حسن زايد يكتب: تحولات القـيم فـي الـمجتمع الـمصري
أثناء الثورات وفي أعقابها، ونتيجة الزلازل التي تصيب المجتمع تبعًا لذلك، لابد وأن تهتز الأشياء والقيم بنسب متفاوتة.
هذه الاهتزازات لا شك أنها تحدث اختلالات هيكلية يترتب عليها سقوط أشياء وقيم، وفقدانها لمكانتها وقيمتها ومعناها وفلسفة وجودها، وكذا فقدان هيبتها في النفوس واحترامها، وارتفاع قيم أخرى لم تكن موجودة من قبل، أي قيم مختلقة، أو قيم متروكة، أو قيم موجودة في مجتمعات أُخرى، لم تكن مقبولة من قبل في المجتمعات محل الثورة.
وقد قلت أن القيم لم تتغير، ولكننا ننزلق نحو منظومة قيم جديدة برجماتية، ستحل حتمًا محل قيمنا القديمة عن طريق أبنائنا وأحفادنا، باعتبار أن تغيير منظومة القيم في المجتمعات تتم تدريجيًا، وببطء عبر أجيال، وليس تغييرًا فجائيًا أشبه بالانفجار المفاجئ على نحو ما حدث بمصر.
وقد قلت أن القيم لم تتغير، ولكننا ننزلق نحو منظومة قيم جديدة برجماتية، ستحل حتمًا محل قيمنا القديمة عن طريق أبنائنا وأحفادنا، باعتبار أن تغيير منظومة القيم في المجتمعات تتم تدريجيًا، وببطء عبر أجيال، وليس تغييرًا فجائيًا أشبه بالانفجار المفاجئ على نحو ما حدث بمصر.
وقد نسيت أن مصر قد تعرضت كمجموعة قيم لثورتين، أحدثتا شروخًا وتشوهات وانكسارات ذات زوايا حادة مدببة. ونسيت كذلك في زحمة الركام أن لحظة الانزلاق من منظومة القيم القديمة، إلى منظومة القيم الجديدة، لابد أن يصاحبها، ويعقبها تحطم قيم قديمة واندثارها، ودخولها في ذمة التاريخ المهمل، الذي لا يلتفت إليه أحد، ولا ينتبه لوجوده أحد، إلا بعد حين.
ومن أمثلة القيم التي كانت موجودة ثم طفت على السطح نتيجة خلق الظروف البيئية الضرورية لوجودها، أو تم استيرادها، أو تخلقت لدينا وسادت، قيمة الانتهازية.
ومن أمثلة القيم التي كانت موجودة ثم طفت على السطح نتيجة خلق الظروف البيئية الضرورية لوجودها، أو تم استيرادها، أو تخلقت لدينا وسادت، قيمة الانتهازية.
والانتهازية هي وصف لمن يقتنص الفرص، ويستغل أية وسيلة من وسائل اجتلاب المنفعة الشخصية الخاصة، مستغلًا في ذلك لأي ظرف بطريقة لا أخلاقية، بغض النظر عن المصلحة العامة للمجتمع. وتنهار مع وجود هذه القيمة قيم الإيثار، والصدق، والأمانة، وحب الغير، وتصاحبها قيم حب الذات، والأنانية، والكذب، والنفاق، والغش، والتدليس، والتزوير، والخيانة.
ومن المتوقع في أي مجتمع يتعرض لمثل هذه الهزات الزلزالية، أن تكون هناك فئة أو طائفة طليعية تحفظ على المجتمع قيمه ومبادئه، كلها أو بعضها، حتى لا يكون الانهيار تامًا وكاسحًا. هذه الفئة تمثل ذاكرة المجتمع التي بها يستعيد تاريخه القيمي، ومنظومته القيمية الحاكمة، التي بها يستعيد وجوده، ويسترد عافيته القيمية، وفق نسقه الأخلاقي.
هذه الفئة الطليعية هي فئة المثقفين، باعتبارها أكثر الفئات الواعية، المستوعبة، الفاهمة، التي اعتملت في وعيها المنظومة القيمية والنسق الأخلاقي الفاعل في المجتمع، دون أن يصابوا بداءات الانتهازية الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية.
وقد اتضح لي، أن من الأسباب الدافعة للتمهيد لحدوث الثورتين، هو السقوط المدوي لهذه الفئة، ليس بالسكوت، والصمت، والانزواء، وإنما بالسقوط في فخاخ الانتهازية وشباكها، ليس بالانتفاع منها وحسب، وإنما بالترويج لها، وتسويقها، وتزيينها للمجتمع، باعتبارها السبيل الأوحد للصعود المجتمعي.
ومن المتوقع في أي مجتمع يتعرض لمثل هذه الهزات الزلزالية، أن تكون هناك فئة أو طائفة طليعية تحفظ على المجتمع قيمه ومبادئه، كلها أو بعضها، حتى لا يكون الانهيار تامًا وكاسحًا. هذه الفئة تمثل ذاكرة المجتمع التي بها يستعيد تاريخه القيمي، ومنظومته القيمية الحاكمة، التي بها يستعيد وجوده، ويسترد عافيته القيمية، وفق نسقه الأخلاقي.
هذه الفئة الطليعية هي فئة المثقفين، باعتبارها أكثر الفئات الواعية، المستوعبة، الفاهمة، التي اعتملت في وعيها المنظومة القيمية والنسق الأخلاقي الفاعل في المجتمع، دون أن يصابوا بداءات الانتهازية الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية.
وقد اتضح لي، أن من الأسباب الدافعة للتمهيد لحدوث الثورتين، هو السقوط المدوي لهذه الفئة، ليس بالسكوت، والصمت، والانزواء، وإنما بالسقوط في فخاخ الانتهازية وشباكها، ليس بالانتفاع منها وحسب، وإنما بالترويج لها، وتسويقها، وتزيينها للمجتمع، باعتبارها السبيل الأوحد للصعود المجتمعي.