رئيس التحرير
عصام كامل

حكاية عاملة قتلها زوجها بسبب المخدرات.. «خديجة»أفنت حياتها في العمل للإنفاق على أولادها.. رفضت منحه أموالا للإنفاق على الكيف.. انتظرها بالشارع وطعنها بـ«سكين».. والجاني اتهمها في ش

فيتو

«حمالة قسية».. تحملت مسئولية رب البيت في زمن أصبح بعض الرجال بلا نخوة، سيدة وقعت في حب رجل وتحدت أهلها وتزوجته رغما عنهم وكانت تتمنى أن تعيش في كنف من تحب معززة ومكرمة إلا أن من أحبته كان غير جدير بهذه الصفة فتعمد إذلالها.


                                   

دأبت «المرأة الأصيلة» التي لم يتجاوز عمرها سن الأربعين.. على العمل لستر بيتها وتجهيز ابنتها للزواج.. تحاملت على نفسها، ووهبت صحتها لخدمة أسرتها، وكانت تعمل ورديتين كعاملة بأحد المستشفيات، ورغم رحلة الشقاء لم تجد من يحنو عليها خاصة زوجها العاطل الذي سخر وقته لـ«الكيف»، فكان يأخذ منها المال لشراء المخدرات، وفى يوم مشؤوم رفضت المرأة الكادحة أن تعطيه المال فجن جنونه وحول فرحة الأسرة بقرب زواج ابنته إلى مأتم كبير، حيث قتلها وطعنها في شرفها للهروب من حبل المشنقة.



الحكاية بدأت منذ ٢٢ عاما عندما ترك "عبد الحميد" ابن كفرالشيخ، بلدته وتوجه إلى منطقة منشأة ناصر بمحافظة القاهرة عند أحد أقاربه للبحث عن العمل، وبالفعل حصل على عمل بإحدى الورش بالمنطقة، وبعد فترة أعجب بـ"خديجة" التي تقيم بنفس بالشارع الذي يسكن به، فحاول التقرب منها وبدأ التحدث معها لكن "بلدياته" نصحه بعدم الحديث معها لأنها جادة في حياتها و"بنت بـ100 راجل" كما وصفها، لكنها طيبة القلب وكل المنطقة تشكر في معاملتها.



هذه الكلمات زادت من إعجاب "عبد الحميد" بها أكثر وظل يراقبها ويراقب تصرفاتها أثناء خروجها من المنزل فتأكد من وصف قريبه لها، ففكر أن يفصح عن حبه لها لكنه كان مترددا خوفًا من رد فعلها عليه، وفى أحد الأيام شاهدها تحمل بعض طلبات المنزل التي اشترتها من السوق، طلب منها أن يساعدها في حملها إلى منزلها، رفضت في بادئ الأمر ومع الإلحاح وافقت على مساعدته لها، وهنا بدأ التعارف.



أعجبت "خديجة" بشجاعة "عبد الحميد"، وظل يتحدثان سويا أثناء ذهابه إلى العمل وأفصح عن حبه لها، من أول نظرة، واستمرت قصة حبهما سنة حتى قرر أن يتقدم لأسرتها لطب أيديها، أخذ "بلدياته" الذي يكبر عنه سنا ويمكث معه في نفس المنزل واتجها إلى أسرة خديجة لطلب يديها، لكن طلبه قوبل بالرفض، بعد إفصاحه لهم بأن سيتزوج ويعيش بكفر الشيخ.



"خديجة" رفضت الرضوخ لقرار أسرتها، فتحدت معهم وحاولت إقناعهم وبالفعل تمكنت من اقتناص الموافقة على العريس، وتم حفل الزفاف وسط الأسرة والأحباب والأصدقاء، واصطحب "عبد الحميد" عروسه وتوجه بها إلى بلدته بمحافظة كفر الشيخ، وهنا كانت المفاجأة حيث اكتشفت أنه يتعاطى المواد المخدرة، حاولت معه للإقلاع عنها لكن محاولاتها باءت بالفشل.



وبعد مرور عام على زواجهما أنجبت طفلتها "منة" وقررت العودة إلى أسرتها بمنطقة منشأة ناصر بسبب مشاجرتها المستمرة مع زوجها، وظلت تبحث عن عمل، حتى جاءت الفرصة وعملت بأحد المستشفيات، وبعد فترة عاد الزوج إليها لكن المخدرات دمرته، حاولت "خديجة" علاجه أكثر من مرة للإقلاع عن الإدمان لكن محاولتها كتب لها الفشل، وظلت تعمل في المستشفى لكى تلبى متطلبات منزلها ومتطلبات زوجها.


               

ظلت "خديجة" تبحث عن عمل لزوجها لتخرجه من الحالة النفسية التي كان يمر بها نتيجة تأثير المواد المخدرة، وتمكنت من توفير له فرصة عمل بإحدى الورش، وبدلا من رد الجميل لها، زادت مشاجراته وامتنع عن الإنفاق على أسرته، استحملت كل ضغوط الحياة، وبدأت تشترى متطلبات جهاز ابنتها التي تحدد فرحها خلال أيام قليلة، لكن القدر لم يسعفها.

