رئيس التحرير
عصام كامل

ملف «اللاجئين في تركيا» يتصدر زيارة أردوغان لألمانيا

فيتو

من المتوقع أن يزور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ألمانيا الخريف المقبل، في مواجهة ملفات شائكة مع الدول المضيفة للاجئين، أبرزها اتفاق حول اللاجئين عقد بين تركيا والاتحاد الأوروبي.

لم يستسغ المرشح محرم إينس، من حزب الشعب الجمهوري (CHP)، فكرة أن يعود اللاجئون السوريون، الذين فروا من الحرب ووجدوا الحماية في الخارج، إلى وطنهم لقضاء عشرة أيام من رمضان مع عائلاتهم، وقال بوصفه أحد منافسي أردوغان في حملة الانتخابات الرئاسية التركية: "إذا استطاعوا العودة إلى وطنهم، فعليهم البقاء هناك" وذكر إينس أن بلاده ليست بوضع أحسن وقال: "هل بلدنا مطبخ لتحضير الحساء؟ بلدي مليء بالعاطلين عن العمل!".

لم يكن لمحرم إينس أمام أردوغان الفائز بالانتخابات أي فرصة للفوز، لكن نسبة 30 في المائة من الأصوات، جعلته يحتل المركز الثاني، وذلك بسبب انتقاده الشديد لسياسة أردوغان الخاصة باللاجئين، حيث استقبلت تركيا لحد الآن ما يقرب من أربعة ملايين لاجئ من سوريا وتلعب صفقة اللاجئين مع الاتحاد الأوروبي دورًا رئيسيًا.

منذ فبراير عام 2016، يُسمح للاجئين السوريين بالعمل في تركيا، الأمر الذي دفع بكثيرين منهم للعمل في وظائف بسيطة بأجور متدنية، كان يمارسها السكان المحليون في السابق، إضافة إلى هذا ارتفعت إيجارات السكن بسبب موجة اللاجئين، بالأخص شرق البلاد، من ناحية أخرى ووفقًا لمصادر رسمية، استثمر اللاجئون السوريون بالفعل أكثر من 330 مليون دولار في الاقتصاد التركي لبدء أعمالهم التجارية الخاصة، وتأسست منها 6 آلاف مشروع، لكن رغم هذا لم يتمكن اللاجئون من كسب ود الأتراك.

وكان زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيلكدار أوغلو، قال في حملته الانتخابية "جنودنا يسقطون في القتال مع الإرهاب في سوريا، في حين يكتسح الشبان السوريين شوارعنا بفخر".


كان زعيم حزب الشعب الجمهوري يتوقع أن تقابل مثل هذه التصريحات بشكل جيد من قبل شريحة معينة من المواطنين الأتراك، خاصة أن الاقتصاد التركي يشهد تراجعًا من عدة نواحي.

أردوغان تحت الضغوط
حتى بعد انتهاء الانتخابات لا يزال الرئيس أردوغان يواجه ضغوطًا، وهذا هو سبب محاولته مساعدة الجيش، إخضاع أجزاء من شمال سوريا تحت سيطرة القوات التركية والميليشيات السورية المأجورة، كما يقول غونتر ماير، رئيس مركز أبحاث العالم العربي في جامعة ماينز، "ستكون تلك المنطقة، من وجهة نظر أردوغان، المنطقة، التي ستسهل عملية إعادة السوريين من تركيا".

بالنسبة لأوروبا وألمانيا فإن اهتمام أردوغان بالمنطقة يحمل في طياته الفرص والتحديات على حد سواء، من الواضح أن أردوغان ممتن لأي لاجئ سوري يغادر تركيا بغض النظر عن الوجهة، التي سيسلكها. وقد ازداد عدد اللاجئين القادمين من تركيا باتجاه اليونان إلى تسعة أضعاف منذ بداية شهر مايو من هذا العام. إذ عبر البحر الأبيض المتوسط بين تركيا واليونان أكثر من 15 ألف شخص. ولهذا دعا ديميتريس افراموبولوس، مفوض الاتحاد الأوروبي لشئون الهجرة والشئون الداخلية إلى تعزيز وجود قوات الحدود وحرس السواحل الأوروبيين المقدر عددهم بنحو 1500 جندي، في الوقت نفسه، أوضح أن اتفاق اللاجئين بين الاتحاد الأوروبي وتركيا لا يزال ساري المفعول. وقال افراموبولوس في مايو من هذا العام أن" الوضع تحت السيطرة."

