درعا.. منها خلقت ثورة سوريا وإليها عاد بشار الأسد
درعا.. عرفتها موسوعة ويكيبيديا، بأنها أقدم مدن بلاد الشام، ورد ذكرها في أشعار الجاهلية وصدر الإسلام، وفي الرسائل المكتشفة في مصر والتي تعود إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد، كما ذكرها ياقوت الحموي في معجمه.
المدينة التاريخية
وجدت فيها آثار إنسان ما قبل التاريخ بين الألف السادس والألف الرابع قبل الميلاد واتخذها العمالقة العموريون عاصمة لهم أيام مليكهم (عوج الجبّار) ملك (إقليم باشان)، عام 2250ق.م وحصّنوها بالأسوار والأبراج التي اندثرت في العصر الكنعاني، وعلا شأنها في العصر الآرامي، وجعلها الفرس مركز ولاية (مرزبانة) في عهد قورش، ثم صارت للسلوقيين اليونان في القرن الرابع قبل الميلاد، وانتقلت لحكم الأنباط خلال السنوات (90-106م)، ثم صارت جزءًا من الولاية العربية الرومانية بعد انتصار الرومان على الأنباط، فبنيت فيها المعابد والأسواق والمسارح والحمّامات والطرق المبلّطة وأقنية الريّ وأصبحت درعا سوقًا عربية مشهورة في العصر البيزنطي وزمن الغساسنة.
إلى أن حررها العرب المسلمون عام 13ـ/634م، ثم زارها الخليفة عمر بن الخطاب في طريقه إلى صلح الجابية وأمر ببناء الجامع العمري فيه.
بقيت تحت حكم دولة الخلافة الإسلامية حتى سقوط الدولة العثمانية وخضعت بعدها لحكم الفرنسيين وكان لها دور كبير فيما بعد في الثورة السورية ضد الفرنسيين حيث تحررت عام 1946 وعاشت كما المدن السورية عهود الانقلابات العسكرية والتي كان آخرها حكم بشار الأسد منذ عام 2000 م وكانت مهدًا للثورة السورية ضد نظام الأسد والتي اندلعت في 18 مارس 2011.
الربيع العربى
وعقب ثورتى تونس ومصر في 2011، انتشرت المُظاهرات في مختلف أنحاء سوريا، وكان أبرزها في درعا بعدما كتب أطفالها شعارات منددة للنظام على الجدران وتعرضوا لعمليات تعذيب وحشى على إثرها تضاربت حوله الروايات، وبالفعل انطلقت مظاهرات حاشدة شارك فيها عشرات الألوف احتجاجًا على الاعتقالات والقمع ورددوا هتافات تنادي بالحرية والكرامة وتندد بشخصيات متسلطة في الدولة وبرجل الأعمال رامي مخلوف ابن خال بشار الأسد ووصفوه باللص.
وقابل عناصر الأمن المظاهرات بإطلاق الرصاص الحي فقدمت حوران أولى شهداء الثورة السورية وهم حسام عياش ومحمود جوابرة وأيهم الحريري ومؤمن المسالمة الذي استشهد خنقًا بالغاز المسيل للدموع، وجرح العشرات.
شهد يوم الأربعاء 23 مارس 2011، قيام قوات الأمن باقتحام المسجد العمري عند الساعة الواحدة والنصف صباحًا وأطلقت النار على المُعتصمين داخله، ما أدى إلى سقوط 6 شهداء، كما اعتدت على سيارة إسعاف سقط على إثرها 4 شهداء بينهم شرطي فتوجه الآلاف من أهالي شمال درعا نحو المسجد العمري في المدينة احتجاجًا على اقتحامه، ووجهوا بالرصاص الحي وسقط منهم 3 شهداء، لتقدم درعا في ذاك اليوم 51 شهيدًا.
وأقيمت نقاط تفتيش في أنحاء المدينة والتي يحرسها قوات الأمن التي منعت سيارات الإسعاف من الاقتراب من المسجد العمري، وفي اليوم التالي انطلقت مظاهرات جديدة في أنحاء درعا لتشييع شهداء الأمس وجوبهت بالرصاص الحي وأعلن بشار الأسد إطلاق سراح جميع معتقلي مظاهرات درعا.
خريطة القوى
مدينة الأطفال الأبرياء –درعا- التي مثلت مهدا للثورة، تحولت إلى معقل للتنظيمات الإرهابية بمرور الأعوام، وانتزعت السيطرة في محافظة درعا بين ثلاث قوى، المناطق التابعة لسيطرة الدولة السورية والتي يسيطر عليها الجيش العربي السوري، والمناطق التي تسيطر عليها التنظيمات المتشددة كـ "جبهة النصرة" والتنظيمات المرتبطة بها وميليشيات "الجيش الحر" ودخل تنظيم "داعش" الإرهابى للحصول على حصته في كعكة المدينة المنكوبة.
معارك كثيرة دارت ودماء سالت على أرض مدينة تاريخية طاهرة، دفعت أرواح أبنائها ثمنا لمراهنة بين قوي إقليمية دخل في صراع محموم لاقتناص حصته في أرض سوريا، ووجد نظام عول على غشمه في شراء الولاء.
سيطرة بشار
اليوم وبعد أعوام الدم في درعا التي انطلقت منها ثورة سوريا، قالت قناة الإخبارية السورية الرسمية، إن مدينة درعا أصبحت محررة بالكامل.
وأضافت القناة السورية الرسمية أن وحدات من الجيش دخلت إلى منطقة درعا البلد ورفعت العلم في الساحة العامة أمام مبنى البريد.
ودخلت وحدات من الجيش السوري مدينة طفس بريف درعا الغربي وسط ترحيب كبير من الأهالي بعد انضمام المدينة إلى المصالحة وتسليم المسلحين أسلحتهم.
وأفادت وكالة "سانا" بأنه تم رفع العلم السوري فوق مبنى مجلس مدينة طفس شمال غرب مدينة درعا بنحو 13 كم بعد انضمامها إلى المصالحة وانتشار وحدات من الجيش فيها.
وفي تصريح للصحفيين، أكد محافظ درعا محمد خالد الهنوس، أن درعا تسير في الطريق الصحيح نحو إنهاء الوجود الإرهابي فيها.