رئيس التحرير
عصام كامل

طرق كشف هوية المومياوات والهياكل العظمية الأثرية.. كربون 14 للتعرف على تاريخ الآثار العضوية.. التحليل باستخدام الأشعة تحت الحمراء وفوق البنفسجية والفحص الميكروسكوبي.. وتحليل DNA الأبرز

فيتو

قال شعبان أحمد عبد المنعم، مدير ترميم متحف مركب خوفو، والمتخصص في دراسة المومياوات والهياكل العظمية بوزارة الآثار، إن فكرة الحياة بعد الموت احتلت مكانة عظمى في نفس المصري القديم، وتصور الإنسان أنه سيحيا بعد الموت تمامًا مثل الشمس التي تغرب تحت الأرض فتشرق مرة ثانية وبهذا كان التحنيط يعتبر هو الوسيلة الوحيدة لحفظ جسد المتوفى حتى يحيا في العالم الآخر.


الربط بين الروح والجسد بعد الموت
وأكد عبد المنعم لـ"فيتو" أن المصرى القديم ربط بين الروح والجسد بعد الموت واعتقد أن هناك روحًا هي (الكا) أي القرابين التي تبقى بجوار الجسم في مقبرته وحوله في الأرض وهناك روحًا فارسة وهي (البا) تلحق بموكب الشمس في رحلتها النهارية والليلية ثم تزور الجسد أثناء رحلتها النهارية وإن كان كل من "الكا" و"البا" مرتبط بقاؤهما وفناؤهما ببقاء الجسد وفناءه ـ

بداية معرفة التحنيط
وأضاف مدير ترميم مركب خوفو: خلال عصور ما قبل الأسرات دأب المصريون القدماء على الحفاظ على جثث موتاهم بالطرق الطبيعية فقط، ولم يلجئوا إلى الطرق الصناعية ولهذا كانوا يكتفون بدفن الموتى في حفرات بالأرض الرملية وكانت الحرارة الشديدة المختزنة في رمال الصحراء كفيلة بتجفيف الجلد والأحشاء الداخلية وساعد ذلك على حفظ الجسم من التحلل وظلت هذه الطريقة بدون تغيير إلى بداية عصر الأسرات وطوال الأسرة الأولى أما في الأسرة الثانية فقد وضعوا الجثة في صندوق خشبي بعد تغليفها بالكتان يتخلل كل طية كمية كبيرة من ملح النطرون الجاف لامتصاص الماء.

وتوصل المصريون القدماء إلى معرفة التحنيط بالمعنى الصحيح ومارسوه فعلًا في عصر الأسرة الثالثة (نحو 2770 ق. م) إذ وجدت من عصر هذه الأسرة توابيت لحفظ المومياء وتوابيت أخرى بها أربعة أواني من المرمر لحفظ الأحشاء المحنطة كما وجدت بقايا من مومياء الملك زوسر وذلك في غرفة الدفن الجرانيتية بهرمه المدرج بسقارة، ومن الملاحظ دائمًا أن كل شيء جديد يبدأ استعماله لفئة قليلة من الشعب ثم يوسع تدريجيًا وهو ما حدث في الأسرة الثالثة فيما يخص التحنيط حيث بدأ فقط للملوك والأمراء وكبار الموظفين ثم بدأ تدريجيًا يتم تحنيط الفئات الأقل، وإن كان بتكاليف أقل.

وأوضح: يمكن القول أنه تم ممارسة الحفظ الصناعي للجسد (التحنيط) في مصر منذ الدولة القديمة "2649 ق م" وحتى العصر المسيحي، وتوقف ممارسته منذ قدوم الإسلام بعد فتح العرب لمصر في "641 م".

المفهوم العلمي للتحنيط:
يقوم الأساس العلمي لعملية للتحنيط على استخلاص ماء الجسم وتجفيفه تمامًا حتى لا تتمكن بكتريا التعفن من أن تعيش عليه أو تتغذى به.

المفهوم اللغوي للتحنيط:
التحنيط في اللغة يعني استخدام الحنوط أو الحناط، وهو كل ما يطيب به الميت من مسك وصندل وعنبر وكافور وغير ذلك مما يدل عليه تطييبًا له وتحفيظًا لرطوبته.

معنى كلمة مومياء
أما عن كلمة مومياء فهو مصطلح يطلق عامة على جسد الإنسان أو الحيوان أو الطيور أو السمك أو الزواحف والتي حفظت بوسائل صناعية ولم تكن الكلمة تحريفًا من الكلمة المصرية القديمة أو من القبطية الأكثر حداثة من الاسم المصري، ولكن كلمة مومياء وجدت عند البيزنطيين والإغريق وكذلك في اللاتينية هكذا Mormia – Mwmior والكلمة العربية الفارسية مومياء كانت تعنى الجسد الإنساني الذي حفظ بواسطة الشمع أو القار.

