رئيس التحرير
عصام كامل

انتبهوا أيها السادة!


يبدو أننا نحتاج هذه الأيام إلى استرجاع أحداث فيلم «انتبهوا أيها السادة» الذي كان بمثابة جرس إنذار، ينبه المصريين إلى التغيير الذي حدث في المجتمع، مع سياسة الانفتاح التي وصفها الكاتب الرائع أحمد بهاء الدين، أنها «سداح مداح» وكان لا بد أن تصحبها ظواهر اجتماعية تهز منظومة القيم في المجتمع المصري، وتتيح الظهور لطبقة جديدة لم تحصل على نصيب من التعليم والثقافة، أن تتسلط على المجتمع، وتستبعد أصحاب الكفاءات عن طريقها.. وتفرض سيطرة المال على المجتمع.


حاز الفيلم مشاهدة غير مسبوقة، ربما لأنه كان يعكس بصدق التغييرات التي حدثت في المجتمع، عن طريق قصة أستاذ الفلسفة «حسين فهمي» الذي فشل في أن يرضي تطلعات خطيبته لضيق ذات اليد في مقابل الزبال «محمود ياسين» الذي فاز بها بعد أن حقق لها كل مطالبها.

وما زالت آخر لقطات الفيلم تجسد أروع المشاهد التي عبرت عما جرى للمصريين بعد ظهور تلك الطبقة، حيث شاهدنا عربة الزبالة وهي تمر في ميدان نهضة مصر، ومن خلفيتها التمثال الأشهر لنهضة مصر.

جرس الإنذار هذه المرة لتحذير المصريين من التوجه لبيع المشروعات الناجحة لمستثمرين أجانب، بدلا من أن يستثمروا أموالهم في إقامة مشروعات جديدة، تضيف للاقتصاد المصري موارد جديدة، وتسهم في حل مشكلات البطالة.. وتحد من اعتماد الدولة على الاستيراد من الخارج، بما تنتجه من سلع لسد احتياجات المواطنين.

أو أن توجه تلك الأموال إلى إنقاذ المشروعات المتعثرة، وتتولى تصحيح مسارها بالاستعانة بإدارة أكثر كفاءة، قادرة على تحقيق هذا الهدف.

في الحالتين إقامة مشروعات جديدة أو إنقاذ المتعثرة يمثل إضافة جديدة للاقتصاد الوطني تستحق التشجيع، بينما يلحق بيع المشروعات المربحة، أكبر الأضرار بالاقتصاد الوطني خاصة عندما يعترض المستثمر الأجنبي على بعض الإجراءات التي تتخذها الدولة وفقا لسياساتها، كما حدث عند زيادة أسعار الغاز، واتخاذ أحد المستثمرين قرار بوقف إنتاج مصانعه للضغط على الحكومة التي اضطرت إلى استيراد السلع التي كانت المصانع توفرها بما يمثله الاستيراد من أعباء تتعلق بتوفير العملة الصعبة.

وليس خافيا على أحد أن هناك أصواتا تدعو إلى التخلص من كل المشروعات التي أقامتها الدولة، سواء كانت تابعة لقطاع الأعمال أو للوزارات والمحافظات دون تفرقة بين الرابحة والخاسرة.

بل يزعمون كما حدث في المطالبة ببيع مشروع «أميسال» أن بيع الرابحة يجذب المستثمرين!! ويشجعهم على استثمار أموالهم في مصر، وهو توجه يجب التصدي له دفاعا عن المشروعات الوطنية الناجحة التي وفرت على الدولة المليارات التي كانت توجه لاستيراد السلع من الخارج.

استطاعت «أميسال» أن توفر كل كبريتات الصوديوم التي تستخدم في إنتاج المنظفات، والمساهمة في إنقاذ بحيرة قارون، باستخراج الأملاح منها، وحققت هذا العام وحده أرباحا أكثر من ٦٠٪ من رأس المال.

حافظوا على أميسال.. حافظوا على الوطن.
الجريدة الرسمية