رئيس التحرير
عصام كامل

التحليل النفسى لكارهى الإسلام 5


الإساءة إلى الإسلام،والتجريح فيه،والتطاول عليه،من قبل نفر من المحسوبين عليه،كل ذلك تحول فى فترة من الفترات إلى ظاهرة بغيضة،دفعت الدكتور عبدالعزيز كامل إلى القول:"يؤسفنا بعد هذا أن نجدَ من بني جِلْدتنا مَن يجعل مِن نفسه منصَّة تنطلق منها صواريخ الدَّمار الفكري الشامل القادم من أوربا وأمريكا، صوب أراضينا المكشوفة وسماواتنا المفتوحة، مُتَعَلِّلين بحريتهم في الفكر والفعل".

فهؤلاءِ العلمانِيُّون، أدْخَلُوا سُمُومهم الثَّقافية وَدَسّوها في بطون كتبهم، ونَشَرُوها عبر وسائل الإعلام على حين غفلة من أهلها أو كما سَمَّاها مالك بن نبي - رحمه الله - القابليَّة للاستعمار، فيقولون: الإسلام غير السياسة وغير الاجتماع البشري وغير الاقتصاد وغير الثقافة وغير التاريخ وغير المعاملات، أهو هذه الركعات والصلوات في المسجد؟ ألهذا - أيها العلمانيون - نَزَل القرآن نظامًا متكاملاً مُفَصلاً؟ {وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [النمل: 75]، ألم يعلموا أنَّ النَّبيَّ الكريم - صَلَّى الله عليه وَسَلَّم - عَرَّفَنا حتى كيفيَّة قضاء الحاجة!

ولكن، أعتقد أنَّ الأحداث قد علَّمت المسلمينَ أن يخرجوا من دائرة العاطفة الجوفاء إلى دائرة البحث عن خطة، عن طريق، عن منهج يمكن به تفادي الوقوع في الأخطاء مرة أخرى، بعد أن تكشَّفت لهم حقائق كثيرة عن هؤلاء العلمانيين، ربما كانوا يجهلونها، ووضَحَتْ لهم وجوه ربما كانوا يحسنون الظَّن بها، وهي تُخْفِي في أعماقها الرَّغبة في تدميرهم والقضاء على كيانهم. {هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ} [آل عمران: 119].

لهذا فإن الفكر الإسلامي الذي أخذ خلاصة الوحي الرباني كله، الذي أنزل على الرسل والأنبياء، واستصفاه من مصدريْه: القرآن، والسنة - نورًا على طريق البشريَّة كلها إلى يوم القيامة، كان لا بُدَّ أن يواجه من الدَّعوات والملل والنِّحَل والمناهج البشريَّة وقبائل منَ الرَّأي، وهي التي عجزت عنِ العطاء وأسقطتها المُتَغَيرات، وكان آخر ذلك سقوط قلاع الاشتراكيَّة. فأسقطت هذه المناهج في مسقط رأسها وفي بلادها التي صاغتها، وأعلنت البشريَّة منذ سنوات طويلة أنَّها في حاجة إلى منهج جديد ينقذها من براثن هذا النظام؛ فسقوط الماركسيَّة على النحو الذي حَدَث كشف عن عجز الأيدلوجيَّات البشريَّة عن العطاء؛ حتى إنها بعد سبعين عامًا من سيطرتها على مجرى الأحداث، ومن خلال فلسفة عريضة خالفت فيها مناهج الفطرة وعارضت حقائق الدين ومفاهيم العلم، وحاولت أن تشقَّ طريقها ضد التَّيَّار فعجزت وحاصرتها الأحداث، وقصفتها الرياح وأسقطت منهجها وحَطَّمَت شراعها..ونكمل غدا.
الجريدة الرسمية