رئيس التحرير
عصام كامل

حوار هادئ حول موضوع صاخب.. أطفال بورسعيد!


قال: شفت؟ شفت البلد رايحة على فين؟ حتى الأطفال بيشتغلوا في التهريب!
قلت: وده معناه إيه؟
قال: إحنا رايحين في داهية.. البلد كلها فساد حتى الأطفال.


قلت: وكأنك لم تسمع أن رئيس مصلحة الجمارك نفسه محبوس! وأضيف إليه في محبسه ضابط شرطة! وكأنك لم تقرأ عن ضربات جمارك الإسكندرية للرقابة الإدارية.. وغيرها وغيرها وكأنك ترى ما تريد وتتجاهل ما تريد لأنك تريد إشعال الحرائق وخلاص!

قال: الحرائق مشتعلة يا بيه لوحدها.. الناس مش لاقية تاكل لأنها مش لاقية شغل!

قلت: وهل النظام الحالي الذي صنع البطالة؟ أم مثلها مثل الفساد هو الذي يعالجها؟ الفساد مثلا يلتهم البلد منذ الانفتاح في عالم 1974 ومن بعدها تحولت البلد إلى مرتع للمفسدين.. صحيح لا يخلو مجتمع بشري من الفساد لكن عندنا صار الفساد أصلا والشرف استثناء.. حتى أصبحنا نمدح ونحتفي بأي مسئول شريف، نراه وكأنه اكتشاف بعد أن كان الفساد فضيحة كبرى وجريمة كما رأينا من عماد حمدي في فيلم "أم العروسة" في الستينيات..

لكن الآن نواجهه بكل قوة ويتساقط كل يوم لصوص جدد.. وهكذا مع البطالة.. تسلمها السيسي لكنها في تناقص من 2014 وانخفضت من 14 % إلى كسر حاجز الـ10 % لكنكم لا تهتمون فقط إلا بمعدل التضخم.. لأن هناك تربص منكم. 

قال: منكم مين.. أنا مش إخوان.. لكنكم أعطيتم فرصة للإخوان لاستغلال فيديو الأطفال!
قلت: وما ذنب الأطفال؟ كانوا محبوسين ولم يطلبوا من الجماعة الإرهابية أي شيء.. ومن يستغلهم بهذه الطريقة مجرم.. هم أصلا ضحايا سنوات طويلة من الإهمال!

قال: يا عم ارحمنا بقى.. كل حاجة تحملوها على اللي سبقكم؟!
قلت: أليس إهمال التعليم جرى في السنوات الماضية أم هذه كذبة؟ في عهد من ألغيت التربية الوطنية وألغي الحضور والانصراف واختفت تحية العلم وأصبح التلاميذ أصدقاء مدرسيهم يُسامرونهم على المقاهي؟ وفي عهد من سمحنا للأمريكان بالتدخل في التخطيط للتعليم المصري؟ يا بيه هذه حقائق وليست رأيا!

والحوار حول الأزمة كله صاخب ومُلتبس ويفتقد للعقل.. مسئول بنقابة الإعلاميين يهدد مذيعة فيديو الأطفال أنها قد تمنع من الظهور على الشاشة مرة أخرى رغم أنها أصلا مذيعة بالإذاعة المحلية ببورسعيد!! وهذا يعني أن أي أحد يقول أي شيء دون معرفة بالتفاصيل وغابت الموضوعية عن الأمر!

قال: الأسر نفسها لو عرفت تربي مكانش ده الحال.. والأولاد جايين من الصعيد يعني لو في أكل عيش هناك لكانت المشكلة لم تظهر!

قلت: القضاء على البطالة لم يحدث بالأرقام إلا في الستينيات وبلغت 37. % أي أقل من نصف في المائة لكن الظروف مختلفة والتوجهات مختلفة.. وكل هؤلاء الأطفال وأهلهم ضحايا الأربعين عاما الماضية.. نصيبهم في ثروة بلدهم الذي كان من المفترض ينفق عليهم في التعليم والإعلام والثقافة والرياضة تم إلغاء بعضه وسرق اللصوص الجزء الباقي.. هؤلاء لا يستحقون الجلد.. ولا أتكلم عن المستوى الاقتصادي.. لأن المستوى الثقافي والتعليمي ومستوى الوعي أهم!

قال: أومال مين يعني؟ يكونش أنا اللي أستحق؟!
قلت: الأسباب التي أدت لذلك تستحق الجلد.. وجلدها يتم بالتخلص منها.. وهزيمتها وهذا لا يتم إلا بالتخطيط الجيد والعمل. الجيد.. توكل على الله.. اصرخ في مكان آخر.. الهيستيريا تقتل أصحابها!
الجريدة الرسمية