المحاسبة السياسية للمسئولين.. متى؟
لا حصانة لأي مسئول.. هذا هو ما تبنته أجهزة الرقابة في مصر استنادا لإرادة سياسية.. ولذلك وجدنا في السنوات الأخيرة إجراء محاكمات لوزراء ومحافظين سابقين وهم في مناصبهم.. وهذا تطور مهم نعيشه ونلمسه بوضوح، وسيكون رادعا لكل من تسول له نفسه ارتكاب واقعة فساد، مما سيساعدنا بقوة في حربنا ضد الفساد.. غير أننا نحتاج بجانب ذلك إلى المحاسبة السياسية للمسئولين..
لا يكفي استبعاد المسئول أو تغييره بآخر، إنما يتعين محاسبة من ارتكب أخطاء سياسية لا ترقى إلى مستوى الجرائم التي يعاقب عليها القانون، مثل إخفاء حقائق، أو الترويج لمعلومات غير صحيحة، أو اتخاذ قرارات غير صائبة واختيارات غير سليمة، أو عدم مصارحة من يرأسه بالموقف الحقيقي، وأيضًا عدم احترام منصبه في سلوكه الخاص.
هنا المحاسبة السياسية للمسئول تصير ضرورية بعد إبعاده عن منصبه، لأن ذلك ليس فقط من ضرورات مصارحة الرأي العام ومكاشفته، إنما هو رادع لغيره من المسئولين الحاليين والمقبلين حتى يتفادوا مثل هذه الأخطاء التي ترتقي أحيانا إلى مستوى الخطايا، وتقويم ضروري لمسيرة العمل الوطني.
المحاسبة السياسية للمسئولين ليست من ضرورات الديمقراطية فقط، إنما هي حماية أولا للمجتمع وحفاظا أيضا على كيان الدولة الوطنية، وضمان الاحتفاظ بالتماسك الوطني، ولا غنى له لصبر الناس على أعباء الإصلاح الاقتصادي.