الأوامر المنسية من القرآن (14)
ونستمر في رحلتنا كل جمعة التي نفتش فيها عن الأوامر المنسية من القرآن الكريم العظيم، وهي كثيرة تناسيناها وهي التي أمرنا بها عز وجل لتكون قوانين منظمة لحياتنا واهتممنا فقط بأوامر الشعائر والعبادات، وهي التي تنظم أمورنا مع الله سبحانه وهو فيها غفور رحيم..
ونتوقف اليوم مع الأمر الإلهي في قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين"، وهي الآية رقم 119 من سورة التوبة، والتوبة والتي سميت أيضا سورة "براءة" هي آخر سور القرآن الكريم، ورغم وضوح الآية إلا أن الكثيرين من المفسرين اختلفوا حول المقصود بالصادقين.. منهم من قال إنهم أهل الجنة الذين صدقوا إيمانهم، ومنهم من قال إنهم السابقون إلى التصديق والإيمان كأبي بكر وعمر، وغيرها من التأويلات، ولكننا لأننا نؤمن أن أوامر القرآن الكريم عامة وتأخذ صفة الأبدية لا تقتصر على أهل عصر بعينهم، ولا بأهل منطقة بعينها، وإنما خطابها أبدي ولكل المؤمنين وحتى قيام الساعة، لذا فإننا نرى أن المعنى الصحيح للآية هو معناها البسيط المباشر، وهو أن يكون الناس مع "الصادقين" أينما كانوا..
هم عكس المنافقين، وهم صادقو الفعل واللسان، وهم من عرفناهم وخبرناهم في كل مكان لم يتبدلوا ولم يتلونوا.. هم في التجارة أهل صدق.. وهم في السياسة أهل صدق.. وهم في الإعلام أهل صدق.. وهم في الطب أهل صدق.. وهم في كل تعامل مع الناس أهل صدق.. وهؤلاء لا يمكن أن نتركهم ونتعامل ونستمع ونصدق أهل النفاق وأهل الغش وأهل الكذب ممن يدرون على فعل أي شيء من أجل مصالحهم!
هذا التفسير له ميزة هو أننا إن فعلنا ذلك وكنا صادقين مع أنفسنا سنكون اخترنا التعامل بصدق في حياتنا، وأن نتعاون مع الصادقين وسنكون بالضرورة مع الصادقين يوم القيامة، وهؤلاء فيهم أبو بكر وعمر وبالتالي يكون هذا التفسير المبسط قد حقق باقي التفاسير..
فتشوا عن الصادقين في كل مجال وتعاملوا معهم.. فقد أمركم ربكم أن تكونوا "مع الصادقين"..