«الضريبة العقارية».. تخالف 5 مواد بالدستور وتنتهك حق المشرع.. «فرحات»: فرضها يكون على إيراد العقارات المبنية.. الإسلامبولى: تعديل القانون يلزم كل مواطن برفع دعوى فردية لإثبات عدم د
أجمع خبراء القانون الدستوري على عدم دستورية تطبيق الضريبة العقارية التي تفرضها الدولة على المصريين في الوقت الحالي، مؤكدين أن الضريبة العقارية خالفت عددا من المواد الدستورية منها المواد (8 و33 و35 و38 و40) من الدستور، ووصفها البعض بالانتهاك الدستوري لحق المشرع والإرادة الشعبية وسيادة القانون.
العدالة الاجتماعية
في البداية أكد الدكتور فؤاد عبد النبي الخبير الدستوري أن قانون الضريبة العقارية مخالف للدستور؛ فالضريبة مخالف للمادة (38) في الدستور في فقرتها الأولى والتي تنص على أن "هدف النظام الضريبى وغيره من التكاليف العامة تنمية موارد الدولة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والتنمية الاقتصادية..."، والمفترض أن تكون العدالة الاجتماعية بين كل المواطنين، وفقًا لما جاء في المادة (8) من الدستور الفقرة (ب) والتي تنص على "وتلتزم الدولة بتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير سبل التكافل الاجتماعى، بما يضمن الحياة الكريمة لجميع المواطنين، على النحو الذي ينظمه القانون".
وأوضح فؤاد أن الضريبة العقارية لا تحقق العدالة الاجتماعية، وتخل بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص، مشيرا إلى أن الضريبة تحصل على مال متجدد، أما العقار فهو شيء ثابت وموجود وذلك يمس بحق الملكية، ولذا فالضريبة العقارية تخالف المادة (35) من الدستور التي تنص على أن "الملكية الخاصة مصونة، وحق الإرث فيها مكفول، ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا في الأحوال المبينة في القانون، وبحكم قضائي، ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل يدفع مقدمًا وفقا للقانون".
حماية الملكية
وأشار إلى أن الضريبة العقارية تخالف أيضا المادة (33) من الدستور والتي تنص على "تحمى الدولة الملكية بأنواعها الثلاثة، الملكية العامة، والملكية الخاصة، والملكية التعاونية".
وفرض الدولة لضريبة عقارية يُعد نوعا من أنواع المصادرة، حسبما قال الدكتور فؤاد، مشيرًا لما جاء في المادة (40) من الدستور، التي تقول "المصادرة العامة للأموال محظورة، ولا تجوز المصادرة الخاصة، إلا بحكم قضائي"، فالدولة تصادر حقا.
وأضاف: "للأسف هذه الضرائب تخالف عددا من مواد الدستور، لذلك فقد رُفضت عندما طرحها بطرس غالي 2008 في عهد الرئيس السابق مبارك، الذي رفضها بدوره، وحث بطرس غالي على أن يكون هناك حل للضريبة العقارية لأنها تغضب المصريين، وهنا كان طلب بطرس غالي من المصريين بتقديم إقرار ضريبي لعمل حصر للعقارات".
رفضها مبارك
وتصطدم الضريبة العقارية بالمادة 38 والمادة 8 فقرة (ب) والمادة 40 والمادة 35 من الدستور، وأضاف الخبير الدستوري: "نحن ملتزمون بإرادة المشرع الدستوري في المواد السابقة والتي خالفتها الضريبة العقارية، وتطبيقها يُعد خروجًا على الإرادة الشعبية المتمثلة في المادة (4)، حيث يُعد تطبيق الضريبة العقارية اعتداءً على المادة (4) التي تقول "السيادة للشعب وحده، يمارسها ويحميها، وهو مصدر السلطات، ويصون وحدته الوطنية التي تقوم على مبادئ المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، وذلك على الوجه المبين في الدستور"، وأيضًا المادة 87 التي تقول "مشاركة المواطن في الحياة العامة واجب وطني..." فلابد من مشاركة عامة لإقرار الأمر وإلا يكون هناك خروج عن الإرادة الشعبية في المادة 227 من الدستور القائلة "يشكل الدستور بديباجته وجميع نصوصه نسيجًا مترابطًا، وكلًا لا يتجزأ، وتتكامل أحكامه في وحدة عضوية متماسكة".
ضد الإرادة الشعبية
كما أن الدولة خرجت عن الإرادة الشعبية في المادة 247 آخر نص في الدستور، والتي تقول "يُعمل بهذه الوثيقة الدستورية من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليها في الاستفتاء..."، وفقًا للدكتور فؤاد.
مشكلة القانون
الضريبة العقارية بها شبهة عدم دستورية، حسبما قال عصام الإسلامبولي، المحامي بالنقض والفقيه الدستوري، ومن المفترض أن تؤخذ الضريبة على شيء يحقق عائدا دوريا للشخص، وهنا العقار لا يحقق عائدا دوريا، فهو مجرد سكن.
وأضاف الإسلامبولي أن هناك مشكلة خاصة في دعاوى الضرائب، ظهرت عندما عُدل قانون المحكمة الدستورية 1998 وغير من طبيعة الدعوى الدستورية من كونها دعوى عينية إلى دعوة شخصية، أي إذا حصل شخص على حكم بعدم دستورية قرار أو الضريبة العقارية فإنها تسري عليه هو فقط ولا تسري على الجميع، وذلك يعني أن كل مصري يحتاج أن يقوم برفع دعوى لاستصدار حكم بعدم دستورية الضريبة العقارية الخاصة به هو فقط.
وأكد الإسلامبولي أن ذلك مخالف لطبيعة الدعوى الدستورية، التي يفترض أن يكون الحكم في الدعوى الدستورية للجميع، لكن تعديل قانون المحكمة الدستورية عام 1998 جعل الحكم في نص ضريبي يسري في الشخص رافع الدعوى فقط.
ولتعديل الضريبة أو الحكم بعدم دستوريتها يتطلب أن يقوم كل فرد برفع دعوى أمام مجلس الدولة أو أمام القضاء الإداري، لذا فإن تعديل قانون الدستورية يعني أنه لو حُكم في أي نص ضريبي لا يسري على الجميع بل كل حالة على حدة.
أصل ثابت
أما الفقيه الدستوري الدكتور نور فرحات فيقول إن فرض الضريبة العقارية مخالف للدستور؛ لأنها لا تفرض على مال متجدد أو معاملة جارية، بل على أصل ثابت مما يعد مساسا بأصل حق الملكية المحمي دستوريا.
وأرجع السبب في عدم دستورية القانون إلى أن المشرع فرض الضريبة على العقارات المبنية بصرف النظر عن تحقيق إيرادات، وذلك يخالف للتعريف المحاسبي للواقعة المنشئة للضريبة، وفرض الضريبة يكون على الإيراد الناتج عن العقارات المبنية وليس على نفس العقار، وتكون الواقعة المنشئة للضريبة مجرد التملك، يؤدي إلى تآكل قيمة المال المملوك بتراكم الضرائب السنوية على وعاء ثابت لا يحقق إيرادا.
وأضاف فرحات أن الضريبة تكون على الدخل المتولد من العقار وليس على ملكية العقار ذاته، مؤكدًا وجود ضريبة تسمى ضريبة التصرفات العقارية تُحصلها الدولة مرة واحدة عند التصرف في العقار، وتحصل ضريبة التصرفات العقارية على كل تصرف عقاري.