  

اشتدت حدة الخلافات بين "خديجة" و"عبد الحميد"، فنشبت بينهما خلافا على 50 جنيها طلبها لشراء مواد مخدرة، وعندما رفضت إعطاءه المبلغ لحاجتها إليه، هددها المتهم بالقتل أمام أولادها، وفى صباح اليوم التالي للمشاجرة، انتظرها حتى شاهدها تخرج من المنزل، وعلى بعد 20 مترا من منزلها، بادرها "عبد الحميد" بعدة طعنات حتى سقطت على الأرض وفرا هاربا.

وتمكن رجال المباحث من ضبطة، واعترف بارتكاب الواقعة، وادعى أنه قتلها بسبب خلافات زوجية لشكه في سلوكها وعلمه في الآونة الأخيرة بأنها على علاقة غير شرعية بأحد الأشخاص لكى يهرب من العقاب.



"فيتو" انتقلت إلى مسرح الجريمة بشارع إبراهيم الدسوقي في عزبة بخيت بدائرة قسم شرطة منشأة ناصر غرب القاهرة، لرصد ردود الأفعال عقب بشاعة الجرم الذي أدمى قلوب أهل المنطقة.
              

"منة" فتاة في أواخر العقد الثانى من عمرها، وهى الابنة الكبرى للمجنى عليها والمتهم، قالت:" والدى دائما يتشاجر مع والدتى بسبب الفلوس والغيرة منها عندما تأخذنا أنا وأخويا في حضنها، وكان دائما يوقع بينى وبين والدتى وبينى وبين خطيبى حسبى الله ونعم الوكيل".

وأضافت:" في ليلة الحادث اتصلت والدتي بوالدي تستنجد به لقيام أحد الأشخاص بمعاكستها ليصطحبها من عملها إلى المنزل، لكن والدي تركها أكثر من ساعة، ولما سألته عن سبب تأخيره قال لها إنه كان مرهقا ومكنتش جى أصلا، ووصلوا البيت الساعة 11 وأثناء دخولهم كانوا في مشادات مع بعضهما وعندما سألت والدتى قالت والدك بيشك في سلوكى عشان قولتله إن في واحد بيعاكسنى قولتلها "يا ماما إل يشك فيكى ميلزمناش اتطلقى منه".




وعن تفاصيل ليلة الحادث قالت الابنة:" أثناء ترتيب جهاز فرحى، قالت والدتى «أهم حاجة أفرح بيكى يا بنتى دى هي سعادتى الحقيقية، لما أشوفك في بيت زوجك، وعقبال مافرح بأخوكى» وأثناء ذلك دخل والدى وقال لوالدتي: هقتلك بس مش قدام عيالك، وقام يتعدى عليها بالضرب فتدخلت لأحمى والدتى منه لأنه كان شاربا وممكن يؤذيها وماما شقيانة عشان تصرف علينا وهى اللى مشتريالى الجهاز كله، وهو زى قلته كان يستناها كل يوم وهى راجعة من الشغل عشان ياخذ منها فلوس يجيب بيها مخدرات ولو مش أعطته يسبها بأبشع الألفاظ والجيران كلها بتسمع الشتائم".



وتابعت:" والدي كان يشترى الحشيش ويخبيه في حقائب المدرسة بتاعتى أنا وشقيقى، كنا هنتفصل من المدرسة بسبب الحشيش اللى في شنطنا وكانت والدتي تذهب للمدرسة وتتأسف وتوعدهم أن ده مش هيتكرر تانى عشان نرجع المدرسة، من ساعت ما اتولدنا وهو بيضربنا وساعات يجردنا من ملابسنا ويضربنا بالعصي أنا وأخويا".

               
توقفت قليلا ثم واصلت سرد تفاصيل الحادث الأليم وقالت:"صباح يوم الحادث دخل والدى المطبخ أخذ سكينة وخرج من المنزل، خفت على والدتى حاولت معها أنى أمنعها أنها تخرج من المنزل فرفضت وقالت: لازم أخرج علشان أروح الشغل لو قعدت في البيت هناكل ونشرب منين، وبعد خروجها من المنزل بعشر دقائق سمعت طرقات على الباب، في الأول افتكرته أنه والدى فلم أهتم، لكن سمعت صوت جارتى وهى تقول «الحقى ي منة أمك واقعة ع الأرض».. من الصدمة جريت بسرعة وأنا حافية ومش مستوعبة ودماغى متصورة الغدر، من والدى وعلى بعد 20 مترا كانت أمى واقعة على الأرض والدماء تسيل منها أخذتها في حضنى وأنا أصرخ مش مصدقة أنها تموت وتسيبنى لوحدى مين هيزفنى في فرحى مين هتاخدنى في حضنها".



