رئيس التحرير
عصام كامل

جدل حول أخذ قرنيات العين من المتوفيين.. كتاب دوري للنائب العام يبيح أخذها دون إذن.. الدستور يدمج زرع الأنسجة والأعضاء معا.. والأطباء يطالبون بتفعيل زرعها من المتوفيين

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تسبب اتهام أحد أقارب مريض توفي في مستشفى قصر العيني بسرقة القرنية الخاصة به بعد وفاته دون علم أهله حالة من الجدل حول مدى قانونية أخذ القرنية من العين دون علم أو استئذان الأهل، خاصة وأن هناك كتابا دوريا للنائب العام يبيح أخذها دون إذن، والدستور الأخير في 2014 دمج الأنسجة مع أعضاء الجسم وجرم نقلهم دون إذن وفقا لقانون زرع الأعضاء الذي لم يتم تفعيل زرع الأعضاء من المتوفيين به وتعتبر القرنية أحد أنسجة الجسم.


نص الكتاب الدوري

ووفقا للكتاب الدوري رقم 22 لسنة 2008 بشأن إعادة تنظيم بنوك قرنيات العيون الذي أصدره النائب العام نص على أن القانون سمح لأقسام طب وجراحة العيون بكليات الطب بالجامعات المصرية في إنشاء بنوك لحفظ قرنيات العيون للإفادة منها في ترقيع القرنية، وأجاز القانون إنشاء هذه البنوك في المستشفيات أو الهيئات أو المراكز أو المعاهد بقرار من وزير الصحة.

شروط الاستئصال

وتضمن القانون أن يكون استئصال قرنيات العيون في المستشفيات المرخص لها في إنشاء بنوك قرنيات العيون، وفي المستشفيات الأخرى التي يحددها وزير الصحة، وتتم هذه العمليات بمعرفة الأطباء المرخص لهم في ذلك فيما تحصل بنوك قرنيات العيون على هذه القرنيات من عدة مصادر منها قرنيات عيون الأشخاص الذين يوافقون موافقة كتابية على نقلها بعد وفاتهم بغير مقابل وكذلك قرنيات قتلى الحوادث الذين تأمر النيابة العامة بإجراء الصفة التشريحية لهم ويكون الاستئصال في هذه الحالة بمجرد الأمر بالتشريح.

اللائحة التنفيذية

ووفقا للكتاب الدوري يمكن أخذ قرنيات عيون الموتى بالمستشفيات والمعاهد المرخص لها في إنشاء بنوك قرنيات العيون والتي يجمع ثلاثة من الأطباء رؤساء الأقسام المعنية على نقلها وفقا للإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية للقرار بقانون إعادة تنظيم بنوك قرنيات العيون المشار إليه والمقصود برؤساء الأقسام المعنية، هم رئيس قسم طب وجراحة العيون ورئيس قسم المعامل ورئيس قسم الأمراض الباطنية بالمستشفى أو الهيئة أو المركز أو المعهد المرخص له في إنشاء بنك قرنيات العيون.

وشمل الكتاب الدوري أنه لا يشترط موافقة أحد – المتوفى أو ورثته أو ذويه – قبل الحصول على قرنيات العيون في الحالات المنصوص عليها سابقا

الأسلوب المتبع

ويشمل الاستئصال قرنيات العيون وليس على العيون ذاتها، ويتم الاستئصال بالأسلوب المتبع طبيا في جراحات العيون، ويغلق الجرح بطريقة جراحية سليمة بما يضمن احترام جسد المتوفى ولا يجوز التصرف في قرنيات العيون المحفوظة في بنوك قرنيات العيون إلا للعمليات التي تجرى في المستشفيات المرخص لها في إنشاء هذه البنوك.

والقرنية هي الجزء الأمامي الشفاف في العين التي ينفذ منها الضوء وينكسر ثم يتجمع ليسقط في نقطة في الشبكية، وقد تعاني القرنية من أمراض أو إصابات قد تؤدي إلى فقدانها لشفافيتها، ومن ثم لا ينفذ الضوء منها كاملا، مما يؤثر على قوة الإبصار بدرجات متفاوتة.

احتياجات المرضى

وفى مصر، يوجد آلاف المرضى أصبحوا في مرمى إصابة بالعمى، بحاجة إلى جراحات زرع القرنية ويوجد عدد من بنوك العيون لحفظ القرنيات بها سواء في المستشفيات الحكومية والجامعية أيضا، ويتم الاعتماد في القرنية على نوعين أما من عين متوفي أو قرنيات مستوردة أيضا يتم أخذها من عيون متوفيين في دول لديها وفرة في نقل قرنيات العيون ووصل سعرها إلى 20 ألف جنيه للقرنية الواحدة، بخلاف المستلزمات المستخدمة معها.

