رئيس التحرير
عصام كامل

فيتو سعودي ضد «صفقة القرن».. ما هي دوافع الملك سلمان؟

فيتو

عبّر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، عن رفض بلاده تنفيذ ما تسمى "صفقة القرن" ما لم تتضمن التأكيد على القدس الشرقية عاصمة لفلسطين، وما لم تلتزم بعودة اللاجئين الفلسطينيين، كما رفض أيضًا التنازل عن مبادرة السلام العربية لعام 2002.


وقد أكد السفير الفلسطيني في الرياض، باسم الآغا، لوكالة «رويترز» أن الملك سلمان أخبر الرئيس محمود عباس بأنه لن يتخلى عن الفلسطينيين، وأنه سيقبل ما يقبلون وسيرفض ما يرفضون، في إشارة لصفقة القرن التي تقف السلطة الفلسطينية ضدها بشكل كامل.

وتشير معطيات نشرتها مجلة "ذَ نيويوركر" مؤخرا، أن عددا من الزعماء العرب كانوا في البداية على استعداد لدعم الخطة الأمريكية، لكن بعدما تبيّن لهم، أن قرار ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس خلّف تنديدًا شعبيًا واسعًا، تراجعوا عن استعدادهم، ولم يعد أيٌّ منهم متحمسًا لمخطط سيجرّ غضب الشارع.

جاء موقف الملك ليعبّر عن حقيقة واضحة وهي أن السعودية، التي تتوّفر على مكانة رمزية بين الدول العربية والإسلامية، غير مستعدة أبدًا لتشجيع حلٍ لم يحظ بالقبول حتى بين العواصم الغربية، التي عارضت سابقًا نقل ترامب سفارة بلاده إلى القدس.

ويقول حسني عبيدي، مدير مركز الأبحاث والدراسات حول العالم العربي ودول المتوسط في جنيف، إن الموقف السعودي الجديد هدفه إعادة التوازن في السياسة الخارجية للمملكة.

ويشير عبيدي، في حديث مع DW عربية إلى أن "القدس خط أحمر بالنسبة للسعودية"، ولا يمكن لأحد أن يتجاوز الملك في هذا الموضوع.

غموض كبير لفّ "صفقة القرن"، لكن ما تسرّب عنها جعل من نجاحها الكامل مرهونًا بموافقة عدة أطراف عربية، خاصة أنظمة السعودية والأردن ومصر والسلطة الفلسطينية، إذ تضمنت بنودها المسرّبة تنازلات فلسطينية كبيرة لصالح إسرائيل، من بينها اعترافًا نهائيًا بالقدس عاصمة لإسرائيل، وإرجاء عودة اللاجئين الفلسطينيين، وضمّ مستوطنات في الضفة الغربية لإسرائيل، ونزع سلاح فلسطين.

وباستثناء اتفاق أوسلو الموقع عام 1993، الذي جرى تطبيقه بشكل نسبي، أخفقت كلّ مبادرات السلام التي تخصّ النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، ممّا جعل الآمال تتقلص في نجاح أيّ خطط جديدة، ويبدو أن المصير ذاته قد تلقاه صفقة القرن.

يكتب شلومو شامير، صحفي بجريدة معاريف الإسرائيلية، أن حظوظ الحلّ السياسي للنزاع تظهر وكأنها ماتت، وذلك لأن السعودية، التي كان بيدها تحقيق حلم ترامب، وجهت ضربة قاضية لـ"صفقة القرن"، وفق تعبيره في أحدث مقالاته.

ويبرز حسني عبيدي أن أكبر خطأ ارتكبته واشنطن في الصفقة هو تركيزها على البوابة السعودية لأجل تغيير الموقف العربي، مع عدم إدراك الإدارة الأمريكية لخصوصية القضية الفلسطينية للعرب.

وقد ساعدت عناصر متعددة الرياض على حسم موقفها، يتابع الخبير، منها استمرار التصعيد الإسرائيلي في النزاع، واستعداد الإدارة الأمريكية للتفاوض مع إيران، العدو الأكبر للسعودية في المنطقة.

غير أن المتحدث ذاته يُشير إلى أنه من السابق لأوانه الحديث عن فشل الصفقة، بل إن الإدارة الأمريكية تسعى إلى تنفيذ شقٍ منها دون انتظار ضوء أخضر عربي، ومن ذلك تشجيع ضمني لإسرائيل بزيادة عدد مستوطناتها، وتشديد الحصار على غزة، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس.

الجريدة الرسمية