وتابع: وجرى بالفعل تطوير طرق غير متلفة للفحص والتحليل، حيث أنه قديما كانت المومياوات غير الملفوفة فقط هي التي يمكن عن طريقها التوصل إلى أدلة ومعلومات في بعض المناطق، أو أن يضطر الباحثين أن يتخذوا قرار قاطع لفك لفائف المومياء وتشريحها الآن فإنه من الممكن الحصول على المعلومات من خلال القليل من التدخل المباشر، وأحدثت التطورات العلمية في السنوات الأخيرة إسهامات كبيرة للمعلومات والمعرفة الحالية عن تقنيات التحنيط والمواد، وكذلك ظروف المرض والمعيشة في مصر القديمة.

تطبيق التقنيات العلمية الحديثة لدراسة المومياوات والبقايا الآدمية
وأشار شعبان عبد المنعم، إلى أن الفحص يتم بجهاز التصوير بالأشعة السينية X-Ray Radiography، والتصوير بالأشعة السينية الآن من أهم طرق الكشف عن أماكن التلف في الآثار ومعرفة طبيعتها والاطلاع على ما يكون بداخلها، ولا يمكن رؤيته بالعين المجردة من الخارج، وذلك بأخذ صورة له بواسطة جهاز التصوير بالأشعة السينية والتي تنفذ من خلال فتحة من جانب الأنبوبة قدرها من 7.6 - 10 إنجستروم ومثبتة بالجهاز بحيث يمكن تحريكها في جميع الاتجاهات، وتساعد هذه الطريقة في معرفة مدى التحول ومركباته كما أنها تساعد على تحديد ما يحتويه الأثر من أجسام غريبة مع تحديد اتجاهها كما أنها تساعد على التعرف على وجود أماكن الشروخ الدقيقة بطريقة غير متلفة، وكذلك استخدم التصوير بالأشعة للعديد من السنوات لفحص المومياوات المصرية، فإن الفحص بالأشعة السينية يتيح فرصة جيدة وفريدة لتقييم تطور ونمو الهيكل العظمي وكذلك عمليات التطور الآدمي، وهذا التقييم يقوم على دراسة تحول وتطور العظم في كل فرد.

Radiocarbon dating C14 التأريخ باستخدام كربون 14

ويستخدم كربون 14 في التعرف على تأريخ الآثار العضوية، إذ قد تصل عمر قطعة من الخشب أو العظام إلى 5000 عام، بل قد يستخدم كربون 14 كمقياس لتقدير أعمار الحفريات ذات الأساس البيولوجي والتي قد يصل عمرها في بعض الأحيان أكثر من 50000 سنة، ولأن الكربون 14 موجود في كل الكائنات الحية، نظرا لأنه ينتج من الأشعة الكونية cosmic rays وتتحد مع الأكسجين لتكون ثاني أكسيد الكربون، يتم امتصاص ثاني أكسيد الكربون من قبل النباتات خلال عملية التمثيل الضوئي، ينتقل كربون 14 من النبات إلى الإنسان والحيوان من خلال الأكل، وتكون نسبة الكربون"12" إلى الكربون "14" في الهواء وفي كافة الكائنات الحية نفس النسبة، ويقدر عدد ذرات الكربون 14 في الهواء بذرة واحدة لكل 1012 ذرة كربون 12، ذرات الكربون 14 مشعة وتضمحل باستمرار من خلال إطلاق أشعة بيتا، ولكن يتم تعويض الفاقد من جسم الكائنات الحية بمعدل ثابت من خلال ما نتناوله من طعام أو ماء، وعند هذه اللحظة نؤكد على أن جسم الإنسان يحتوي على نسبة ثابتة من الكربون 14 فيه وتساوي نفس النسبة في الحيوان والنبات.

التحليل باستخدام الأشعة تحت الحمراء Infera Red Radiation
تستخدم هذه الطريقة للتعرف على التركيب الجزيئي للمواد العضوية والوسائط العضوية والمواد اللاصقة، وتعتمد هذه الطريقة على خاصية المواد العضوية في أن لها قدرات متفاوتة من الأمتصاص في نطاق الأشعة تحت الحمراء ولكل مركب خاصية خاصة به وبذلك فإن طيف الامتصاص للأشعة تحت الحمراء يعتبر الصفة وفى الحقل الترقيمي الأثري تفيد هذه الطريقة في التعرف على التركيب الجزيئي للمواد ومن أهم هذه المواد:

1. المواد الراتنجية والمواد المضافة القديمة ومدى تغيرها.
2. المواد اللاصقة adhesives القديمة.
3. التعرف على الوسيط سواء كان صمغ عربى gum Arabic أو غراء حيواني animal glue أو زلال البيض.

