رئيس التحرير
عصام كامل

كيف قرأت صحف العالم تأميم قناة السويس؟..«الأهرام» تحتفل بالقرار وتنقل ذعر البريطانيين..مقالات فرنسية تحذر من وصف ناصر بإسكندر المقدوني.. والجرائد العربية تؤكد بناء السد بأموال مصرية

فيتو


كانت الساعة الثامنة ونصف مساءً، ميدان المنشية بالإسكندرية ممتلئ عن بكرة أبيه، الحشود الغفيرة تنتظر كلمة الزعيم، احتفالا بالذكرى الرابعة لثورة 23 يوليو 1952، بصوت هادئ رخيم رفرفت معه قلوب المحبين والمريدين، بدأ خطابه، مرت ساعتين والجميع يقظ يستمع باهتمام دون كلل وملل، إلى أن دقت العاشرة والنصف، وجاءت لحظة الحسم، تغير صوت جمال عبد الناصر وارتفع ثم نطق "باسم الأمة.. باسم الأمة.. بيان رئيس الجمهورية.." هنا تحجرت الأعين وتجمد العروق، وأيقنت الجماهير أن حادث جلل على الأعتاب.. لحظات ويعلن "ناصر" تأميم الشركة العالمية لقناة السويس.

خطاب التأميم
"تؤمم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية شركة مساهمة مصرية، وينتقل إلى الدولة جميع ما لها من أموال وحقوق وما عليها من التزامات، وتحل جميع الهيئات واللجان القائمة حاليًا على إداراتها، ويعوض المساهمون وحملة حصص التأسيس عما يملكونه من أسهم وحصص بقيمتها، مقدرة بحسب سعر الإقفال السابق على تاريخ العمل بهذا القانون في بورصة الأوراق المالية بباريس، ويتم دفع هذا التعويض بعد إتمام استلام الدولة لجميع أموال وممتلكات الشركة المؤممة"، جزءًا من القرار التاريخي الذي أربك العالم وتصدر العناوين الرئيسة للصحف والإصدارات العالمية والعربية، ما بين مخاوف الغرب وفخر العرب.

الصحف الأوروبية
أوروبيًّا، علقت الصحف الفرنسية على القرار بعناوين مثيرة، إذ نشرت صحيفة "فران تبرور" في مقال لها تحت عنوان "إعلان الحرب على الغرب" إلى أن بترول الشرق الأوسط هو مسألة حياة أو موت بالنسبة لأوروبا وأن الحيلولة دون نقل هذا البترول معناها حرمان الغرب منه.

فيما أكد صحيفة "باري برس" ضرورة عدم تصوير الدول الغربية لجمال عبد الناصر على أنه جنكيز خان أو إسكندر المقدوني، وكشفت صحيفة "لبراسيون" عن المناورات التي قامت بها بريطانيا وأمريكا، لم تؤد إلى تسليم حكومة عبد الناصر، وذلك في مقال بعنوان "فن دالاس وأيدن في البوكر لم يؤد إلى نتيجة"، بينما قال مقال "التحدي" لصحيفة " لوموند" أن العهد المصري الجديد بتحديه هذا إنما يضع صلابة الدبلوماسية الغربية وروحها الحربية تحت التجربة.

تمجيد القرار
عربيًّا: مجدت الصحف العربية قرار التأميم ونشرت خطاب عبد الناصر في الإسكندرية، فقالت صحيفة "الدفاع" الأردنية : "مرحى يا جمال.. إنه خطاب القلب للقلب، لقد رسمت بعملك هذا طريق الخلاص للأمة العربية"، كما وصفت صحيفة فلسطين فرحة القرار بأنها فرحة الأحرار في كل مكان، ووصفت عبد الناصر بالرجل البطل الذي قيضه الله لمصر يعرف كيف ينال ما يريد وكيف يصل إليه.

السد بأموال مصرية
وكتبت صحيفة "الرأي العام" السورية أن مصر ستبني السد العالي بأموال مصرية، كان يسرقها الغرب منذ تسعين سنة، وقالت صحيفة " بردي": إن جمال عبد الناصر حطم آخر طوق للاستعمار الغربي وأن وراءه 80 مليون عربي على استعداد للتضحية بأرواحهم.

مانشتات الأهرام
«الرئيس يعلن باسم الأمة: أموالنا وحقوقنا رُدت إلينا».. هذا المانشيت الرئيسي لجريدة الأهرام صبيحة قرار تأميم القناة، يوم 27 يوليو 1956م، والتي عرضت النص الكامل لخطاب عبد الناصر، على أربع صفحات من بينها الصفحة الأولى، وجاءت العناوين من بينها "أمامنا معارك طويلة، استشهد بطلان من أجلكم، فلنكن على حذر، كلكم مصطفى حافظ، الوطن العربي، السلام بين الأمم، سأقول لكم كل شيء، مرحبًا بسوريا مع مصر، ضمان المصالح الاقتصادية، نهاية الاستعمار، لن يقضوا على قوميتنا".


ذعر البريطانيين
رصدت الأهرام أيضًا، احتفالات المواطنين في مختلف أنحاء البلاد، خصوصًا فرحة أهالي الإسماعيلية بالاستيلاء على مرافق الشركة، ومظاهرات في الأردن ابتهاجًا بتأميم شركة القناة، كما أبرزت الصحيفة حالة الذعر التي انتابت العاصمة الإنجليزية "لندن" وقالت بعنوان "الذعر في لندن.. إيدن يعقد الوزارة اليوم".

المانشيت التاريخي للأخبار
أما جريدة الأخبار فنشرت يوم 27 يوليو، عنوانًا رئيسًا، وهو "عبد الناصر يعلن: تأميم شركة القناة"، وتسلم مصر لإدارة الشركة، مستعرضة جميع النقاط التي تناولها الرئيس في خطابه، وصداه القوى بين جميع جموع المواطنين.

الجمهورية تفند الخطاب
«قائد مصر جمال عبد الناصر يعلن باسم الأمة.. تأميم شركة القنال فورًا.. الاستيلاء على منشآت الشركة أثناء إلقاء الخطاب.. إقامة السد العالي بإيرادات الشركة.. تجميد أموال شركة القنال في مصر والخارج»..كان عنوانًا تفصيليًّا لأبرز المحاور الملفات التي تناولها خطاب عبد الناصر للأمة في الذكرى الرابعة لثورة يوليو.


الجريدة الرسمية