رئيس التحرير
عصام كامل

رغم قواعد لم شمل الأسر الجديدة.. هناك إشكالية أخرى

فيتو

بالرغم من القواعد الجديدة للم شمل أسر فئة من اللاجئين ذوي الحماية الثانوية، غير أنه قد يسقط حق لم الشمل للاجئين قاصرين بلغوا سن الرشد خلال فترة الانتظار.

التقرير التالي من لبنان يسلط الضوء على هذه الإشكالية..

وبنبرة صوت يائسة، قالت ريهام أبو ستيتي إنها تفضل الموت على بلوغها سن الـ 18 عامًا.. لا تغادر الفتاة البالغة من العمر 17 عامًا الغرفة المظلمة في مأوى اللاجئين، والتي تنبعث منها رائحة أكوام الملابس المتسخة، إلا عند الضرورة.

تعيش ريهام في غرفة مساحتها لا تتجاوز الـ30 متر مربع تقريبًا مع أشقائها الثلاثة ووالدها في مخيم نهر البارد للاجئين في شمال لبنان.. لكن هناك شخص مهم مفقود بينهم.

وأضافت الابنة الكبرى: "أتمنى فقط أن أكون مع والدتي". ترى إلهام والدتها، التي تعيش في إحدى ضواحي مدينة كارلسروه، فقط عبر الهاتف الذكي.

ويتخلل الخوف المستمر مكالماتهم الهاتفية عبر تطبيق "سكايب"، وقالت ريهام: "لا أريد أن أبقى وحدي في لبنان".

ريهام كانت تنتظر طوال ثلاث سنوات، ذلك اليوم، الذي يمكنها فيه الالتحاق بوالدتها والعيش معها في ألمانيا عن طريق قانون لم شمل الأسرة، لكن الوقت يقف ضدها. لأن حق لم الشمل في ألمانيا، يسقط بالنسبة للأشخاص، الذي بلغوا سن الرشد أثناء فترة الانتظار.

شكل لم شمل الأسرة في عام 2015 بمثابة وعد كبير للعائلات اللاجئة، لكن عائلة ريهام والعديد من اللاجئين الآخرين لم يعلموا أنهم سيسقطون في الفخ. لا تزال والدة ريهام، فطيم الموسى، تتذكر تصريح أنجيلا ميركل، الذي قالت فيه بأنه يمكن لأي طالب لجوء إحضار زوجته وأولاده القُصَّر. فطيم الموسى، كانت تعمل مدرسة في دمشق، وعندما تلقت أول تهديد بالقتل بسبب احتجاجها على إغلاق المدرسة، ومن أجل عدم تعريض الأطفال للخطر، قررت الهرب لوحدها واللجوء إلى ألمانيا، وقالت وكأنها تعتذر عن ترك أطفالها "لم يكن المال كافيًا للجميع. كانت تأمل الأم أن ما تسمعه من معارفها، صحيحًا وبأن الأمر لن يستغرق سوى نصف عام، حتى تتمكن من جلب أطفالها إلى الأمان، إلى ألمانيا.

وعد خادع
بعد مرور عام عُرقل حلم اللاجئين بـ "حزمة قوانين اللجوء الثانية". ونظرًا لارتفاع أعداد طالبي اللجوء، قررت الحكومة الألمانية تعليق لم شمل الأسر للاجئين من الحاصلين على الحماية الجزئية لمدة عامين. اللاجئون، الحاصلون على الحماية الثانوية أو المحددة هم اللاجئون، الذين لم يستطيعوا إثبات أي اضطهاد قد يتعرضون له في بلادهم، ولهذا يحصلون على حق البقاء حتى يصبح الوضع في بلدهم الأصلي آمنًا.

وفي ذلك الوقت كان الحديث عن فئة صغيرة فقط من اللاجئين: إذ حصل أقل من 60 لاجئًا من سوريا على الحماية المؤقتة حتى نوفمبر عام 2015. واليوم يؤثر قرار التعليق على أكثر من 200 ألف لاجئ من الحاصلين على الحماية الجزئية فقط. وكان من المرتقب استئناف العمل بقانون لم شمل الأسرة بالنسبة للاجئين الحاصلين على الحماية الجزئية ابتداءً من شهر مارس المنصرم من العام الجاري.

في ذلك الوقت حاول الأب أحد أبو ستيتي الوصول إلى السفارة الألمانية، لكن من دون جدوى، حيث قرأ على الصفحة الرئيسية للسفارة الألمانية بجانب علامة تعجب باللون الأحمر، بأنه لن يتم قبول طلبات لم الشمل حتى أغسطس.

