رئيس التحرير
عصام كامل

لغز المبنى اللوجستي بالمطار!!


في العام ٢٠٠٨ كان "يوسف بطرس غالي" في زيارة للعين السخنة وشاهد تجربة الميناء هناك الذي حصلت علية شركة بنظام الـ bot، واكتشف كما قيل أن التخليص فيه متقدم عن بقية الموانئ، ولكن الحقيقة أن لهذا الميناء قصة أخرى كان يقف خلفها نجل الرئيس من خلال شخص يدعى (ع. ط)، ولتلك الشركة حكايات أخرى في التسهيلات والميزات التي حصلت عليها بدون وجه حق، وقد تغير الزمن ورحل رجال وجاء بعدهم رجال وظلت تلك الشركة صامدة أمام التحولات الكبرى وعصية على فتح ملفاتها..


عموما ليس هذا هو الموضوع، ولكن قام "يوسف غالي" أيامها بمحاولة تطوير الجمارك في كل الموانئ، وكلف تلك الشركة بتطوير جميع المنافذ وعددها ١٧ منقذا، بحيث تقوم تلك الشركة بإنشاء مباني ذكية على أعلى مستوى من التطور التكنولوجي والتقني ومزودة بأعلي أنظمة للأمن والسلامة لتأمين الإجراءات الجمركية مع السرعة الفائقة، وفِي نفس الوقت ضمان أعلي عائد للدولة.

وآيامها انطلق شعار الشباك الواحد لمواجهة الفساء والقضاء عليه، ووفقا لذلك النظام الدقيق سيختفي المستخلص، والتقديرات الجزافية، وبذلك يتم القضاء تماما على التهرب الجمركي فضلا عن زيادة العائد الجمركي ينسب تفوق أضعاف ما كانت عليه في النظم القديمة. 

وكان النص على قيام الشركة بتدريب العاملين على النظم الجديدة فضلا عن تجهيز المباني والمنافذ بكل احتياجاتها، وذلك على نفقة الشركة، مقابل نسبة من عائد شهادة التخليص دون المساس بعائدات الدولة السيادية من حصيلة الجمارك، وبعد انتهاء فترة العقد وهي ٢٠ سنة تعود المباني بكل تجهيزاتها ملكا خالصا للحكومة المصرية.

وبالفعل ارتبطت الحكومة ممثلة في وزارة المالية ومصلحة الجمارك بعقد "فيدك" (له صيغة دولية) مع تلك الشركة التي تدير ميناء السخنة، وبالفعل قامت الشركة بالاتفاق مع أحدث الشركات العالمية المتخصصة في إنشاء تلك المباني بمنتهى الدقة والسرعة والحرفية المتناهية في التنفيذ، وقبل الانتهاء من الأعمال بفترة قليلة وقعت أحداث ٢٥ يناير، وانتهت الشركة المصرية الإماراتية المشتركة التي كانت تقوم بتنفيذ الأعمال من كل التجهيزات، وخاصة للمبني اللوجستي لجمارك القاهرة في الموعد التي تعاقدت عليه في ٥/٥ /٢٠١١م. 

وبالفعل قامت الشركة المنفذة للمشروع بمخاطبة الشركة التي تعاقدت معها الحكومة لكي تتسلم المبني وتقوم بتشغيله ولكن الشركة المالكة ظلت تتباطأ عن التسليم، بزعم أن وزارة المالية أوقفت المشروع، وظل هذا الوقف العجيب مستمرا على مدى سبع سنوات، وخلالها سمعنا ورأينا عشرات من قضايا فساد الجمارك، بسبب التعامل وفق الروتين القديم العتيق الذي تدار به الجمارك في التعامل مع المستثمرين والمواطنين. 

فضلا عن البيروقراطية، وكلها منظومة مثالية للفساد بل وتعطي المفسدين حصانة ومظلة شرعية للعمل بأمان، والأغرب من ذلك الصمت غير المبرر من وزارة المالية التي تعاقب عليها عشرة وزراء بدون أن يجرؤ أحد منهم على فتح الموضوع، بالرغم من تصريحات كل وزير للتصدي ومواجهة الفساد والمفسدين.

وفيما يبدو أن مافيا الجمارك من مستخلصين ومأموري جمارك وموظفين ومستوردين أقوي من شوكة الدولة وهذا إحتمال، أو أن هناك اتفاقا بين أحد الكبار مع الشركة المالكة لتعطيل المشروع ووضع العراقيل أمامه ليمكن للشركة الأجنبية رفع قضية تحكيم دولي في باريس لمخالفة الحكومة شروط العقد، وبالتالي تحصل على مئات ملايين الدولارات من خزينة الدولة المرهقة، تدفعها الحكومة صاغرة من قوت الغلابة، والمصيبة أن كل يوم يمر بدون استلام تدفع عنه الحكومة غرامة طبعا بالفوائد عن سبع سنوات تأخير!.

وهكذا من أجل حفنة دولارات رشوة لأحدهم يتسبب في مثل تلك الكارثة، وبالمناسبة هذه واحدة من عشرات الوقائع المشابهة لها، وهي جريمة لا تقل خطورة عن الخيانة العظمي لكل المشاركين والمتواطئين بالصمت.
الجريدة الرسمية