شمائل الحبيب (ص)
في مؤلفه القيم (نور اليقين في سيرة سيد المرسلين)، وتحت عنوان "شمائله عليه الصلاة والسلام" يقول الشيخ محمد الخضرى (رح): منح الله سبحانه نبينا (ص) من كمالات الدنيا والآخرة ما لم يمنحه غيره ممن قبله أو بعده، ولا بد أن نأتى لك في هذا الباب بنبذة يسيرة من محاسن صفاته ومحاسن آدابه لتكون لك نموذجا تسير عليه، حتى تكون على قدم نبيك (ص)، فتستحق الحمد في الدنيا والذخر في الآخرة، فاعلم أرشدنا الله وإياك وهدانا للسراط السوى أن خصال الجلال والكمال في البشر نوعان: ضرورى دنيوي اقتضته الجبلة (أي الخلقة) وضرورة الحياة، ومكتسب دينى، وهو ما يحمد فاعله ويقرب إلى الله زلفى.
فأما الضرورى: فما ليس للمرء فيه اختيار ولا اكتساب مثل ما كان في جبلته عليه الصلاة والسلام من كمال الخلقة، وجمال الصورة، وقوة العقل، وصحة الفهم، وفصاحة اللسان، وقوة الحواس والأعضاء، واعتدال الحركات، وشرف النسب، وعزة القوم، وكرم الأرض، ويلحق به ما تدعو ضرورة الحياة إليه من الغذاء والنوم والملبس والمسكن والمال والجاه، أما المكتسبة الأخروية: فسائر الأخلاق العليا والآداب من: الدين، والعلم، والحلم، والصبر، والشكر، والعدل، والزهد، والتواضع، والعفو، والعفة، والجود، والشجاعة، والحياء، والمروءة، والصمت، والتؤدة، والوقار، والرحمة، وحسن الأدب، والمعاشرة... وأخواتها، وهى التي يجمعها حسن الخلق.
فإذا نظرت- رعاك الله- إلى خصال الكمال التي هي غير مكتسبة وفى جبلة الخلقة؛ وجدته عليه الصلاة والسلام حائزا لجميعها محيطا بشتات محاسنها..
فأما الصورة وجمالها وتناسب أعضائه في حسنها فقد جاءت الآثار الصحيحة والمشهورة الكثيرة بذلك من أنه (ص) كان: أزهر اللون (أي نير اللون)، أدعج (أي شديد سواد الحدقة مع سعة فيها)، أنجل (أي واسع العين مع حسن)، أشكل (أي في بياض عينيه حمرة)، أهدب الأشفار (أي كثير شعر حروف الأجفان)، أبلج (أي مضيء الوجه مشرقه)، أزج (أي دقيق الحاجبين في طول)، أقنى (أي مرتفع قصبة الأنف مع حدب يسير فيها)، أفلج (أي مفرج بين الثنايا والرباعيات)، مدور الوجه، واسع الجبين..
كث اللحية تملأ صدره، عظيم الصدر، عظيم المنكبين، ضخم العظام، عبل (أي ضخم) العضدين والذراعين والأسافل، رحب الكفين والقدمين، سائل الأطراف، أنور المتجرد، دقيق المسربة (وهى شعر دقيق من الصدر إلى البطن)، ربعة القد، ليس بالطويل البائن (مفرط الطول) ولا بالقصير المتردد (المتناهى في الصغر).. (وللحديث بقية).