افصلوهم.. واستريحوا من صداعهم
لو أن إسقاط العضوية، عن نواب المعارضة في مجلس النواب، سيؤدي إلى تحقيق المصالحة بين المواطنين الذين علقوا آمالا كبارا على دور المجلس الرقابي والتشريعي، وانحياز التشريعات التي يصدرها إلى أصحاب الدخول المحدودة، لكنت أول من يتحمس لفصل هولاء النواب الذين لا يمثلون أكثر من ٢٪ من أعضاء المجلس، ويصرون على معارضة الحكومة.. بينما يوافق جميع الأعضاء الآخرين على منحها الثقة، ويعتبرون المعارضة خطيئة لا تغتفر.
ولكن للأسف إسقاط عضوية هؤلاء المعارضين سيزيد المشكلات تعقيدا، وسيقدم لأعداء الوطن في الداخل والخارج هدية جديدة، تستخدم في الهجوم على مصر، والتدليل على أن الدولة المصرية تتجه نحو الديكتاتورية، وأن التصريحات التي يدلي بها الرئيس من أنه مسئول عن كل المصريين المعارضين والمؤيدين لا تتحقق على أرض الواقع، وأن الديمقراطية تكاد تنعدم داخل مجلس النواب، وأن سلاح إسقاط العضوية يوجه إلى كل من تسول له نفسه من النواب أن يعترض على أحد القرارات الحكومية.
وللأسف بعض أعضاء مجلس النواب لا يدركون أن المعارضة الوطنية جزء من النظام، وأن وجودها ضروري لتصويب القرارات.. وضبط الأداء وإصلاح الأخطاء.. ومحاسبة المسئولين عن حدوثها من منطلق حماية المصالح الوطنية.
وما جري في إحدى الجلسات من حملة شرسة غير مسبوقة ضد نواب المعارضة، واستعداء رئاسة المجلس عليها، خير دليل على نفاد صبر المجلس من مواقف نوابه المعارضين.. والإصرار على التخلص من صداعهم، وقد عبر عن هذا التوجه النائب محمد الحسيني، وكيل لجنة الإدارة المحلية، برسالة وجها لنواب المعارضة قائلا : "أنتوا عارفين إنكم كدابين.. وملكوش لأزمة في الشارع"..
وأخذ يحفز رئيس المجلس على اتخاذ قرارات فورية ضد المعارضين، والسؤال، طالما أن هؤلاء النواب الذين شاركوا الحسيني في الهجوم على المعارضين يدركون أنه لا تأثير لهم في الشارع أو داخل المجلس -علما بأنهم جاءوا إلى المجلس عبر انتخابات حرة نزيهة وليس عن طريق التعيين- فلماذا كل تلك الشراسة في الهجوم.. والدعوة إلى إسقاط عضويتهم؟
رئيس المجلس الذي توعد النواب المعارضين بأنه لن يكون لهم مكان داخل المجلس، وأكد أن إسقاط العضوية لا يقتصر على نواب هذا المجلس وحده، وإنما تم إسقاطها عن نواب في مجالس سابقة، في محاولة لتبرير الإجراءات التي ينوي اتخاذها، ويستعجل تقارير لجنة القيم لاتخاذ القرارات بشأنها.
الغريب أن النواب الذين يتحمسون لإسقاط عضوية المعارضين لم يتحركوا في مواقف أكثر خطورة من زملاء لهم، فعندما حذر الدكتور عبد العال من محاولات وصفها بأنها "مستميتة" من بعض النواب تستهدف إسقاط البرلمان، تعليقا على زيارات بعض النواب لدول أجنبية، والتقاء مسئوليها دون الرجوع للمجلس.. لم يتحرك الأعضاء لطلب محاسبتهم.. برغم خطورة الاتهامات التي وجهها لهم رئيس المجلس..
ولا أريد أن أقدم العديد من المواقف التي كانت تدعو للتحرك.. ولكن بعض أعضاء المجلس لا يتحركون إلا عندما يتعلق الأمر بإسقاط العضوية عن النواب المعارضين، وطالما تلك هي عقيدة معظم النواب، نقول افصلوهم.. واستريحوا من صداعهم
يا سادة.. رفقا بالوطن.. رفقا بالرئيس.