رئيس التحرير
عصام كامل

«صنع في الصين» العمود الفقري للتنين الآسيوي.. التعاون مع العرب ضمن خطط التنمية.. مصانع بكين تنتج بضائع تغزو العالم.. تجار التجزئة يفوزون باقتصاد العمالة الرخيصة.. والعقوبات الأمريكية بلا فائ

فيتو

تسعى الصين منذ سنوات سابقة للصعود إلى مراتب متقدمة في الساحة الدولية خاصة اقتصاديا، وهو ما يدفعها لوضع خطط عميقة ربما يستمر تنفيذها لسنوات إلا أنها تؤتي ثمارها في نهاية المطاف ليصبح مصطلح "صنع في الصين" طاغيا على جميع البضائع حول العالم.


التعاون مع العرب

ضمن جهود الصين للنهوض والتنمية جاء التعاون مع العرب والذي تستضيف الصين لتحقيقه منتديا خاصا، غدا الثلاثاء، بمشاركة عدد كبير من قادة الدول العربية لتوطيد التعاون بين الصين والعرب وتحقيق نقلة نوعية بالعلاقات بينهما.

في عام 2016 أصدرت الصين وثيقة رسمية تتضمن ملامح خطتها للتعاون مع العرب وقعت بعدها اتفاقيات مع 22 دولة الأعضاء بجامعة الدول العربية في مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري والفني، حتى ارتفع حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية عند تأسيس المنتدى إلى أكثر من 191 مليار دولار أمريكي في عام 2017.

اقتصاد رأسمالي
وعملت الصين كثيرا لتوسيع انتشارها في العالم حتى باتت عبارة "صنع في الصين" مطبوعة على خلفية غالبية المنتجات التي يقبضها المواطنون بجميع أنحاء العالم في أيديهم، وذلك من خلال دفع أجور ضئيلة للعاملين بالمصانع الصينية والحصول على قدر إنتاجي كبير منهم في المقابل.

وأصبحت الصين اقتصاد رأسمالي متطور مدمج في السوق العالمية، بينما تبلغ أجور العمالة غير الماهرة في المصانع الصينية 100 دولار في الشهر، وهي نسبة ضئيلة من الحد الأدنى للأجور في الدول الغربية.
يصل سعر المصنع للسلعة المنتجة في الصين 10٪ من سعر التجزئة في الدول الغربية، وبالتالي، فإن الجزء الأكبر من أرباح اقتصاد العمالة الرخيصة في الصين يتراكم لدى الموزعين وتجار التجزئة في الدول الغربية.

ضرائب أمريكية

وفي التطورات الأخيرة، أصدر ترامب تعليماته لإدارته بفرض تعريفات على الواردات الصينية بقيمة 50 مليار دولار، وكان هدفه المعلن هو تقليل العجز التجاري مع الصين، ولكن ما لا يدركه ترامب هو أن العجز التجاري مع الصين يساهم في الحفاظ على اقتصاد التجزئة الأمريكي، كما أنه يساهم في نمو الناتج المحلي الإجمالي لأمريكا لأن العقوبات التجارية الموجهة ضد الصين سترد على الفور ضد أمريكا.

لا تعتمد الصين على واردات الولايات المتحدة، ولكن العكس صحيح، فأمريكا هي اقتصاد يقوده استيراد مع قاعدة صناعية وتصنيعية ضعيفة وتعتمد بشكل كبير على الواردات من الصين، وفي حال قررت الصين بعد تهديدات واشنطن الحد بشكل كبير من صادراتها "صنع في الصين" للسلع الأساسية إلى الولايات المتحدة، سيكون من المدمر للغاية حيث سيتسبب في تعطيل الاقتصاد الاستهلاكي، والفوضى الاقتصادية والمالية بأمريكا.

صنع في الصين

"صنع في الصين" هو العمود الفقري لتجارة التجزئة في الولايات المتحدة الأمريكية الذي يدعم استهلاك الأسر المعيشية في جميع فئات السلع الرئيسية تقريبا من الملابس والأحذية والأجهزة والالكترونيات ولعب الأطفال والمجوهرات والتركيبات المنزلية والمواد الغذائية وأجهزة التليفزيون والهواتف المحمولة.

ولذلك فإن الاستيراد من الصين هو عملية مربحة بملايين الدولارات، ويعتبر مصدر للربح والثروة الهائلة في الولايات المتحدة، لأن السلع الاستهلاكية المستوردة من اقتصاد الصين المنخفض الأجور غالبًا ما تباع على مستوى التجزئة أكثر من عشرة أضعاف سعر المصنع.

وتفوق التهديدات الأخيرة ضد الصين على تلك التي صيغت في عام 2017 فيما يتعلق بتجارة الصين مع كوريا الشمالية، ولكن صانعو السياسة الصينيون يدركون تمامًا أن الاقتصاد الأمريكي يعتمد بشكل كبير على "صنع في الصين".

ومع وجود سوق داخلية تضم أكثر من 1.4 مليار شخص، مقرونة بسوق تصدير عالمية، فإن هذه التهديدات المستترة من قبل الرئيس ترامب لن تؤخذ على محمل الجد في بكين.
الجريدة الرسمية