رئيس التحرير
عصام كامل

مواجهة السرطان بـ«الباروكة».. «خُصلة شعر = فرحة عُمر»

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

المال.. لا يعتبر الوسيلة الوحيدة التي يمكن التبرع بها، فهناك وسائل عدة، لعل أبرزها ما ظهر في الآونة الأخيرة، وبدأ البعض يتجه إليه، طمعًا في تقديم يد المساعدة للآخرين، وفي الوقت ذاته، رغبة في الحصول على مساحة من الراحة النفسية.


التبرع بالشعر.. إحدى وسائل التبرع التي لجأت إليها بعض السيدات لمساعدة مرضى السرطان، فرغم أن الشعر تاج المرأة، وظل لسنوات طويلة، وتحديدًا بين القبائل العربية دليلًا على حسبها ونسبها، إلا أنه بمرور السنوات تحول إلى وسيلة لإسعاد الآخرين خاصة إذا كنت واحدا ممن يملكون القدرة على الاستغناء عنه.

«كنت أمر بحالة من الاكتئاب الشديد، أردت عمل أي تغيير من الممكن أن يدخل إلى قلبي الفرح أو السرور، قررت تغيير قصة شعري ودعوت صديقتي للمجيء معي، ذهبت إلى الكوافير لأفاجئ الجميع بأنني أريد أن أقص شعري، هنا أخبرتني صديقتي أنه في حال قررت التخلص من شعري، فيجب أن أتبرع به إلى مرضى السرطان، ربما يغير حالتي المزاجية»، هكذا تحدثت مروة عادل، الفتاة العشرينية.

«مروة» أكملت: «أعجبت كثيرا بفكرة صديقتي، شعرت أنها سبيل لمساعدة مرضى السرطان ومن الممكن أن يأتي عليّ أيضا بفائدة كبيرة ألا وهي مساعدتي على الخروج من حالة الاكتئاب التي أمر بها، وبعد أن انتهت الكوافيرة من قص شعري، احتفظت به واليوم الثاني ذهبت مباشرة إلى أحد المستشفيات المعنية بمعالجة مرضى السرطان وتقدمت إلى موظفة الاستقبال التي دلتني على القسم المتخصص في جمع التبرعات، بالفعل شعرت بسعادة غامرة خاصة لرؤيتي أطفالا وكبارا وشبابا يعانون من تساقط الشعر نتيجة لتلقيهم علاج الكيماوي في إطار رحلتهم للتخلص من المرض اللعين».

«مروة» أعجبتها الفكرة، وقررت تكرارها من وقت لآخر، ولم تكتف بنفسها، لكنها سارعت بنشر دعوات عبر صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، تدعو صديقاتها للتبرع بشعرهن لمرضى السرطان علهن يكن سببا في تخفيف آلام غيرهم ممن يعانون، وأضافت: «قررت أن أحول الأمر إلى باب خير، كتبت منشورا على صفحتي ما هي إلا ساعات حتى انهالت على في الرسائل الخاصة مجموعة من الصديقات يطالبن بمعرفة السبيل للتبرع بشعرهن، غمرتني سعادة كبيرة، شعرت أنني شخص إيجابي أساهم في رسم بسمة على وجوه المرضى».

أما «سوسن» السيدة الأربعينية، فلها منظور خاص للتبرع بشعرها لمرضى السرطان، خاصة أن نجلتها مرت بتلك التجربة القاسية وقالت عنها: «كنت واحدة من الذين يمكن القول إنهم تابعوا مرارة ذلك التحول الذي يصيب المرضى عندما يبدأ شعرهم بالسقوط، الأمر غاية في الصعوبة، ليس فقط أنك مريض ولكن لتحولك لشخص غريب، ملفت للأنظار، وللأسف مجتمعاتنا تلقى نظرة تعاطف قاتلة لهؤلاء».

قبل 5 سنوات كانت «لوجي» نجلتها مريضة بالسرطان، ولما بدأت العلاج الكيماوي، سقط شعرها بشكل كبير، أرادت الأم أن تقلل من خسارة نجلتها فما كان منها إلا قص شعرها وتحويله إلى باروكة لتدخل الفرح إلى قلب ابنتها مرة أخرى.

وعن تلك الفترة قالت «سوسن»: «كان أمر يسير أن اشتري باروكة من الأماكن التي تبيعها، لكني فضلت أن أمنح نجلتي جزءا مني، تلك تضحية بسيطة جدا مقابل أن أعيد لنجلتي وفلذة كبدي جزء من ثقتها بنفسها، لم أذهب إلى كوافير واكتفيت بمقص وقصصت شعري بنفسي وتعلمت من خلال الإنترنت كيفية جمعه مرة أخرى وصناعة باروكة بسيطة التكوين، وقد كان.. قدمته لها كهدية داخل صندوق طفولي كتب عليه بالإنجليزية «for you»، كانت لحظة مؤثرة عندما رأيتها دموع الفرح والعرفان في عينيها».
الجريدة الرسمية