وفي نهاية شهر يونيو، وافقت دول الاتحاد الأوروبي على دعم اللاجئين السوريين في تركيا بثلاثة مليارات يورو. كما حصلت تركيا قبل ذلك على حزمة مساعدات أولية بقيمة ثلاثة مليارات يورو.

"تركيا بحاجة إلى استقرار سوريا"
بات من الواضح أن إبقاء اللاجئين في تركيا سيظل ممكنا فقط من خلال المساعدات المالية المخصصة لدعمهم. في الوقت نفسه، يستفيد الاتحاد الأوروبي ومن قبله ألمانيا من رغبة أردوغان في المساهمة بأكبر قدر ممكن في تحرير البلد المجاور، سوريا. ويقول غونتر ماير: "إن تركيا في حاجة ماسة إلى حدوث الاستقرار في البلد المجاور". لدى ألمانيا أيضًا هذا الاهتمام ونقطة البداية المهمة ستمثلها زيارة الرئيس التركي ألمانيا الخريف المقبل. كما أن المصلحة المشتركة تتطلب هذا الاجتماع الرباعي، الذي دعيت إليها تركيا بداية سبتمبر.

وتريد تركيا التشاور مع روسيا وفرنسا وألمانيا حول تطورات الحرب الأهلية في سوريا. وكان الرئيس التركي قد صرح بأنهم، في إشارة إلى باقي الدول المشاركة في الاجتماع المرتقب، سيرون ما يمكنهم فعله معا. ورغم عدم صدور ردود فعل من الدول المدعوة لحد الآن، إلا أنهم مهتمون جميعًا بإنهاء الحرب في سوريا وإذا أمكن عودة اللاجئين إلى وطنهم. "بعد سنوات من التدخل في سوريا يتعين على روسيا أن تخرج منتصرة من هناك"، كما تقول بنته شيلر، مديرة مكاتب مؤسسة هاينريش بول في بيروت، وتضيف بأن "هذا النجاح هو من أجل أن تخلق روسيا الاستقرار، بهدف إعادة اللاجئين السوريين إلى مجتمعاتهم الأصلية".

استجابة الحكومة
من جهتها تبدي ألمانيا أيضًا الرغبة في تقارب جديد، وهكذا قامت الحكومة الاتحادية بالرفع التدريجي لأجزاء من العقوبات الاقتصادية التي فرضتها على تركيا. ووفقًا لتقارير وسائل الإعلام، لم يتم تجديد قرار عام 2017، الذي وضع سقفًا بقيمة مليار يورو ونصف المليار، كضمانات وقروض ومساعدات تقدمها الحكومة الألمانية أو الاتحاد الأوروبي إلى الصادرات أو الاستثمارات في تركيا، على الرغم من أن وضع حقوق الإنسان في تركيا لم يتحسن ولا يزال هناك 46 مواطنًا ألمانيًا في السجون التركية لحد اللحظة.

كما خففت وزارة الخارجية من التشديدات على السفر للسياح ورجال الأعمال بعد انتهاء حالة الطوارئ في تركيا مرة أخرى. ما يعود بالنفع على السياحة التركية على وجه الخصوص، وكانت تركيا طالبت بهذا التخفيف مرارا من قبل.

"بعد نهاية حالة الطوارئ في تركيا، تتجه الدول الأوروبية إلى الحكومة في أنقرة"، كما يلاحظ الخبير التركي غونتر سوفرت من مؤسسة برلين للعلوم والسياسة (SWP)، ليس فقط ألمانيا بل وهولندا أيضًا سعت إلى إعادة العلاقات مع تركيا إلى وضع أفضل. "لكن لا يمكن توقع تطبيع كامل للعلاقات التركية الأوروبية لأن العديد من الاختلافات السياسية لا تزال قائمة حتى بعد إلغاء حالة الطوارئ".

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل


الجريدة الرسمية