مدنيًا، في الوقت الذي يخرج فيه القيادي التاريخي عبد الكريم الهروني، مهاجمًا تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة، بدعوى أنه يخالف الشريعة الإسلامية، وسخرت منهم على الهواء قائلة: «أي وجه لكم نصدق».

هل تحولت للمدنية فعلا؟
قبل عامين، وفي مؤتمرها العاشر، أعلنت حركة النهضة قرارًا تاريخيا شكل صدمة للكثير من متابعيها، انتهى مشروع «الغنوشي» إلى ضرورة الفصل بين السياسة والدعوة، وهو الإجراء الذي يرفضه إخوان مصر ــ الجماعة الأم ـــ حتى الآن، وكانت محل ترحيب من المجتمع الدولى، وترقب وعدم تصديق من المجتمع التونسي، الذي يعلم جيدًا أن الإخواني لا ولن يتغير أو يغير جلده.

ادعت الحركة تحولها إلى حزب ديمقراطي وطني، بما يعني تنازلها عن أجندة ومشروع الخلافة والإسلام الأممي، وليس هذا فحسب، بل وقطع أي صلة تنظيمية لها مع التنظيم الدولي للإخوان، وهي القرارات التي قالت مصادر من داخل الحركة، إنها أضعفت قدرتها على الاستقطاب والحشد وسلامة تماسكها التنظيمي من الداخل، بما أدخلها في أزمات غير مسبوقة.

العباءة الدينية
وأشارت المصادر إلى أن العديد من قيادات الجيل الثاني والثالث داخل الحركة، عادت إلى الحشد من جديد، وقررت ـــ دون مضايقة من القيادات العليا النهضة العليا ــ العودة لأساليبها التقليدية العتيدة، وارتداء العباءة الدينية من جديد، وتكثيف الظهور في المساجد، وإعادة ترويج أحاديثهم عن الإسلام والثقافة الدينية، فيما أطلقت «سمية الغنوشي» مسمى جديدا لليبرالية بعنوان «الإسلام الليبرالي» في محاولة واضحة لإعادة النسق الديني إلى لغة خطاب النهضة.

فشل الحركة في الانصهار وسط المجتمع المدني، والقوى السياسية المدنية، والتحركات الفردية الهستيرية للسيطرة تراجع شعبية الحركة، أوقع القيادي التاريخي عبد الكريم الهروني، في فخ الأصولية، وجعله يستخدم رؤى وثقافة دينية في الهجوم على تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة، بل وأصدر بيان في "ثوب فتوى"، يؤكد أن التقرير يخالف الشريعة الإسلامية، بما كشف الوجه الحقيقي للحركة، التي صمتت ولم تنطق بكلمة حول التعليقات التي أثارت ضجة كبرى، ولا تزال النار مشتعلة.

إعادة تدوير
إبراهيم ربيع الباحث في شئون الحركات الإسلامية، قال لـ«فيتو»، إن الحركة كانت ولا تزال تسعى لإعادة تدوير الفكرة الإخوانية، وإنتاجها في ثوب جديد بالدول العربية والإسلامية.

يشير "ربيع" إلى أن التحاف الجماعة بالمدنية، لم يجعلها تحظى بالقبول من خصومها السياسيين، مما جعلها تعود إلى نغمتها القديمة، ولا سيما أن الجماعة سبق ضبطها، وهي تنسق وتتعاون مع الحركات الجهادية والسلفية منذ اندلاع الثورة التونسية في ٢٠١١ ولا زال التنسيق مستمرا حتى الآن، بحسب وصفه.
الجريدة الرسمية