التحليل باستخدام الأشعة فوق البنفسجية ultraviolet Absorption Spectroscopy
يستخدم هذا النوع من التحليل الطيفي في التعرف على المجموعات العضوية وتعتمد هذه الطريقة على أثر امتصاص الأشعة فوق البنفسجية بواسطة الأنظمة الكيميائية إلى إثارة الإلكترونات وانتقالها من مدارات ذات طاقة منخفضة إلى مدارات ذرات أعلى وتختلف هذه الانتقالات في كمية الطاقة الطيفية اللازمة لحدوثها أي في الطول الموجى للأشعة وككل ومن هنا يستخدم هذا التحليل للتعرف على مكونات المركبات.

الفحص الميكروسكوبي Microscopic Investigation
الميكروسكوب الإلكتروني الماسح Scanning Electron Microscope SEM

ويعتبر الميكروسكوب الإلكتروني الماسح هو أحد طرق الفحص الحديثة في مجال فحص ودراسة التلف بالنسبة للمواد الأثرية حيث أنه يعتبر من الطرق غير المتلفة لأنه لا يحتاج إلا كمية ضئيلة من العينة لفحصها، وللميكروسكوب الإليكتروني قوة تكبير عالية نستطيع الحصول من خلالها على معلومات وافية دقيقة تصل إلى 3000،000، ويستخدم هذا النوع من الميكروسكوبات للتعرف على نوع مادة الأثر، وكذلك للتعرف على التغييرات أو التلف الذي حدث في التركيب التشريحى له وتحليل مظاهر هذا التلف مما يعطى صورة واضحة عن مدى التلف الذي وصل إليه الأثر.

الميكروسكوب الإلكتروني النافذ (Transmission electron microscopy TEM)
مع تطور أجهزة التكبير أصبح بالإمكان رؤية المواد على المستوى الذري مما فتح المجال لتكنولوجيا النانو لتتطور وتنتشر، أجهزة الميكروسكوب الإلكتروني النافذ والذي يعرف بالاسم Transmission electron microscopy ويختصر في (TEM) هو أحد أهم أجهزة التكبير، من خلال اسمه يمكننا التنبؤ بالتقنية التي يعمل بها الميكروسكوب الإلكتروني حيث ينفذ شعاع من الالكترونات من عينة رقيقة جدا، ويتفاعل معها، وتتكون الصورة من تفاعل الإلكترونات النافذة من العينة حيث يمكن أن تكبر الصورة وتركز على شاشة فلوريسنت أو على طبقة من فيلم فوتوجرافي، أو أن ترصد بواسطة كاميرا فيديو CCD، ويستطيع الميكروسكوب الإلكتروني النافذ أن يكون صور بدقة تحليلية عالية جدا أكبر بكثير من تلك التي يمكن أن نحصل عليها من الميكروسكوب الضوئي التقليدي والسبب في ذلك يعود إلى الطول الموجي القصير المصاحب للالكترونات وهذا يجعلنا نستخدم هذه الأداة لرؤية تفاصيل دقيقة تصل في دقتها إلى رؤية صف من الذرات، وهذه الدقة جعلت جهاز الميكروسكوب الإلكتروني النافذ أداة تحليلية هامة تستخدم في العديد من تطبيقات فحص الآثار، كذلك يمكن استخدام أنماط تشغيل مختلفة في جهاز الميكروسكوب الإلكتروني النافذ TEM للتعرف على التراكيب الكيميائية للعينة والتركيب البلوري والإلكتروني أيضا.

الميكروسكوب المستقطب Polarizing-Microscope
والهدف من استخدامه أعطاء قوة تكبير وقوة إيضاح للجسم موضوع الفحص والميكروسكوب المستقطب يساعد على التعرف على التغير الشديد في حجم الحبيبات كما يستخدم في التعرف بشكل عام على نوعيات التلف الدقيقة التي لا ترى بالعين المجردة وأيضا في هذا الصدد يمكن الاستعانة بالميكروسكوب الإلكترونى مع حيود الأشعة السينية.

الميكروسكوب الضوئى والإستريو ميكروسكوب:
يستخدم الإستريو ميكروسكوب في الفحص الدقيق لمظاهر التلف مع إمكانية أخذ العديد من الصور للعينات التي يتم فحصها وحفظها على الكمبيوتر كأحد الوثائق التسجيلية المهمة لحالة الأثر، أما الميكروسكوب الضوئى فيساعد على التعرف والتمييز بين الأنواع المختلفة للأثر وكذلك التعرف على مظاهر التلف التي تغطي الأسطح الملونة والمذهبة تحت الميكروسكوب الضوئى الذي يتكون من العدسات.

تحليل DNA
منذ عام 1985 فإن العمل الأولى الذي قام به Paulo أدى إلى تطوير التقنيات التي مكنتنا من تعريف وتفسير الـDNA الموجود في الأنسجة المحنطة حيث تكفي عينة صغيرة مطلوبة لهذا الإجراء ويمكن أخذها من أي جزء من الجسم تقريبًا حيث تحمل كل خلية معلومات جينية متكاملة للفرد.
الجريدة الرسمية