لماذا نحب ياسر رزق؟
قد تختلف معه قليلا، قد تختلف معه كثيرا، وقد لا تتفق معه مطلقا، لكنك لا تملك سوى أن تحترمه بل وتحبه، لا أتحدث عن الكاريزما والحضور فهي منحة وهبة من الله اختصه بها، محظوظ هو من عمل معه وتعلم منه، صحفي موهوب، مصحح لغوي ضليع في اللغة العربية، مترجم صحفي، و"ديسك مان" مهمته تحويل الفسيخ إلى شربات، سكرتير تحرير ولد ليكون مخرجا صحفيا، نقابي يدرك معنى العمل النقابي ويحترم قلمه ومهنته.
أتذكر أول لقاء جمعني به في صالة تحرير الأخبار منذ ١٤ عاما بعد تخرجي بشهور، كنت قد ضقت ذرعا باضطهاد رئيسي في القسم وقتها واستجبت لضغوطه وطلباته بإحضار هدية له كمن سبقوني، كانت الهدية الأولى والأخيرة حتى يومنا هذا، استوقفني في صالة التحرير وسألني بحدة انت "محمود بركات" المتدرب في قسم كذا، ثواني معدودة قلت بعدها: "أيوة أنا"، فقال لي: "انت جبت لفلان كذا"، وبعد صمتي لثوان وتلعثم دون إجابة واضحة صاح وصرخ في وجهي "عارف لو جبتله حاجة تاني هعمل فيك إيه.. انت هنا صحفي، صحفي بس، عارف يعني إيه صحفي".. ثم هدأت نبرة صوته وربت على كتفي وقال لي "لو طلب منك حاجة تاني أو ضايقك قولي وأنا هتصرف".
هو أول وآخر من سمح لي بكتابة مقال سياسي يخالف كل آرائه في معشوقتي ومعشوقته الأخبار، لم يحذف لي كلمة رغم عدم اقتناعه بكثير من هذه الكلمات، ورغم صلاحياته كرئيس تحرير، حتى في المرة الوحيدة التي كانت له رغبة في حذف بعض الكلمات بسبب معلومات منقوصة في المقال، فوجئت باتصاله ليناقشني ويقنعني أن بعض ما كتبته غير صحيح، وقتها حذفت بنفسي ما ناقشني فيه بكل اقتناع، فعل "ياسر رزق" ذلك لأنه كبير، فعل ذلك ليعلمني، وكان هذا الدرس الثاني ضمن دروس كثيرة تعلمتها على يديه مع زملاء كثر في الأخبار.
كثيرون هم الصحفيون الآن، القارئ لا يعرفني ولا يعرف معظمنا لكنه يعرف "ياسر رزق".. ثمة أسماء ستظل محفورة في تاريخ أخبار اليوم وتاريخ المهنة، حتما اسم "ياسر رزق" سيكون في مقدمتها.. عد يا أستاذ فما زال لديك الكثير لنتعلم منه.