رئيس التحرير
عصام كامل

ظل التدخلات الإيرانية يخيم على تظاهرات العراق المطلبية

فيتو

أبرزت وكالات الأنباء والفضائيات العربية والدولية لقطات فيديو وصورا لمتظاهرين يحرقون لافتات في شارع الخميني في البصرة، وهجمات على مقرات الأحزاب الموالية لإيران، وهي منظمة بدر، وعصائب أهل الحق، وتيار الحكمة.

وفي شرحه لهذه الظاهرة الجديدة على المشهد السياسي في العراق، قال النائب السابق عن محافظة البصرة وائل عبد اللطيف إنّ "حرق صورة الخميني والخامنئي والاعتداء على مقار الأحزاب والقوى السياسية والفصائل المسلحة هو مؤشر واضح على حجم الرفض الشعبي للنفوذ الإيراني في العراق عموما، والبصرة بشكل خاص"، كما نقلت عنه فضائية الحرة الأمريكية.

المرافقة تكمن في أنّه مع بداية الحراك سارع كثيرون إلى اعتبار قيام المتظاهرين بمهاجمة مقرات شركات النفط في القرنة شمال البصرة حلقة من مخطط إيراني يهدف إلى تعطيل خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمقاطعة صادرات النفط الإيراني.

واستندت أغلب التحليلات في هذا الاتجاه إلى تأكيد الجنرال الإيراني قاسم سليماني بأنّ الحرس الثوري مستعد لتطبيق سياسة تعرقل صادرات النفط الإقليمية، حال قيام أمريكا بعرقلة صادرات النفط الإيرانية تعقيبًا على ما قاله الرئيس الإيراني حسن روحاني: "في حال لم تتمكن إيران من تصدير نفطها فإنّ تصدير النفط سيتوقف في المنطقة كلها ولو أردتم فعل ذلك فجربوا الأمر وستتلقون النتيجة".

ولم يتفق المحتجون والمتظاهرون على تسمية موحدة لنشاطهم، فقد سماه البعض حراكًا شعبيًا، ودعاه آخرون بالحراك المدني، وأسماه بعض متظاهري الجنوب بالانتفاضة، لكن شعارات التظاهرات حاولت أن تنأى بنفسها عن أي اتجاه، فجاء شعار"انتظريني يا حبيبتي حتى أجد وظيفة لأحقق لك احلامنا الوردية" و" ثورة ثورة شبابية" عفوية معبرة عن مطالب غير سياسية، فيما رفع أهل الجنوب شعارات أخرى من بينها "هذه الحكومة ما نريده والواحد وتسعين إلا انعيده" في إشارة إلى انتفاضة جنوب العراق وشماله على صدام حسين عام 1991.

ورُفع شعار "لا صدرية ولا مدنية ولا شيوعية ولا دعوية ولا حكيمية ولا عشائرية #مطالبنا_وطنية"، في ساحة التحرير، ليكون عنوانًا لغياب الأحزاب، وفي نفس الوقت عنوانًا لغياب القيادة، ولعل هذا يفسر صغر التظاهرات التي سارت في أماكن متفرقة من البلد، ولو جمعنا مجمل عدد المتظاهرين فلن يصل العدد إلى 10 آلاف متظاهر في عموم المحافظات المعنية.

ورغم أنّ الدستور العراقي يضمن للعراقيين حق التظاهر، وهؤلاء المتظاهرون خرجوا بمطالب شرعية مكفولة بالقانون، فلماذا تخاف الحكومة المنتخبة من هذه التظاهرات؟ منذ عام 2015 نزولا قبله حتى إلى عام 2013 يشهد العراق تظاهرات كل يوم جمعة في مركز بغداد بساحة التحرير تحت نصب الحرية، وأمام المنطقة الخضراء ولم تعترض عليها السلطة، وهو ما يفسره البعض بأنّ الصدريين والشيوعيين كانوا يقودون ذلك الحراك، ما يجعله واضحًا للحكومة وقوة لا يستهان بها لا تفكر السلطة في التصدي لها، وإلى ذلك أشار الناشط كامل عبد الرحيم "كل الأحزاب الكلاسيكية غير حاضرة في الحراك".

وشهدت التظاهرات الأخيرة مواجهات عنيفة مع قوات "سوات" وهي نخبة الشرطة، كما شهدت اعتقالات، لكنّ أغلب المصادر أشارت إلى إطلاق سراح المعتقلين، وهو ما كشف الناشط السياسي كامل عبد الرحيم، متحدثًا من ساحة التحرير بالقول:" لم أر في ساحة التحرير أمس اعتقالات لكني سمعت بذلك وكذلك سمعت بإطلاق سراحهم لاحقا بعد أخذ تعهدات منهم بعدم التظاهر ثانية".

على صعيد رسمي، أعلن ضابط رفيع في وزارة الداخلية العراقية أنّ التظاهرات خرجت دون ترخيص مسبق كما ينص عليه القانون، لكنّ الناشط كامل عبد الرحيم رد على هذا الموقف بالقول "الموافقة التي تتحدث عنها وزارة الداخلية تبرير، لأن الداخلية لا تمنح موافقات للتظاهر أصلا، وما يجري منذ سنوات في بغداد من تظاهرات، يجري بموافقة شكلية، وفي النهاية فالقانون يشترط الإعلان المسبق عن التظاهرة، ونحن أعلنا مسبقًا".

ورغم أن الحماس للتظاهر والاحتجاج قد خف في عموم العراق، لكنّ دعوات تظهر غالبا على صفحات فيس بوك، تتوعد بتظاهرات حاشدة أيام الجمعة أو السبت أو الأحد المقبلة حسب تنظيم الجهات الداعية للتظاهر.

ذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل


الجريدة الرسمية