معجزة «ندى» و«نادين»
إنها معجزة حقا، أن تحصل الشقيقتان «ندى ونادين» على الدرجات النهائية في الثانوية العامة، رغم فقدان إحداهما للبصر.. ولا ترى الأخرى إلا بعين واحدة، ورغم ذلك استطاعا بإصرارهما التفوق.. وتحقيق المعجزة!
أول ما يستلفت النظر في تلك المعجزة أن آلاف الطلاب المبصرين، والذين ينعمون بالصحة والعافية يتعثرون عند أدنى الصعوبات التي تواجههم، ويقعون في دائرة الإحباط الذي يقود إلى الفشل الذريع، ولو أن هؤلاء استفادوا من تجربة ندي ونادين وأدركوا أن تخطي الصعاب ليس مستحيلا طالما توفرت الإرادة على النجاح والتفوق..
وزارة التعليم أيضا يجب أن تستوعب الدروس المستفادة من تلك المعجزة، وأن تبادر بإزالة العقبات التي تواجه الذين فقدوا نعمة البصر.. أو غيرهم من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين لم تحل معاناتهم دون أن يتفوقوا، وعلى الوزارة أن تخفف من تلك المعاناة.. وتساعدهم على الالتحاق بمدارس قريبة من مساكنهم، حيث كان أقسى ما في محنة الشقيقتين رفض المدارس القريبة قبولهما.. ما ضاعف من معاناة أسرتهما.
وعلى شبابنا إدراك أن التفوق لا يحدث مصادفة، وإنما نتيجة جهد متواصل ومنتظم، وتفوق الشقيقتين بدأ من المرحلة الابتدائية.. فقد حققتا المركز الأول على المدرسة، وفي الإعدادية حصلتا على المركز الأول على مستوى المحافظة، ما يدل على أن التفوق لا يأتي فجأة.. وإنما حصاد عمل جاد ومنظم استمر سنوات.. حتى تحققت النتائج المبهرة.. ما يجذب النظر في تلك التجربة إدارة التوأم لعامل الوقت، واستثماره جيدا، ٨ ساعات للمذاكرة.. وباقي ساعات اليوم للأنشطة والهوايات.
نادين تعزف على الجيتار.. وندى تغني، والمثير أن الشقيقتين لم تختارا دخول كليات القمة، بل اختارت ندى الدراسة بكلية التربية الموسيقية لإشباع موهبتها في الغناء، بينما اختارت نادين دراسة اللغة الإيطالية بكلية الآداب ولديها خطة لتعلم الإيطالية والإسبانية أيضا.
يبقى أن نحيي الأسرة التي تحملت المعاناة من أجل أن تتحقق المعجزة.. تحية للوالد الشريف أحمد منصور والسيدة الفاضلة زوجته.. على ما قدماه للوطن من نماذج رائعة تتحدى المستحيل.