تسعيرة الدكتور مبروك!
صدمني فيديو مقتطع من إحدى حلقات برنامج الدكتور مبروك عطية، في الفيديو يتصل مشاهد ويحاول تذكير الدكتور مبروك بنفسه وبالمشكلة التي اتصل من قبل ليأخذ رأيه فيها، لكن الدكتور لا يتذكر بالطبع، فيقول المواطن إن أطراف المشكلة اشترطوا حضور الدكتور مبروك عطية جلستهم لإنهاء الخلاف، ولذلك فالمواطن لم يكذب خبرا، وحضر بالفعل أمام مدينة الإنتاج الإعلامي ليَنتظر خروج الدكتور!
طلب ساذج من مواطن بسيط يتحدث على سجيته، تخيل أن الدكتور مبروك عطية بوصفه رجل دين لن يمانع في عمل خير لن يكلفه شيئا، والأمر الصادم ليس في سذاجة الرجل، لكن في الرد العنيف واللهجة القاسية التي تحدث بها الدكتور، بعد أن قاطع المشاهد الساذج وطلب منه بحدة شديدة أن يسمعه، فصمت الرجل ليسمع!
قال الدكتور مبروك، إن القناة التي يقدم بها برنامجه ليست مكتبا خاصا للاستقبالات، وإن مكتبه في الجامعة يستغله للقراءة والكتابة فحسب، وإنه لا يستقبل أحدا في بيته، إلى هنا قد يبدو الأمر عاديا، بل ويمكن أن نغفر للدكتور لهجته الحادة في الرد على رجل تعشم فيه، لكن ما تلا ذلك من عبارات يستحق التوقف أمامه..
قال الدكتور مبروك: أنا لا أعرف إلا شيئا واحدا، عندما يطلب مني أي شخص طلبا كهذا، يجب أن يحدد كم ساعة يحتاجني فيها، وكم سيدفع مقابلا لذلك، الساعتين بكذا، وهذا ليس عيبا، وتلا الآية القرآنية التي جاءت في سياق قصة سيدنا موسى في القرآن، "قالت إحداهما يا أبت استأجره"، وأضاف شارحا الآية ومعلقا عليها: في القرآن، قالت يا أبتِ استأجره، ولم تقل يا أبت استكرده، أو ضيع وقته!
ثم ختم حديثه بقوله: أنا لا أستقبل أحدا، إلا لو أصدر الرئيس السيسي قرارا أن أتولى تلك وظيفة الرد على المواطنين، مقابل ثلاثين أو خمسين ألف جنيه في الشهر!
والحقيقة صدمني الرجل، ليس لأن المعلومات جديدة عليَّ، فأنا أعرف جيدا أن الدين على الفضائيات قد تحول إلى بزنس، لكن صدمتني هذه اللغة الفجة التي تناسب تاجر أو رجل أعمال يقول لكل من يحدثه إن وقته له ثمن، ولإن الدقيقة عنده تساوي آلاف الجنيهات، أغضبني أن يجرح الدكتور رجلا استغاث به، بينما كان يمكن أن يعتذر له ببساطة عن عدم تلبية طلبه الغريب، يكفي أن يقول الشيخ مبروك إن وقته مشحون ومضغوط، لكي يصمت الرجل..
لكن الشيخ الدكتور في الفيديو، يبدو مصرا على تلقين المشاهد درسا قاسيا وعنيفا رغم محاولته لأن يبدو ظريفا خفيف الظل، كأنه سبه أو أخطأ في علمه وتدينه الوسطي الجميل، هذا إذا تحلينا بحسن النية، أما إذا تخلينا عن النوايا الحسنة حتى لا نتساوى في السذاجة مع هذا المشاهد، فالدكتور يبدو كمن يعلن عن نفسه، ويسوق بضاعته، بل ويحدد أجره بمبلغ يتراوح بين ثلاثين وخمسين ألف جنيه الشهر لمن يطلب، والحقيقة لو كنت مسئولا عن القناة التي تبث البرنامج لحاسبت الدكتور مبروك عطية على هذه الفقرة بوصفها دقائق إعلانية!
كلمة رجال الدين هي العليا عند المصريين البسطاء، يحبونهم ويمنحونهم ثقة ليس لها حدود، وهي ثقة ليست في محلها في بعض الأحيان، سببت لبلادنا كوارث حقيقية نعاني منها حتى الآن، ولنا في الشعبية الجارفة التي كانت جماعة الإخوان المسلمين تتمتع بها قبل سنوات، خير دليل على أن الدين هو الكارت الرابح دائما إذا ما أردت السيطرة على المصريين، لكني أتوقع أن تنتهي هذه الظاهرة إذا استمر شيوخ الفضائيات في منهجهم، من أول صاحب أعلانات الدجاج الذي يقوي علاقتك بربك، وانتهاء بتسعيرة الدكتور مبروك!