رئيس التحرير
عصام كامل

والدة رابع الثانوية: «حملت الأنابيب على ظهري لأربي أولادي بالحلال.. وابني رفع راسي»

فيتو

داخل منزلها البسيط بقرية النطاف بمحافظة كفر الشيخ، جلست السيدة نبيهة عبد الفتاح الجبالي، والدة الطالب محمود محمد صبحي، الذي حصل حقق المركز الرابع مكرر على مستوى الجمهورية ضمن أوائل الثانوية العامة، تستقبل التهاني من جيرانها وأهل قريتها، توزع الابتسامات على الجميع، وترفع رأسها إلى السماء شاكرة المولى عز وجل على تفوق نجلها.


ذكريات طويلة، ومواقف لا تحصى استرجعتها أم محمود، تحملت فيها المسئولية كاملة عن تربية أولادها، بعدما مات زوجها وترك لها أسرة مكونة من 3 أطفال كانت هي الأب والأم لجميع أفرادها :«مرت عليا أيام كنت ببكي لأنى مش قادرة أطبخ أكل لولادي، ولا لاقية فلوس أصرف عليهم بيها، لكن الحمد لله ربنا قواني وقدرت أكمل المشوار وأعلمهم وأخليهم رجالة أتشرف بيهم قدام كل الناس».


علمت بنتيجة ابنى في الشارع وتمنيت أن يرى زوجى الله يرحمه ما حققته..
يوم إعلان نتيجة محمود كانت الأم في طريقها لتقديم أوراق نجلها الأصغر في المدرسة الثانوية: "عرفت بنتيجة محمود وأنا في الشارع، كنت رايحة أقدم لأخوه الصغير على المدرسة، ولقيت كل الناس بتباركلي وبيقولولى إن محمود نجح وحصل على مجموع كبير، وإنه طلع من العشرة الأوائل على الجمهورية، وقتها سجدت لله فرحا في الشارع لأن الله استجاب لدعائي وابنى رفع راسي قدام الناس كلها، ووقتها تمنيت أن يرى زوجى الراحل ما حققته مع أولادي بعد أن تركهم في سن صغير لأن وقت وفاة زوجى محمود ابنى كان عمره 4 سنوات فقط، وأخيه الأكبر في الصف الأول الابتدائي، بينما كان عمر ابني الأصغر 8 شهور فقط".

بكثير من الفخر تتحدث الأم السعيدة بتفوق ابنها عن رحلة معاناتها وكيف كان محمود يساعدها في بيع الأنابيب: "بعد أن رزقني الله بثلاثة أولاد ذكور ووفاة زوجى، أدركت أن أبنائي يحتاجون للخدمة والرعاية والمال وحنان الأب والأم، كل ذلك حاولت توفيره وحدى ومرت عليا أيام صعبة بكيت فيها لأنني كنت غير قادرة على تجهيز الطعام لهم، نظرًا لعملي كبائعة أنابيب الذي يستمر طوال اليوم وذلك كان يشعرني بالعجز والتقصير، وأذكر أحد المواقف التي لا أنساها ابدًا في أحد الليالي خرج معى ابنى محمود لإحضار الأنابيب من المستودع وكانت الساعة الثالثة صباحًا، والجو بارد للغاية ويومها بكيت لأنه طالب في الثانوية العامة ومن المفترض أن يجلس ليذاكر في البيت لا أن يتعرض لكل هذا الشقاء، ويومها وعدنى أنه سيفعل ما في وسعه لكي يغير حياتنا للأفضل وصدق".

بيع الأنابيب مهنة ترى أم محمود أنها وفرت لها ولأبنائها حياة كريمة، ومنعتهم ذل السؤال؛ لذلك تؤكد أنها ستستمر في عملها: "لن أتوقف عن حمل الأنابيب على ظهري وبيعها، لكي أستطيع استكمال تربية أبنائى بالحلال، وهم يقدرون ذلك تمامًا ولا يثقلون علي بمطالبهم، وأذكر أنني عندما كنت أعطي لمحمود فلوس كي يشتري تيشرت وبنطلون لنفسه، يأخذ ثمن تيشرت فقط ويقول لي: لن أشتريه الآن اتركيه للمرة القادمة فأنا أعلم بالظروف، فالحمد لله لقد علمت أبنائي جميعًا القناعة والرضا".

حفظ القرآن الكريم كان من أوائل الأمور التي حرصت الحاجة نبيهة على ذرعها في أطفالها الصغار وخصوصا محمود: "حرصت على أن يتعلم محمود القرآن الكريم ويحفظه عن ظهر قلب، حتى أنني كنت بسمعله القرآن وأنا بغسل المواعين على الحوض"، وفي أحد المرات ذهبنا لفرح أحد أقاربنا اخذنا المصحف معنا وسمعتله هناك في الفرح، لهذا الحد وأكثر كنت حريصه على أن يحفظ محمود القرآن الكريم".

تحقيق حلم ابنها في الالتحاق بالكلية التي يتمناها مطلب توجهت به ام محمود للمسئولين في الدولة:" اريد فقط مساعدة ابنى في الالتحاق بكلية مناسبة يحقق من خلالها ما يريد، واما بالنسبة لى فما تبقى من عمرى وجهدى وعرقى ودمى سأكرثه لأبنائى ما حييت"



الجريدة الرسمية