رئيس التحرير
عصام كامل

تعيشي لكل سنة يا «دكتورة» لميس!


كادت أن تأكل ميكروفون الإذاعة التي تعمل بها من شدة الحنق والغضب، كادت أن تحطم الاستوديو وما حول الاستوديو وما بعده، كان الاحتفال بثورة يوليو هذا العام كاسحا ومدويا، لم يجدد فيه النظام شرعية انتمائه للنظام الجمهوري الذي أسسته يوليو فحسب، وإنما أطار النوم من أعداء مصر والثورة، وعلي رأسهم الجماعة الإرهابية الملعونة وحلفاؤها وخدمها طوال الخمسين عاما الماضية إلا قليلا!


لم تقدم لميس جابر جديدا، اختصرت وجمعت ما تقوله منذ سنوات في حلقة واحدة، من مدح العصر الملكي إلى الطعن في الثورة وقائدها وقادتها، وإلي الطعن في الجيش المصري العظيم وصموده، والطعن وإهانة أهالي بورسعيد المدينة الحرة الباسلة، والطعن في ذمة الضباط الأحرار بإعادة نفس أكاذيب الإخوان لا يقل منها حرف! 

حرف واحد منها لم يقل !! وللأسف تترك هكذا تقول كل هذه الأكاذيب في وقت تحارب الدولة الإشاعات، وتستعيد الذاكرة الوطنية بتكريم أبطالها ثم يترك المجال لها ولغيرها، أن يقولوا جملة من الأكاذيب لم يسبق لها مثيل!

الأمر لا علاقة له بحرية الرأي، الأمر تخطي إلى تزوير التاريخ، واتهام الجيش ورجاله بإفساد الحياة السياسية وتلقي الاتهامات هنا وهناك.. منها قيام الضباط الأحرار بسرقة قصور محمد على!! كذبة الإخوان حرفيا تحولت إلى لبانة تلوكها لميس جابر!! وبغير تفاصيل كثيرة أراد الله أن يخرس الألسنة، فسخر أحد هؤلاء الضباط وهو البكباشي محمود الجوهري الذي أصدر بعد رحيل جمال عبد الناصر واختفاء مجلس قيادة الثورة بـ8 سنوات كاملة كتابا بعنوان "سبع سنوات في مجلس قيادة الثورة"..

قال إنه تولي رئاسة لجنة جرد ومصادرة القصور الملكية، وروي بالتفاصيل الإجراءات التي يستلزم الحصول عليها لدخول أي شخص لهذه القصور، وروي كيف انفعل عبد الناصر وهو يراجع قرار وزير المالية بمصادرة كل شيء مهما كان، وعدل القرار ليترك لكل أسرة مجوهراتها الشخصية وملابسها كاملة وسيارة لكل منها ومسكن لكل منها، وأن يوقع كل من يريد منهم على إقرار بما سلمه دون أي ضغوط.. وقال إن جزءا من هذه القصور استخدم للمنفعة العامة مثل المراسم، وان كل المحتويات سجلتها لجان مختلفة سلمت بالكامل للأجهزة المختصة، وأن ما صودر كان الزائد عن الحد من قصور وأراض!

البكباشي محمود الجوهري يقول: إن عبد الناصر أبلغه أن لجنته ليست للانتقام، إنما لتوفير ما يلزم لتعويض الشعب المصري وقدرته على بناء بلده سريعا!

الدكتورة لميس لا تقرأ أصلا، نعرف هذا، وفرق كبير بين كلام الإنشاء وحواديت قبل النوم، والحقيقة المجردة الموثقة، ولكن لماذا تترك هكذا وهي تزور تاريخ البلاد وترمي الناس بالباطل؟ القانون يوقفها.. نحتاج ورثة أحد الضباط الأحرار ليكون له الحق لمقاضاتها أو أحد أبناء بورسعيد ليقول لها: إننا انتصرنا في 56، وغادر المعتدي وأممنا القناة وبنينا السد العالي!

ملحوظة: ذات يوم أرسل أحد القراء ليوسف إدريس عميد القصة القصيرة بلا منازع، وقال له لماذا تقدم لمقالك في الأهرام بلقب دكتور وأنت لم تحصل على الدكتوراه؟ نشر إدريس رسالة القارئ، واعتذر له وقال إن عنده حق ولم يسبق اسمه لقب دكتور قط، وأثبت كم كان يحترم نفسه، وأثبت أيضا أن الكبار كبار مهما فعلوا.. والصغار صغار أيضا مهما فعلوا!

ملحوظة أخيرة: كان الاحتفال الشعبي بالثورة مدهشا.. أبلغ لميس جابر أن شقاء السنوات السابقة أتي بنتيجة عكسية.. وذهب مع الريح.. والناس تسترد وعيها وقائد الثورة تزداد شعبيته، رغم أي هجوم وأكاذيب والشعب يقدر لأبناء جيشه ما فعلوه.. تعيشي لكل سنة يا فندم!
الجريدة الرسمية