وللسلطة ثمن!
بمناسبة اللقاء بين ترامب وبوتين لفت انتباه بعض الصحفيين والإعلاميين أن ترامب أوفد إلى موسكو مستشاره للأمن القومى بولتون للتحضير والإعداد لهذه القمة.. وبولتون معرف عنه أنه عدو لدود لروسيا، ورافض بصرامة لتحسين العلاقات الأمريكية معها!
وقد فسر البعض ذلك بأن ترامب أراد قبل إتمام هذه القمة ترطيب العلاقات مع الزعيم الروسى بإيفاد مستشاره للأمن القومى تحديدا، كنوع ضمنى من الاعتذار لموسكو.. وكما يقول مستشار سابق لترامب، فإن الرئيس الأمريكى اشترط على بولتون قبل إصدار قرار تعيينه مستشارا له تهذيب شاربه الكثيف، لأنه يعطى انطباعا عدائيا، لا يليق بمن يعملون في البيت الأبيض، وقد امتثل بولتون لطلب ترامب ليظفر بالمنصب الكبير.. ويضيف هؤلاء أن بولتون عندما التقى بوتين في موسكو لفت نظره ما أصاب شاربه وضحك على ذلك!
وبعيدا عن تأثير ذلك على تلك قمة ترامب وبوتين، فإن هذه الحكاية الطريفة لها دلالات أخرى تتعلق بما يمكن تسميته ثمن السلطة.. فالسلطة وإن كانت تمنح صاحبها أو من يشارك فيها أو يقترب منها إمكانيات وصلاحيات ومكاسب بعضها غير منظور، إلا أنها تجبره على دفع ثمن لكل ذلك.. والثمن في حالة بولتون كان شاربه الذي امتثل لطلب ترامب وقام بتهذيبه، حتى ينال وظيفته الكبيرة، ويشارك في إدارة أمريكا.. غير أن الثمن قد يختلف ويتنوع في حالات أخرى، وقد يصل إلى فقدان حرية اتخاذ القرار!
ويروى ثروت عكاشة في مذكرته أنه فوجئ بصدور قرار تعيينه وزيرا للثقافة وهو في روما وبدون أن يعلم مسبقا.. ولذلك سارع للعودة للقاهرة ولقاء عبد الناصر للاعتذار عن هذا المنصب.. غير أن ناصر ظل خلال اللقاء يحاول إقناعه والضغط عليه للقبول..
ولكى يفلت عكاشة من هذه الضغوط والحرج طلب مهلة لإعادة التفكير.. وقد رحب ناصر بطلبه ولكنه وهو يودعه قال له: لقد صدر قرار جمهوري بتعيينك وزيرا للثقافة، وأرجو أن تدرك أن القرارات الجمهورية لا تتغير بالسرعة التي تتصورها.. وبذلك نبه ناصر عكاشة إلى أنه ليس أمامه سوى القبول وهكذا كل شيء له ثمن حتى ولو كانت السلطة!.. بل ربما كان ثمنها كبيرا!