في الغرفة على السجادة تجلس العائلة أمام شاشة الكمبيوتر المحمول. الأخ الأصغر يهدئ شقيقتيه، البالغتين من العمر 14 و15 ربيعًا، اللتان تبكيان في صمت.

وقال الأب: "إنهما يعانيان نفسيًا". من الصعب عليه الاهتمام بالأطفال لوحده. "نحن نعيش هنا في واحدة من أكثر الأماكن غير الصحية في العالم"، يقول الطبيب السابق من دمشق. أكوام القمامة، المياه الملوثة، ثقوب رصاص الصراعات السابقة. لم تكون هذه البيئة التي كان يتمنى أن يكبر بها أطفاله. الأهم من هذا كله، هو قلقه بشأن ابنته الكبرى.

وتقرأ ريهام من على الصفحة الرئيسية للسفارة جملة أنه عند بلوغ سن الرشد، يسقط حق لم شمل الأسرة.

وفقًا لقانون الإقامة الألماني، يحق فقط للعائلة الأساسية، أي الأطفال القصر والأزواج لم الشمل. أما بالنسبة للشباب، الذين بلغوا سن الرشد في فترة الانتظار الطويلة وغير المتوقعة، يسقط عنهم حق لم شمل الأسرة. ولهذا تصفت أدريانا كيسلر، المحامية والعضوة المنتدبة لدى منظمة JUMEN، تعليق لم الشمل بأنه "مخالف للدستور". ووفقًا لهيئة إغاثة الأطفال الألمانية، فإن تفتيت الأسرة، خاصة بالنسبة للأطفال والمراهقين، قرارغير مسئول.

منذ رحيل والدتها، تعاني ريهام من الاكتئاب، وتقول "أخشى تخطي عتبة الباب بمفردي". التعرض للمضايقات والاعتداءات، تعد أمررًا طبيعيًا عند خروج النساء في مثل عمر ريهام بمفردهن إلى الشارع، كما تقول الشابة البالغة من العمر 17 عامًا: "في ثقافتنا، نعيش تحت رقابة والدينا، حتى عندما يتجاوز عمرنا الـ 18 عامًا". أما شقيقتها رشا فقالت "بأنها قد حاولت من قبل قطع رسغيها بالسكين، وبأنها" سوف تفعل ذلك مرة أخرى في حالة تركتها عائلتها".

وعن اختلاف مفهوم نواة الأسرة، قالت الطبيبة النفسية انيله سعده: "هنا في الشرق الأوسط، ارتباط أفراد الأسرة ببعضهم البعض مختلف". في عيادة دار الزهراء، تقابل باستمرار اللاجئين الشباب، الذين وقعوا ضحايا للعنف الجنسي. كما أن هناك عدد قليل من نقاط الاتصال بالنسبة للنساء الشابات في المخيمات.

بعد أيام قليلة على عيد ميلاد ريهام أبو ستيتي الثامن عشر، تدخل قواعد لم شمل أسر اللاجئين في الأول من أغسطس حيز التنفيذ.

القواعد الجديدة للم شمل أسر اللاجئين، الذين يتمتعون بصفة الحماية الثانوية، تسمح لما يصل إلى 1000 ألف لاجئ بجلب أسرهم. ويزيد تحقيق الشروط مثل تأمين العيش، مساحة كافية للسكن، إيجادة اللغة الألمانية، العمل والالتزام الاجتماعي من فرص التواجد ضمن الحصة المحددة من اللاجئين.

تعلم فطيم الموسى أن هناك نحو 26 ألف شخص ينتظرون لم شملهم في دول مثل لبنان. كما تعلم أيضًا أنها يجب أن تسعى جاهدة لتحقيق ما يتطلبه الاندماج حتى تتمكن من رؤية عائلتها، قد يستغرق الأمر من سنتين إلى ثلاث سنوات، حتى تكون عائلتها ضمن 1000 شخص في الشهر. بالنسبة للأم البالغة من العمر 49 عامًا، لم يعد لم شمل الأسرة المحظور مجرد وعد، ولكن مثل سباق متجدد مع الزمن. وتشعر فطيم الموسى بالقلق بشكل خاص على ثاني أكبر بناتها، رشا، والتي ستبلغ سن الرشد بعد عامين من الآن، وقد يسقط عنها حق لم الشمل أيضًا، أثناء فترة الانتظار، كما هو الحال مع شقيقتها ريهام.

أن إسفاين، لبنان/ إ. م

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل


الجريدة الرسمية