عفوا «فيس بوك»: لستُ أسيرا لك
«أشار إليك فلان في تعليق.. تفاعل فلان مع تعليقك.. اليوم عيد ميلاد فلان.. تمن له أمرا سعيدا.. مضى عام على صداقتك بفلان».. هكذا باتت تلك العبارات على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» تتكرر آناء الليل وأطراف النهار، أصبح الموقع يلازمنا في ليلنا ونهارنا.. يصحو أحدنا معلقا على منشور، وينام قارئا لتعليق صديق له على صفحته على منشور آخر..
ينشر الواحد منا صورته أو صور أولاده، وينتظر توالي التعليقات عليها.. قد لا يرضيه كم الـ«لايكات» أو الإعجابات فيترك ما نشره من صور أو كتابات لفترة.. منتظرا زيادة التعليقات، وذلك لحاجة نفسية في نفسه يريد إشباعها، لكنها تذبح ساعات من العمر بسكين الفراغ.
وكم من المصائب سببها الـ«فيس بوك» الذي زاد العاطلين بطالة على بطالتهم وبات يهدد كثيرين ممن يعلمون بوظائف حساسة.. إذ من الصعوبة أن يتصور عاقل، موظفًا ببنك أو مصرف كبير، أو بجهة أمنية وأخرى ذات مهام خاصة، وقد جلس في العمل بجسده فقط، أما عقله وقلبه ومشاعره على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي.
وفي أكتوبر من عام 2016، كشفت دراسة بريطانية أن ما ينشره الشخص على «فيس بوك»، يساعد في كشف المرضى النفسيين واضطرابات الصحة النفسية، كونه يوفر ثروة بيانات توضح بعض اضطرابات الصحة العقلية مثل الاكتئاب وانفصام الشخصية.
ووقتها قال معد الدراسة "بيكي انكستر" من جامعة كامبريدج البريطانية، «إن فيس بوك من الممكن استخدامه في كشف عوامل الصحة العقلية، لأن علاقات فيس بوك تساعد من يعانون انخفاض احترام الذات وتوفر الرفقة للمعزولين اجتماعيا».
وفي يناير عام 2015، نشرت دراسة بإشراف "جيسي فوكس"، الأستاذة المساعدة بجامعة ولاية أوهايو الأمريكية، كشفت ارتباط التقاط السيلفي، بالنرجسية، أي الاهتمام الزائد بالنفس، ومعاناة مدمني التقاط السيلفي من مشكلات في الشعور بالأمان، كون ذلك جزءًا من سلوك متهور ومعاناة من عدم التعاطف ومراعاة الآخرين، والميل إلى تضخيم الذات.
وشخصيا أدركت عن تجربة أن مواقع التواصل الاجتماعي وأبرزها «فيس بوك» فيها من الخير الكثير لمن أحسن استغلالها، بترويج حكمة أو نصيحة أو معلومة علمية، لكنها أيضا قد تصبح ساحة لكل شر حال تم التعامل معها دون اتزان نفسي، وأيقنت فعلا أنني لست أسيرا لذلك الموقع وأنني أنا من أستخدمه ولا يستخدمني.