بيزنس القرنيات

وقديما في التسعينيات كانت تباع القرنيات بما لا يتخطى الـ30 جنيها داخل المشرحة في كليات الطب حسب أحد الأطباء الذي أكد لــ"فيتو" أنه تم إنشاء بنوك عيون في مصر في قصر العيني، وجامعة عين شمس منذ التسعينيات لإجراء عمليات زرع القرنية، والحصول عليها من المتوفين إلا أن الأمر توقف ولم يستمر مدة طويلة، بسبب وجود شكاوى من الأهالي لمن تؤخذ قرنية ذويهم من المتوفين والدخول تحت طائلة القانون، ونتيجة البيزنس الذي يتعدى ملايين الجنيهات في عمليات استيراد القرنيات واحتكار شركات قطاع خاص بعينها لعملية الاستيراد.

قانون زرع الأعضاء

وبحسب الطبيب، فإن القرنيات المستخدمة في جراحات زرع القرنية مستوردة جميعها من الخارج، ولا توجد فرصة للتبرع بقرنيات في مصر لأسباب قانونية ترجع إلى عدم تفعيل قانون زرع الأعضاء من المتوفين ووجود جدل دائم بشأن تلك المسألة وعدم فهم المجتمع اختلاف عمليات زراعة القرنية عن غيرها من عمليات زراعة الأعضاء بالجسم.

شبهة متاجرة

القانون الذي تم وضعه قديما يتيح الحصول عليها من المتوفين فاقدي الأهلي من المشرحة بشرط أن تجرى الجراحة في مستشفى حكومي وليس خاصا لمنع وجود شبهة المتاجرة بها، إلا أن الدستور الجديد دمج في مواده على زرع الأنسجة والأعضاء واعتبر القرنية وهي نسيج مساوية لأعضاء الجسم كالكبد والكلى وهذا أمر خاطئ لأن أعضاء الجسم يمكن تنقل من أحياء ومنها من ينقل من متوفي، بينما القرنية مجرد نسيج ينقل من المتوفى، وهو ما صعب أمر صدور قانون خاص بجراحات زرع القرنية بمفرده وانتظار سنوات عديدة لحين تطبيق قانون زراعة الأعضاء من المتوفين ما يساهم في تعقيد امكانية عمل بنوك العيون مرة أخرى.

ثقافة مجتمعية

وأكد الدكتور محمد صلاح مدير معهد الرمد وجود فرق بين جراحات زرع القرنية وزرع الأعضاء من المتوفين لوجود إشكالية في فترة الوفاة الشرعية والموت الإكلينيكي، مشددا على ضرورة وعي المجتمع بأن القرنية لا تؤثر على جثة المتوفى في شيء، إضافة إلى أنها خلال أسبوعين تتحلل وتختفي من الجسم ويحصل الأطباء على الجزء الشفاف منها ويعتبر حينها صدقة جارية وضرورة نشر ثقافة المجتمع بإمكانية زرع القرنية، لأن الناس تظن إزالة العين بأكملها، في حين أنه تتم إزالة الجزء الشفاف الخارجي فقط.

عمليات ترقيع

في ذات السياق قال الدكتور محمد بلطية، مدير مستشفى رمد روض الفرج: هناك أمراض تصيب القرنيات تسبب سحابات القرنية، تحتاج إلى عمليات ترقيع تؤخذ من المتوفى حديث الوفاة لمدة 12 ساعة من وقت الوفاة وبعدها تكون غير صالحها، والقرنية التي يتم الحصول عليها يتم حفظها في محلول يتم استيراده من الخارج أيضا ويتم حفظ القرنية لمدة 14 يوما تكون خلالها صالحة للاستخدام، وعندما توردها الشركات إلى المستشفيات يكون عليها تاريخ الصلاحية وتوقيت حفظها واسم المتوفى، وتحديد ما إذا كانت توجد أمراض أصابت عين المتوفى أم لا، كل هذا معه أيضا شهادة من بلد المنشأ.

وأشار إلى أن أنواع القرنيات منها "ممتاز، جيد جدا، جيد"، والأمر يتوقف على مدة حفظها وتوقيت أخذها من المتوفى وكل نوع منهم يلائم مريض بعينه ويتم حفظها من أوروبا وأمريكا وتشحن على طائرات إلى مصر وتزرع للمريض خلال مدة 14 يوما، مؤكدا على أهمية زرع القرنية نظرا لأنها تسبب سحابة على العين لا يرى بها المريض ويصبح ضريرا وعند إجراء العملية يرى من جديد.


ومن جهته قال الدكتور عصام عبد الغفار، أستاذ طب العيون بكلية طب قصر العيني: الحالات المتقدمة من عتامات القرنية لا يوجد لها علاج إلا عمليات ترقيع أو زرع القرنية، ومن خلال هذه الجراحة يتم استبدال القرنية المعتمة بأخرى شفافة تقوم بدورها في الإبصار، وقد يصاب بها الإنسان في جميع مراحل العمر، أي يوجد أطفال وشباب وكبار السن يعانون من هذا الخلل في الإبصار ويحتاجون لعمليات زراعة القرنية.


الجريدة الرسمية