رئيس التحرير
عصام كامل

المخرج أبو بكر شوقي الحائز على جائزة «كان»: «يوم الدين» رسالة أمل للمبدعين المحبَطِين

فيتو

  • >> بعض رجال الأعمال وجامعتى في نيويورك ساعدونى في إنتاج الفيلم
  • >> رفضت الاستعانة بممثل محترف لأداء دور البطولة
  • >> «راضي» فاهم الشخصية وأداؤه مذهل

النجاح لا يُشبه «تفاحة نيوتن».. لا يسقط من السماء، فيصرخ صاحبها «وجدتها.. وجدتها».. لكن الأمر يحتاج إلى سنوات طويلة من التعب.. زراعة الشجرة.. انتظارها أيام وأيام لتكبر وتُزهر وتنمو.. لهذا وراء كل نجاح قصة طويلة، لا يدرك تفاصيلها الكثيرون.

فيلم «يوم الدين».. إحدى شجيرات التفاح التي مرت سنوات عدة – 5 سنوات تحديدًا- من الجهد والعرق قبل أن تثمر.. وتسقط التفاحة المقدسة في أرض «كان» ليحصل الفيلم المصري، صناعة وإنتاجًا وتمثيلًا، على جائزة «فرانسوا شالية».

“فيتو” حاورت أبو بكر شوقى، مخرج الفيلم، ليحكى عن بدايات رحلته في عالم الفن وكواليس الطريق الشاق الذي سار فيه لكى يخرج “يوم الدين” إلى النور.


> بداية... احك لنا سر حبك للفن بصفة عامة والسينما بصفة خاصة.
حب الفن تسلل إلى قلبى منذ الطفولة، فقد كنت أعشق مشاهدة الأفلام منذ أن كنت صغيرًا، ولكن كانت ميولى مختلفة، فقد كنت أميل لمشاهدة الأفلام غير التجارية والمستقلة وغير المعروفة وأفلام من السينما العالمية، وفيما بعد حينما قررت أن أدرس اخترت الدراسة في معهد السينما قسم الإخراج، ودرست علم السياسة في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، ومن بعدها عملت في مصر قليلًا، لأسافر بعد ذلك إلى نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، لتحضير الماجستير في الإخراج هناك.

> هل «يوم الدين» فيلمك الأول؟
يُعد فيلم يوم الدين هو أول فيلم روائى لى، كما أنه مشروع تخرجى بجامعة نيويورك، لكن سبقته بعض الأفلام التسجيلية والأفلام الروائية القصيرة، لكن جميعها كانت أثناء الدراسة.

> من أين جاءتك فكرة الفيلم؟
تحديدًا.. حينما كنت أصور منذ عشر سنوات فيلمًا تسجيليًا قصيرًا عن مستعمرة الجذام ضمن مشروعات معهد السينما، ورغم أن الفكرة كانت بداخلى منذ عشر سنوات، إلا أننى لم أبدأ في كتابتها وتنفيذها إلا منذ خمسة سنوات، وحينما عدت إلى مصر بدأت في التحضير له، وانتهيت من التصوير منذ عامين، ومرحلة ما بعد التصوير لم تنته إلا قبل مهرجان كان بأشهر قليلة، وحتى اليوم لا نزال نعمل على بعض الأمور التقنية الخاصة بالفيلم.

> هل هناك رسالة محددة كنت ترغب في إيصالها من خلال «يوم الدين»؟
لم أقدم الفيلم من أجل الرسالة، لكن في العموم أردت أن أقول إنه يجب ألا نحكم على الآخرين من خلال شكلهم، ولكن من خلال شخصيتهم.