توقفت قليلا والدموع تسيل على وجهها حزنا على فراق والدتها وأردفت: "لو شفت والدي كنت طعنته بالسكين وبعدد المشاجرات التي نشبت بينه وبين والدتي طيلة 20 سنة".

وأوضحت أنها تفاجأت باعترافات والدها أنه قتل والدتها لسوء سلوكها، مستطردة:"مكنتش مصدقة الكلام ده، والدتى بـ100 راجل هي حتى أرجل منه كانت تشتغل وبتشقى علشان تصرف عليه وعلى شقيقى وأنا، هو ده جزاءها يطعنها في شرفها حسبى الله ونعم الوكيل".

                 
الشاهدة
وتوقفت "منة" عن الحديث" بعد تأثرها بفجاعة الجرم الذي ارتكبه والدها لتلتقط الشاهدة على الواقعة، وجارة المجنى عليها والمتهم، أطراف الحديث وقالت:"أثناء نزولي من منزلي متوجهة إلى عملي سمعت صوت صراخ فذهبت إلى مصدر صوت رأت خديجة مصابة والدم يسيل منها توجت مسرعة أطرق باب منزلها خرجت "منة" أخبرتها أن والدتها ساقطة على الأرض والدماء تسيل منها، وتوجهنا إليها لكنها كانت فارقت الحياة، حسبى الله ونعم الوكيل فيه".

                  

كما أضافت منى محمد منصور شقيقة المجنى عليها:"عند نزولي من المنزل لمعرفة اللي حدث، لقيتها واقعة على الأرض أخذتها وتوجهت بها إلى مستشفى الشيخ زايد كان عندى أمل أنها تعيش كنت فاكرة أن الضربة في الوجه فقط قلت حاجة بسيطة، لكنى تفاجأت بإصابتها بطعنة أخرى في جسدها، مش متخيلة أنزل من شقتى ألاقى اختى سايحة في دمها وتموت منى".



وتابعت شقيقة المجنى عليها:" منذ نحو شهر ونصف كنت بشقتي، نادي عليا المتهم وقال «أنا هدبح أختك» رديت عليه «هو أنت اتجننت ولا إيه في حد يدبح مراته دى أم منة الحب كله» وظللت أهزر معه، مش متخيلة أنه هيقتلها وفى الآخر يطعنها في شرفها، هو لو مشيها بطال مش هتشتغل في مستشفى علشان تصرف عليه وعلى أولادها وهى اللى مشترية جهاز بنتها بالكامل مش فاضل غير الموكيت فقط".

على الجانب الآخر تقف والدة المجنى عليها تستمع لحواري مع ابنتها والدموع تسيل على وجهها وبدأت تسرد كلامها وهى في حالة انهيار قائلة: بنتى راجل جوه وبرة هو بنفسه كان يقول إنها بـ100 راجل، معملتش حاجة هي غلبانة، هي بتجرى على أولادها هي وقفت بجابنه واشتغلت علشان تصرف عليه وعلى أولادها، وفى الآخر يطعنها في شرفها، حسبى الله ونعم الوكيل".

وتابعت:"لما شفت بنتى ساقطة على الأرض والدماء تسيل منها جالى زهول قلت لبنتى الثانية «قوميها يابنت فيه ايه قوميها مفيهاش حاجة يعنى عاجبك فرجة الناس علينا، أتاريها سايحة في دمها وأنا معرفش".

                  

وقال أحد جيران المجني عليها والمتهم:"المجني عليها، عمرنا مسمعنا عنها حاجة وحشة كل المنطقة بيحبوها، ومتذكر أحد المواقف لها التي قامت فيها بعمل بطولى عندما انفجرت أنبوبة غاز في منزل أحد الجيران وصاحب المنزل يستنجد بالناس ولكنهم واقفين في الشارع خايفين يدخلوا المنزل، وفجأة ظهرت "خديجة" تجرى نحو المنزل وبحوزتها بطانة ودخلت وسط النار وأنقذت الرجل، والناس في ذهول من هذا الموقف البطولى".




كان قسم شرطة منشأة ناصر، تلقى إشارة من مستشفى الشيخ زايد آل نهيان، تفيد باستقباله "خ م م ع" عاملة بمستشفى السعودي الألماني، (مصابة بجرح طعني نافذ بالصدر من الجهة اليسرى وآخر قطعي عميق بالوجه من الجهة اليسرى، وتوفيت متأثرة بإصابتها).

وانتقل رجال المباحث وبالفحص تبين حدوث مشادة كلامية بين المجنى عليها وزوجها "ع ع ح" عامل كاوتش،، بسبب خلافات زوجية لشكه في سلوكها وعلمه في الآونة الأخيرة بأنها على علاقة غير شرعية بأحد الأشخاص، تطورت إلى مشاجرة تعدى خلالها المتهم على المجنى عليها بسلاح أبيض "مطواة" كانت بحوزته محدثا إصابتها المشار إليها والتي أودت بحياتها ولاذ بالفرار.

وبإعداد الأكمنة اللازمة بأماكن تردده أسفر أحدها عن ضبطه.
الجريدة الرسمية