> كيف تم اختيار أبطال الفيلم وما معايير اختيارهم؟
كنت أبحث عن شخص يكون «فاهم» الشخصية والفيلم وقادر على التمثيل، ومن خلال علاقتى السابقة ببعض الموجودين في مستعمرة الجذام أثناء تصوير فيلمى التسجيلى عنها، هناك من دلنى على «راضى»، وحينما قابلته وجدته رجلًا خفيف الظل ومحترم ولديه كرامة، وبعد اتفاقنا على العمل أخذنا فترة طويلة لتدريبه على التمثيل، والأمر ذاته بالنسبة للطفل أحمد عبد الحفيظ الذي أخذنا وقتا طويلا حتى وجدناه ووقتا طويلا أيضا حتى يتم فترة تدريبه على التمثيل، ولكى يتم تحضيره للوقوف أمام الكاميرا.

> لماذا لم تعتمد على أحد النجوم للمشاركة في الفيلم؟
كنت أفكر في هذا الأمر قبيل أن أجد «راضى»، لكننى أعتقد أننى حتى وإن أحضرت ممثلا ماهرا ووضع ماكياج مثاليا للشخصية، فإنه لن يتمكن من تجسيد التفاصيل التي يعانى منها شخص مصاب بالجذام مثل راضى، تلك التفاصيل الصغيرة بداية من طريقة تناول كوب الشاى وارتداء الملابس وإشعال السيجارة، كلها تفاصيل لن يمكن أن يجسدها أحد سوى من عاش التجربة، وكنت أرغب في أن تكون هناك واقعية ومصداقية وهو ما لم أكن لأجده إلا في شخص مثل راضى.

> حدثنا عن كواليس ترشيح «يوم الدين» للمشاركة في مهرجان كان؟
الترشيح له قصة طويلة.. وجاء بعد محاولات واهتمام من عدة أصدقاء وأطراف أخرى منها شركة «فيلم كلينك» وصاحبها محمد حفظى، ولقد تقدمنا بالفيلم إلى 3 مهرجانات قبل “كان” للمشاركة فيها، لكنها رفضت الفيلم وباءت كل المحاولات بالفشل، ولولا كل المحاولات الفاشلة لتقديم الفيلم في مهرجانات أخرى لم نكن لندخل «كان».

> ما أبرز التعليقات التي سمعتها عن الفيلم ولا يمكن أن تنساها؟
أولًا.. الناس تفاجئت أن راضى ممثل هاوٍ، ومع ذلك تمكن من أداء الشخصية بهذا الشكل، وهذا الأمر كان مهما جدًا بالنسبة لى، لأنه كان هناك الكثيرون ممن ساورهم الشك حول هذا الاختيار منذ بداية رحلة تنفيذ الفيلم.

> بعد كل هذا النجاح، كيف تصف شعورك تجاه «يوم الدين»؟
هذا الفيلم قدمناه بعد جهد دام خمس سنوات، كانت ظروفه صعبة وكان من الممكن أن نتوقف، وأتمنى أن يكون سببًا في منح الشباب المبدعين الذين لا سند لهم في السوق ولا يملكون الأموال اللازمة لتحويل إبداعهم إلى واقع أملًا في تقديم ما يؤمنون به، وأن يكون «يوم الدين» بمثابة بارقة أمل لهم بأن العمل الشاق والالتزام يمكنه أن يكلل بالنجاح.

> من قدم لك الدعم خلال رحلتك مع “يوم الدين”؟
في الحقيقة، هناك الكثير من الأشخاص والجهات التي قدمت لنا الدعم، على سبيل المثال جامعتى في نيويورك قدمت لى منحة، وهناك رجل أعمال قدم لى منحة خاصة، ورجال أعمال لا علاقة لهم بصناعة السينما ولكنهم يحبونها، وبطبيعة الحال والدى ووالدتى، وكانت هناك منحة في مرحلة ما بعد التصوير من مهرجان تريبيكا السينمائى، ومهرجان الجونة، ومحمد حفظى وشركة فيلم كلينك ساعدونا على الانتهاء من الفيلم، بالإضافة إلى بعض الممولين على رأسهم على البغدادى وطارق حلمى، كل هؤلاء ساعدونا على إنجاز الفيلم.

الحوار منقول عن بتصرف النسخة الورقية لـ "فيتو"..
الجريدة الرسمية